Culture Magazine Saturday  14/09/2013 G Issue 411
عدد خاص
السبت 8 ,ذو القعدة 1434   العدد  411
 
الكبير
إبراهيم بن عبدالرحمن التركي

 

** ليس أجملَ من التعامل مع الكبار؛ ثراءُ عقلٍ ومددُ روح، ويأسفُ من يقترب عن عمرٍ اغترب فلم يمتدَّ بمعرفتهم؛ هيبةً من بابٍ يوصد أو انشغالًا بيومٍ يوأد، وكان الباب مشرعًا وبقي اليومُ مترعًا فلا عذرَ ولا عذير.

**لم يعِ جيلنا مرحلتيه الوزاريتين الثريتين اللتين غادرهما ولم نكد نبلغُ الحلم، ووعينا مابعدهما وقرأنا عنه ومنه حقبةَ التأسيس والمأسسة في مرحلةٍ هي الأصعب ورحلةٍ هي الأتعب، ويكفي أن يستوزرَه «سعود وفيصل» في فترةٍ قلقةٍ ملأتها الأنواءُ والأهواء والعواصف والعواطف والمقاومة والتحديات وإعلامٌ يتكون وآخرُ يتلون ومصالحُ فرديةٌ وتوجهاتٌ تنظيميةٌ وإمكانات محدودة وتطلعاتٌ ممدودة، وحين تصدر مذكراته التي أكملها أو أوشك سنعلم كيف عبر جميل الحجيلان فوق التناقضات متجاوزًا الرفض ومحاورًا الفرض ورائدًا ابتدأ وسيظل.

** وحين اقترب صاحبكم من دائرته لم يجده متصدرًا المكان مُدِلًا بالمكانة بل هو الأقلُّ حديثًا والأنأى مقعدًا والأكثر إصغاءً، وكذا نتعلم من الكبار في صمتهم كما صوتهم ومن قولهم ومعه فعلُهم ومن تواريهم مثلما حضورهم ، ومع شيخنا أبي عماد تتمثل قيمٌ جميلة حكى عن بعضها صاحبكم ذاتَ إمضاء فكتب:

****

** (يحب الصمت وهو متحدث، ويعشق الظل داخل الأضواء، ويشار إليه فينأى بتواضعه، مؤمناً بأن التاريخ لا يحتاجُ إلى إعلان، وأن الإعلام مرحلة تمر أما الإنجاز فرحلة تستقر.

** أجيال اكتهل بعضُها لم تعرفه إلا سفيراً وأميناً لمجلس التعاون، وهما عملان يغيب داخلهما التميّز، وربما تعادلت كفتا القادر والعاثر؛ لتبقى مسؤولياته الإعلامية منذ أن كان مديراً عاماً للإذاعة والصحافة والنشر ثم وزيراً للإعلام شاهداً على كفاءته التخطيطية والاستشرافية، وشجاعته القولية والفعلية، ومرونته الإدارية، وتعامله الإنساني.

** كثيرون لم يشهدوا مرحلته، أو لم يعوها، غير أنهم عرفوا أن في زمنه تم إدخال التلفزيون، وإقرار نظام المؤسسات الصحفية، ومشاركة المرأة شكلاً ومعنى.

** جميل بن إبراهيم الحجيلان الذي يعود أصله إلى مدينة بريدة تخرج حقوقياً من القاهرة عام 1950م، وهو أول وزير للإعلام 1963-1970م، كما هو أول سفير لدى الكويت 1961م، وقد جمع بين وزارتي الصحة والإعلام، وفي عام 1970م تفرغ لوزارة الصحة حتى عام 1974م، ثم انتقل للعمل الدبلوماسي، سفيراً في ألمانيا، ففرنسا عشرين عاماً، وأميناً لمجلس التعاون ستة أعوام، وسيرة خصبة ممتدة نصف قرن جديرة بالتسجيل، وبخاصة أن مراحل التأسيس الأولى تشهدُ كثيراً من الالتواءات والانحناءات والتحويلات والارتدادات والإشكالات وربما الدموع مع الابتسامات.

لنا حق على الشيخ جميل أن يكتب سجله العمليّ الخاص بشفافية ومباشرة، فأربعون عاماً مضت على مغادرته وزارة الإعلام كفيلةٌ بأن تجعل قراءة ملفاتها مباحة ومتاحة، ولعله يحدثنا عما سمعناه عنه من قوة تصل حد القسوة، ولين يبلغ درجة المحبة، وجرأة جعلته يخترق التابوهات، ومتابعةٍ ألغى بها بعض الحريّات، ونظرة إلى الحياة تأتي بالألوان حيناً وبالأبيض والأسود أحياناً.

حين انتقلت (الجزيرة) لمبناها الحالي عام 1417هـ كان الشيخ جميل هو المتحدث الرئيس في احتفالها (Keynote Speaker)، ورغم طوال الكلمة فقد شدّ الأسماع، وامتاز بالإبداع مع الإمتاع، وجاء صوتُه كما أسلوبُه مشيراً إلى أديب شغلته الإدارة، وإلى إداري يشتاقُه الأدب، ولو فرغ (أبو عماد) للكتابة - كما يفعل بين آن وآن - لقرأنا فيه نموذجاً قلما يتكرر للمثقف المسكون بالوعي والتنوير).

                                            (آن للصامت أن ينطق 12-3-2009م)

** من هنا ابتدأت علاقة صاحبكم بشيخه ، وبها صدَّق الخَبَرُ الخُبرّ فرآه في عليائه وأيقن أكثر أن الكبير يبقى كبيرا.

 
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6745 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة