Saturday 16/11/2013 Issue 417 السبت 12 ,محرم 1435 العدد
16/11/2013

(كتابة الزاوية والمقالة وشروط النقد)

النقدُ: هذه الكلمة تعني أول ما تعني في بابها التي جُعلت له الاستعداد العقلي لمراد هذه: الكلمة.

ذلك أن النقد في أصله «موهبةٌ» وقدراتٌ زائدةٌ على معنى الفهم العام للعلم الشرعي سواء سياسة العبادات أو سياسة المعاملات كذلك الحال بالنسبة إلى: اللغة العربية، والنحو وعموم أنواع الأدب لاسيما أصوله دون الدَّخيلِ عليه.

فنقدُ يُرادُ بها: أَعطى وَوَهَبَ وبَذَلَ

ونَقَدَ: بيَّنَ وَوَضَّحَ

وَنَقَدَ: عَدَّ مِنْ العَّدَدِ

وَيَنتقَدُ: يُوبخُ،

وانتقادٌ: توبيخٌ.. وبيانٌ.. ومُعالجةٌ.

ولهذا كما قلت قبل ذلك إذا فُقد النقدُ الحرُّ الجيدُ فُقد العملُ الجيدُ دَوَنَ رَيْب وإذا حصل هذا يحصلُ فقهُ الدُّونِيات فتتم مُعالجة الفروع والكتابة عنها كلٌ يدُلي بدلوِهِ وكلهُم قد ترك الخَّللَ الحَّاصَل في الأصوِل.. وبهذا يتسنمُ النَّقدَ ويركبُه كلُ مَنْ هَبَّ وَدَبَّ، حتى لتجد الكاتب يكتبُ ويُناقشُ الآراء والأطروحاتِ فيجزمُ ويؤكّدُ ولَعَلَّه يسخرُ ممن يكتب عنه وكأنه قطع القَّطَع اليقيني أنّ صاحب ذلك الرأي (لا يدري ولا يدري أنه لا يدري)، وبهذا وله أيضاً ساد آمادُ الرَّأي وسَاْدَ التَّجهْيل فبقيت الساحةُ خاويةُ على عُروشِها،

مِنْ هُنا تنشأُ الجرأةُ الإنشائيةُ حتى ليظنَّها الظَّانُ.. خالي الوفاض.. أنها نقدٌ حرٌّ نزيهٌ مُتكاملُ الأركان وفاقدُ الشيء لا يعطيه ولا يمكن أن يكون هذا بحال.

وإذا كان/ النَّقدُ/ حسبَ مَعَاييرِ.. معاجم اللغة.. وتصاريف الألفاظ تعني معنى غير ما يفهمه عامةُ الكتبة/ اليوم/ فإنَّ هُناكَ مَنْ يُطلقُ النَّقدَ على كلِّ مَنْ يُجري النَّقدَ على الآراء والأشخاص بجرأةٍ ووقاحةٍ وثقةٍ تحسبُها ثقةً وما هي بِذَاك ولا بنت عمه ولا خاله أو خالته.

أَلَمْ أقُلْ قبلاً بأن فاقد الشَّيء لا يُعطيه هُناك جزماً أمور لعله من الضروري ذكرها والكتابة عن النقد فمن ذلك/ أمور لا بد من تحصيلها منها:

1- قوة العبارة بمعناها.

2- استيعاب المراد نظرُهُ.

3- التحرّر من الإملاءات.

4- حسن الألفاظ.

5- قوة رد الحجة بروية.

6- البعد عن العصبية.

7- قوة الفهم وسعة المدارك.

8- البَّعُدُ جداً عن السُّخريةِ.

9- خطورةُ التَّجهيلِ للآخر.

10- ترك بعث: النوايا.

11- فَتحُ خط الرَّجعةِ.

12- عدم الميل لحب نصرة الذَّاتِ.

13- تعقيدُ وتأصيلُ: المسألة.

هُناك لعله يكون بوادرٌ تحمي صفوَهُ أن يُكدرَ، هُناكَ لعلَّهُ يَكُونُ المدَّخلُ إلى: النَّقدِ والحومانِ حولهُ حتى يتم الأخذُ به على وتيرةٍ تجلبُ الآراءِ النِّيرة والنظرياتِ الجديدةِ والنتائج المبَّهُرةِ دُونَ ريبٍ في هذا، وهذا كلهُ يُدْرَكُ في حالاتٍ منها شِدَّة الحرصِ على تلمُسِ الحق لإيصاله إلى طالبه ليكون على بيِّنة من ذلك في حياته لاسيما وكلٌّ ينشدُ هذا ويبتغي إليه السبيل القويم.

ولعل من الضروري في حال تحصيل النقد الصحيح لكل عمل مهم يحتاجه الناس أن يكون النقد قد اتصف صاحبه بما ذكرته.. الآن.. لكن ذلك كله يحتاج إلى أن يَعَلَم مَن يدخُلُ هذا.. الباب.. أن يُلمَ بكل صورةٍ مما يُريدُ نظرها تحليلاً ونقداً كل ذلك بعيداً عن العجلة، بل التَّروّي والسَّكينةِ وسعةِ البطان ونِشَدان الحق حتى وإن كان العملُ أو الرّأيُ لا يتفقُ هذا وذاك مع ما تميل إليه أنت لاسيما في هذا «الحين» الذي ظهرت فيه إيدلوجياتٌ ونظرياتٌ قد ينظرُ الكاتبُ أو الباحثُ أو الناقدُ من خلالها فيضيعُ وسط أناسٍ كثيرٍ منهم يعون ويدركون.. خاصة.. أُولئك الذين يتابعون من هُنا وهُناك وهم يدعون الحال التاريخية تحكم.. لهم أو عليهم».

هذا من جانب،

ومن جانب آخر فليس بكثرة الكلام والجرأةِ وتلمُسِ الأخطأ وليس بفرض الرأي ليس بهذا وذاك يكون الناقدُ أو الكاتبُ عظيماً، لكني لمستُ صورةً حيال هذا الزخم من: الزوايا.. والمقالات التي تظهُرُ.. تباعاً.. هذه الصورة تُشكلُ مُنعطفاً فيسلوجياً مريراً فإن الكاتب لمقالٍ ما أو زاويةٍ ما فيما لا تتم مناقشتُه أو الرد عليه أو الملاحظة حول ما كتبه أو رآه فإنه قد يستسمن نفسه ويتورمُ فنخالُ أنه ضرب بالحقِ وقال به وبه يعدلُ بينما هذا المسكين يُتركُ وشأنه لأنه يُغردُ خارِج سِرّبِ المنطقِ وبعيداً عن إبداعاتِ نِشْدانٍ للحق وللحق.

ومن هنا قد يُعجبُ بنفسه ويتمادى وهذه صورةٌ «مرضيةٌ نفسيةٌ» أدركتها من خلال ما يُعرضُ عليَّ وتتمُ مُناقشته في (المجلس العلمي الخاص)، أوْ مِن خلال مُناقشتي الأخوية (هاتفياً) لبعض الكتّابِ الذين يتحمّلون (لقافة).. صالح اللحيدان.. ثُمَ هُم بعد حينٍ يُقرون سراعاً سِراعاً بتحليلي لما كتبوه ولو في أطرافٍ منهُ قالوا: إنهم إنما كتبوا ما كتبوا وهم في حالِ شدةِ استجابة مُلحةٍ نفسيةٍ لِظاهرةِ ما.. أو رأيٍ ما.. أو نظريةٍ ما،.

هذا كلُه يدعو إلى معرفةِ المرءِ قَدْرَ آلياتِه وإمكانياتِهِ بصرفِ النظرَ عَمْنْ يُطبلُ له أو يُثني عليه،

.. هُناكَ.. فقط فقط أُدركُ ويُدركُ غيرِي المَّرادَ بشرطِ أَو شُروطِ النَّقْدِ.

- الرياض