Culture Magazine Saturday  14/09/2013 G Issue 411
عدد خاص
السبت 8 ,ذو القعدة 1434   العدد  411
 
الحجيلان والجاسر: تاريخ مشترك
معن بن حمد الجاسر

 

لا أظنني الوحيد، ولا الأول أو الأخير، الذي كلما مر ذكر جميل الحجيلان، أو قابلته، تخيلت الإعلام متجسداً في صورته وشخصه؛ ذلك أنه بحق أبو الإعلام السعودي الحديث، ومؤسس مدرسته.

لكن للحجيلان، الذي تحتفي ندوة (الخميسية) بحضوره بين الحين والحين، والذي لا ينفك يسأل ويتابع مسيرة مركز حمد الجاسر الثقافي، ويحرص على حضور مناسباته، يعني بالنسبة لي أمراً آخر؛ ذلك أن جزءاً معتبراً من تاريخ والدي الصحفي قد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بتلك الفترة التي تولى فيها الحجيلان وزارة الإعلام.

فمن المعروف أنه تولى حقيبة الإعلام على فترتين، كانت الأولى منهما مديراً عاماً لما كان يُعرف بالمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر 1381هـ - 1961م، وكانت صحيفة اليمامة قد انتُزعت حينها من والدي (مؤسسها) ومُنحت لآخر، ولم يكن للحجيلان يد في ذلك الإجراء، ثم عاد الحجيلان للإعلام بعد عام؛ ليصبح أول وزير له، 1382هـ - 1963م؛ ليقود حركة تطويرية شملت كل قطاعاته، وكان نصيب الصحافة من ذلك أن قلب تكوينها رأساً على عقب، حينما استصدر قراراً من مجلس الوزراء سحبت الحكومة بموجبه كل الامتيازات الفردية للصحف، وأبدلت بتراخيص جديدة، أخذت شكل المؤسسات (الشركات) الأهلية، وهو أمر لم يلاقِ ارتياحاً من أصحابها الأصليين، لكنه - بحق - كان إجراءً حمل الكثير من الإيجابيات، ووضع الصحف على مدرج التطوير، لكنه لم يخلُ من السلبيات.

وقد أدركت الوزارة أن النظام الجديد كان محل امتعاض قدامى الرواد، من أمثال حمد الجاسر وعبدالله بن خميس وعثمان حافظ، لكنها اختارتهم من جديد لقيادة التكوينات الجديدة، فكان من نصيب والدي أن شكّل المجموعة التي أنشأت مؤسسة اليمامة الصحفية، مما لا يتسع المقام للتفصيل فيه.

لكن والدي، الذي لم يستطع التكيف مع الوضع الجديد، بقي يحنُّ لإنشاء دار نشر متكاملة، تسير وفق تطلعاته العلمية وتوجيهه وتوجهاته البحثية، بعد أن ملّ العمل الصحفي التقليدي الذي جرّ عليه المنغصات، وتسبّب في هجرته الطوعية إلى لبنان، يتوجه هذه المرة إلى تقدير الملك فيصل له، الذي يوحي إلى الحجيلان بأن يحقق للجاسر ما يريد بإنشاء دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر ومجلة العرب التي تُعنى بتاريخ العرب ولغتهم وتراثهم الفكري. وهنا يهدأ خاطره، وتعود إليه طمأنينته، ويوجه اهتماماته نحو البحث والتأليف، ويعود إلى وطنه محاطاً بما يستحقه من التبجيل لشخصه والتقدير لعلمه، وليشهد النصف الثاني من عمره مرحلة أسرية وعلمية مليئة بالحب والعطاء.

الشيخ الحجيلان، الذي كان يكنّ لوالدي تقديراً كبيراً لمكانته العلمية، ويحرص - كما سلف - على متابعة تطور مؤسسة حمد الجاسر الخيرية ومركزه الثقافي، ويحضر مناسباتها، كان كثيراً ما يستذكر الدور الريادي والصحفي لحمد الجاسر، وما زلت أذكر تلك الزيارة التي خصه بها بعد أن أصبح الحجيلان مقيماً في الرياض أميناً لمجلس التعاون، فكان والدي بصراحته المعهودة يذكره بالانتقاد الوحيد لفترة توليه الوزارة، وهو إصدار نظام المؤسسات الصحفية، مثنياً في الوقت نفسه على إبداعات الحجيلان في تطوير الإعلام بوجه عام.

إنها لوحة موجزة لتاريخ مشترك، اجتمع فيه حمد الجاسر وجميل الحجيلان على حب الوطن، والولاء الصادق لقيادته، وعلى سمات متوافقة من الحرص على تنوير المجتمع ونهضة شبابه.

حفظ الله جميل الحجيلان، ومتعه بالصحة والعافية، ورحم الله حمد الجاسر، وأثابه على ما قدَّم.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة