Saturday 16/11/2013 Issue 417 السبت 12 ,محرم 1435 العدد
16/11/2013

خلف سرحان في قصص مترجمة: «وقال: نسوة» نماذج قصصية مترجمة لأعمال عالمية

عُني الكاتب والأديب خلف سرحان القرشي بترجمة عمل قصصي استنبطه من خيرة أعمال سردية عالمية يرى أنها يمكن أن تكون إضافة للقارئ العربي من خلال هذه الترجمة، وقد وسم القرشي المجموعة بعنوان «وقال نسوة» بغية إيضاح أنه اختار نماذج قصصية عالمية يتناول فيه حياة المرأة في تلك المرحلة من حقب أوربا قبل عقود، لتدور هذه النصوص حول هذا المفهوم.

وقد اعتمد المترجم في هذه النصوص القصصية ـ كما أشار في المقدمة ـ على ما لدى القارئ العربي من أفكار وتأملات حول ليالي القص وتطاول حكايات النساء وغرائبيات ما تواتر من مقولات منذ ألف ليلة وليلة إلى ما سواها من أعمال حتى وصل إلى بؤرة الرؤية في العمل الغربي الذي بات يمتاح من تجربة «شهرزاد» و»شهريار» ونماذج أخرى في ذات المضمون وعلى هذا المضمار.

ففي القصة الأولى «أحقا مات» للكاتب الإيطالي لويجي بيرنديللو التي استهل فيها المترجم المجموعة ببناء سردي عتيق يعتمد على الحكاية بشكل واضح نظرا للحقبة التي عاش فيها هذا الكاتب حيث تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر.. تلك النماذج القصصية التي تميل في الغالب الأعم إلى الشرح والإطناب في وصف الشخوص على نحو ركاب تلك المحطة الصغيرة لقطار قديم بين مدن إيطالية.

فالقصة تتهادى بشكل بسيط وعفوي وكأن الراوي يمارس ثقافة التأمل والاستطراد في شرح معاناة الشخوص على نحو يؤكد أنها معاناة المسحوقين والمعدمين، أما من يتأمل النقاش أو الحوار بين الشخصيات فإنه سيدرك أنها لعبة فنية عني فيها المؤلف، من أجل أن يسلط الضوء على معاناة أهل الريف حينما يقحمون في مشاكل المدن وأهلها، وهذا ملمح مهم قد نتأمله حتى في هذا الزمن.

فحينما نجد أن هناك خلافا لا بد أن ينشأ في صلب الحوار الحضاري بين بيئة المدن والريف التي لا تتكافأ ـ عادة ـ الكفتين أبدا، مما يحتم أن يكون هناك طرف ما هو أقل في هذه المعادلة الإنسانية وهذا ما قدمه المؤلف في هذه الحكاية الحوارية في زمن القصة التقليدية التي تتكئ على الحكاية وتتمدد في عرض طريق السرد وهذا شأن مرحلة البدايات الفنية للقصة القصيرة في أوربا على وجه التحديد.

والقصة الثانية «الآنسة بريل» للكاتبة الانجليزية «كاثرين مانسفيد» لا تخرج عن مضمون القصة الأولى من حيث العمل على بناء حكاية تعمد إلى التفاصيل الصغيرة التي تتفاعل، لتكون للقارئ هذه الرؤية عن زمن تسكنه البساطة والبدائية التي كانت بالأصل حالة معتادة في ذلك الزمن، لتخرج هذه القصة من مفهومها الخاص لامرأة معذبة وحزينة إلى عالم آخر يستطيع أن يشاركها تفاصيل حياتها من أجل أن تكون متوازنة في سلوك الطرح ومنبئة عن حالة من البوح المتوائم بغية الوصول إلى حقيقة مفادها أن الزمن واعد في التحول منذ ما يزيد على قرن من الزمن حيث كتبت هذه القصة.

ما تلا من قصص في هذه المجموعة يسير على هذا المنوال الذي اختطه المترجم لعمله القصص مبينا الفكرة التي بنى عليها اختياره للنصوص التي تدور حول هموم المرأة في ذلك الزمن وفي تلك المنطقة الجغرافية من عالم كان في تلك الحقب يشهد الكثير من التحولات، بل إن المترجم القرشي كان متيقنا بأن ما انتقاه من هذه النماذج يصلح لأن يكون حالة تعريفية تشي بتحول الفن القصصي الذي خرج من كونه مجرد حكاية مكتوبة إلى عمل فني احترافي تجد فيه عناصر الكتابة القصصية المعتمدة على فضاء المكان وحالة الزمان والفكرة والأحداث واللغة لأنها بحق هي النقلة النوعية للفن القصصي في العصر الحديث.

أثبت المترجم في نهاية كل قصة نبذة موجزة عن الكاتب تشي بما قدمه من أعمال وما واجهه من مصاعب ومعوقات إنسانية ولا سيما وان العمل الأدبي غالبا ما يواجه صاحبه الكثير من المعاناة، لتكون حافزا له كي يقدم إبداعا مختلفا، فالمعاناة هي من تلد التجارب القوية والمؤثرة.

فهذه الإضمامة من الحكايات أو القصص لا شك أنها إضافة نوعية لمن يريد تتبع الحالة الإنسانية للمجتمع في البيئة الأوربية قبل عقود، وكذلك التعرف على لون فني ظل يتشكل على يدي هؤلاء الكتاب الذين انغمسوا في معاناتهم ليخرجوا بهذه الطرف والصور والمشاهد المعبرة، إذ استطاع المترجم خلف القرشي أن يقف بنا على حقيقة هذا العالم وما فيه من تحولات وقيم.

 

** ** **

إشارة:

* وقال نسوة (قصص مترجمة)

* خلف سرحان القرشي

* نصوص قصصية لعدد من الكتاب في اوربا وأمريكا

* تقع المجموعة في نحو(104صفحات)

* دار الانتشار العربي ـ بيروت ـ2012م