Saturday 16/11/2013 Issue 417 السبت 12 ,محرم 1435 العدد
16/11/2013

هل الدين تغير؟

هاشتاق: «كان حرام وصار حلال» كان حاضرا في الأيام المنصرمة وتم تداوله على نطاق واسع وكان هناك طيف كبير من التغريدات بدت وكنتيجة لتواضع المحصول الفقهي متفاجئة حينا ومتوجسة حينا آخر من جملة من الأحكام الفقهية التي ظهرت مؤخرا وبدت ذات طابع انفتاحي مما دفع ببعض المغردين إلى الجهر بسؤال يتعذر افتراض البراءة في تفسيره في كل الأحوال هذا السؤال هو من قبيل: هل الدين تغير؟!، هل نحن بصدد دين جديد بدأ يتشكل؟! وأيا كانت صيغة السؤال وبغض النظر عن دوافع إيراده وبغض النظر أيضا عن مدى موضوعية الفتاوى محل التساؤل فإنه لا بد من التأكيد على أن ثمة بواعث عديدة لظهور مثل تلك المشاعر المكتنزة بالدهشة والاستغراب يأتي من أبرز ذلك أنه في فترة مضت كان ثمة لجوء مفرط – في كثير من صوره - إلى الاحتياط وقد طغت تلك النزعة على المسلك الفقهي في بعض مظاهره وفي برهة خلت مما آل إلى انكماش الحالة الفقهية وصعوبة استيعابها لملابسات الواقع وأسئلة اللحظة البالغة التعقيد والمتنوعة على نحو يفوق التصور.

استدعاء الأحوط قد يكون له مبرراته حينما يكون ثمة قدر من الالتباس في منطوق الدليل أو عدم الإحاطة بمفهومه على نحو يورث قدرا من التردد الذي يعيق الفقيه عن اقتناص المعنى فهذا مفهوم في حدود سياقه أما المبالغة في اعتماد الأحوط كديدن فقهي وإهدار القيمة العلمية للرأي المغاير وهيمنة ذلك المنحى على أداء الفقيه فإنه يفضي إلى مضاعفة وظيفة المكلف وتحميله مسؤوليات إضافية والتشديد عليه في مواضع السعة الأمر الذي يعني إرباك الواقع وعرقلة نموه ناهيك عن خلق نمط من الذهنية التحريمية التي لا تستند إلى حقائق دلالية بقدر ما هي أسيرة لأبعاد ذاتية الملمح بيئية الصنع!

على الصعيد الشخصي بوسعك كفقيه أن تصطفي القول الأحوط بوصف ذلك سلوكا ينسجم وطبيعة ماهية المحددات الجوهرية في بنائك الذاتي العام لكن ليس من حقك إلزام الآخرين به وإخضاعهم له واعتباره مقياسا معياريا لابتلاء مصداقية الإيمان.

إلزام المكلف بالأحوط يفضي إلى إيقاعه في شدة وضيق يتعسر إزاءها امتثال التكليف من جهة وتتنافى مع ما يهدف إليه التشريع من الرحمة بالعبد وإزاحة الثقل عن كاهله من جهة أخرى.

أكرر مرة أخرى: الحاجة للأحوط لا تنكر في موارد عدم جلاء الدلالة وعدم نصاعة المدلول وصفاء الرؤية لكن إبان توفر مكونات الحكم واتضاح حيثيات الرؤية مع استصحاب ضوابط الاختيار ومحددات الترجيح فهنا لا مناص من خيار التيسير المدلل حتى لا تكون الأحكام الاجتهادية عائقا يربك نشاط المكلف هذا فضلا عن ضخه لشبكة من الإيحاءات السالبة في المزاج الشعبي العام.

- بريـدة **** Abdalla_2015@hotmail.com