Culture Magazine Saturday  14/09/2013 G Issue 411
عدد خاص
السبت 8 ,ذو القعدة 1434   العدد  411
 
تعلّمنا من أدبك وبعد نظرك
د. زهير أحمد السباعي

 

كان أول لقاء لي مع معالي الشيخ جميل الحجيلان يوم أن تولى في بداية السبعينات الميلادية وزارة الصحة خلفاً للمرحوم الشيخ حسن آل الشيخ. ذهبت للسلام عليه مع بعض موظفي الوزارة وكنت يومها مديراً للتخطيط والبرامج والميزانية. وعندما أخذنا في الانصراف من مكتبه استبقاني وبعد حديث قصير طلب مني أن أتولى إعداد وتقديم برنامج الطب والحياة وكان وراء ذلك قصة عرفتها فيما بعد.

قبل ذلك بشهور جاء وفد طبي فرنسي في زيارة إلى المملكة لتفقد الأحوال الصحية برئاسة الدكتور موريس بكاي مؤلف كتاب «القرآن والإنجيل والعلم» والذي أشهر إسلامه فيما بعد. كلفت بمرافقة الوفد حيث التقينا بالمغفور له -بإذن الله- الملك فيصل بن عبدالعزيز وكبار المسؤولين في مختلف الوزارات.

استضاف المذيع ماجد الشبل أعضاء الوفد في برنامج تلفزيوني, وسأل ماجد الضيوف عن مرض البلهارسيا وأماكن تواجدها في المملكة وكانت البلهارسيا موضع اهتمامي آنذاك. أحال الضيوف السؤال علي فقمت أشرح على خريطة في الأستوديو مواطن البلهارسيا في المملكة. شاهد الشيخ جميل البرنامج وهو وزير للإعلام. وعندما انتقل وزيراً للصحة طلب مني إعداد وتقديم البرنامج الصحي «الطب والحياة».

موقف آخر لي مع الشيخ جميل ما زلت أذكره. كنا في اجتماع برئاسته في الوزارة. وكان لي رأي مخالف لرأيه. وفي فورة الشباب اندفعت أقول إن مشكلتي يا معالي الوزير هي أن زهير السباعي الموظف يناقش جميل الحجيلان الوزير.

ابتسم الشيخ جميل بأبوة حانية وقال لي .. قل لي وجهة نظرك يا بني فأنا مستمع لك.

قلت: المشكلة يا معالي الوزير هي في مركزية القرار في الوزارة. أتعلم معاليك أن بعض المرضى من المنطقة الشرقية يذهبون إلى البحرين طلباً للعلاج في مستشفياتها (كان ذلك قبل أكثر من 30 سنة) في حين أن البحرين حجمها وعدد سكانها أقل من أي مديرية شؤون صحية في المملكة. ولو تسنى لكل مدير شؤون صحية في المملكة أن تكون له صلاحية الوزير في منطقته وبالتالي تكون له ميزانية مستقلة يصرف منها على الخدمات الصحية بالتعاون مع نخبة من أفراد المجتمع، على أن تخصص لمنطقته ميزانية يصبح مسؤولاً عنها ويحاسب عليها لارتفع مستوى الخدمات الصحية في المملكة ولقضينا على كثير من المشاكل التي نواجهها.

ابتسم الشيخ جميل ولم يجب. لربما رأى يومذاك أن الأوان لم يئن بعد لمثل هذا الإجراء.

الغريب أن فورة الشباب يومذاك لم تغيرها حكمة الشيوخ اليوم. ما زلت أرى أن قطاع الصحة الذي يتصل بأهم مقومات الحياة لا بد له من أجل أن يتطور أن تعطي المسؤولية فيه لكل مدير شؤون صحية لكي يدير شؤون منطقته بصلاحيات واسعة. ويقرر له ميزانية يصرف منها ويحاسب عليها. وهذا ما يحدث في كثير من الدول المتقدمة اقتصاديا وصناعياً.

معالي الشيخ جميل الحجيلان. لقد تعلمنا من أدبك وبعد نظرك وحسن إدارتك وأنت وزير للصحة الشيء الكثير. وكم أتمنى أن تثرينا بالمزيد من ذكرياتك وتجربتك في الحياة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة