Culture Magazine Saturday  14/09/2013 G Issue 411
عدد خاص
السبت 8 ,ذو القعدة 1434   العدد  411
 
رجل دولة من طراز فريد
د. سعيد رباح

 

كان الشيخ جميل الحجيلان - حفظه الله - من أفضل من رأيت وزيرا للصحة، خارق الصفات متواضعا يستمع لآراء الآخرين، مهذبا معطاء.. وأعتقد أنه لو هُيّئ له البقاء في الوزارة لغيّر أشياء كثيرة فيها وتقدمت الوزارة للأفضل. كان إذا أراد مشروعا لا يقره بنفسه بل يجمعنا نحن مديري الشؤون الصحية وأعضاء الوزارة ويقول لنا «أقنعوني بمشروعكم وأنا سوف آتي به من مجلس الوزراء غدا».

لم يكن متشبثا بآرائه؛ فكان عظيما ورجل دولة من طراز فريد.

كنت -يوماً- في إجازة، وكان هناك مشاريع لمستشفيات عامة: مئة ومئتان وخمسمئة سرير، ناقشها مع أعضاء الوزارة والمختصين لمدة شهر ونصف الشهر، واتفقوا على الرسومات والخرائط، وحينما عدت من الإجازة كان بقي على توقيع العقود في لندن يومان، فانتهز الفرصة وناداني وقال لي «لا أريد أن أوقع العقود دون رأيك»، فقلت له «إن ذلك سوف يستغرق وقتا طويلا» قال «ليس لديّ متسع من الوقت أرجو عمل جهدك لإعلامي بمرئياتك»، فقلت له على ملاحظات مهمة على مستشفى خمسمئة سرير، لو كان لكل سرير زائران فهناك ألف سيارة غير سيارات الموظفين والأطباء، وهذا يشكّل ازدحاما كبيرا، ثم إن العيادات والمستشفى لها مدخل واحد؛ فهناك نحو من ألف إلى ثلاثة آلاف مراجع مع سياراتهم؛ فالأفضل أن تفصل بوابة المستشفى عن بوابة العيادات؛ فأخذ برأيي مباشرة.

أذكر أنه رفع د. سراج ملائكة - حفظه الله - إلى المرتبة الثانية عشرة، وأنا كنت في الحادية عشرة؛ فذهبت للملك فهد - رحمه الله - وكان وزيرا للداخلية؛ فأعلمته بالأمر؛ فأخذ ورقة صغيرة وكتب عليها: الأخ الشيخ جميل، آمل جلب معاملة د. سعيد رباح وسأنهيها في مجلس الوزراء هذا اليوم إن شاء الله.

قال لي الشيخ جميل «لا تحرجني يا دكتور سعيد، وثق بي من رجل لرجل أنني سأعمل على ذلك في السنة القادمة»، وكان عند وعده كرجل.

لقد كان الشيخ الحجيلان رجل دولة، وكان عظيما ومنطقيا وخلوقا ومتواضعا، كان كذلك في السفارة السعودية في باريس؛ فقد شغل هذا المنصب لمدة ما يقارب عشرين سنة، وكنت إذا زرته في مكتبه في السفارة يودعني حتى باب مكتبه - حفظه الله -، وكان يتكلم بطلاقة العربية الفصحى والفرنسية والإنجليزية.

أود أن أجزم بأنه رجل عظيم خلوق معطاء يستمع إلى آراء الآخرين، وإذا اقتنع منهم تنازل عن أفكاره. لقد كان وزيرا ناجحا وشخصا شامخا.

مدير مستشفى الملك سعود المركزي بالرياض سابقا

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة