الثقافية - خلود العيدان
ما بين اعتباره أحد الفنون البصرية وتقييده بمسمى تخريب، وما بين الدفاع عنه والهجوم عليه، سنجده في نسخته السعودية لا يزال تحت خط التصنيف. الجرافيتي Graffiti أو مايعرف بالكتابة والرسم على الجدران ليس مجرد ملء لمساحة فارغة، بل يحمل ضمنياً أو صراحة فكرة الفنان الذي بخطوطه وألوانه قد نجد رسائل ثقافية، اجتماعية وسياسية. وكونه يحدث دون إذن مسبق يجعل منفذه عرضة للمساءلة بغض النظر عن المضمون حتى وإن كان اسماً أو عبارة محايدة كما نشاهد أحياناً. وحسب ما كُتب عنه في الموسوعة الحرة فإن بدايته الحقيقية كانت في أيام الحضارة الفرعونية، الإغريقية والرومانية، بينما نشأ فن الجرافيتي الحديث في ستينيات القرن الماضي بإلهام من موسيقى الهيب هوب.
والمتابع للفن المصاحب للثورات العربية، سيجد أن للجرافيتي حضوراً لافتاً ابتداء بالشرارة الأولى ومروراً بمصر وعدة بلدان عربية وانتهاء بسوريا التي ما زالت تتنفس ثورتها، فوفقاً لما كتب في (الأصوات العالمية) فإن إحدى رسومات الجرافيتي الشّهيرة في درعا أدت إلى اعتقال 15 طفلاً على الأقلّ بتهمة كتابة جرافيتي مناهض للنّظام على جدران مدرسة. بينما في مصر ولكون الجرافيتي غير ثابت ولا يأمن مشجعوه عدم إزالته، اهتم بعض المصورين الفوتوغرافيين بتصوير الجداريات التي ظهرت منذ اندلاع ثورة يناير وبذلك تم توثيق بعضها وأصبحت مادة بحثية ونشر عنها مؤلفات، منها على سبيل المثال الكتاب التوثيقي (أرض أرض.. حكاية ثورة الجرافيتي) للقصاص والمصور الفوتوغرافي شريف عبدالمجيد بحسب ما ورد في (جداريات محمد محمود) بالموسوعة الحرة.
وبالعودة إلى الجرافيتي السعودي، فالرسومات أخذت عدة اتجاهات منها ما هو اجتماعي ومنها ما كان دينياً، وتنوعت بين الكتابة بالإنجليزية والعربية، وللأخيرة لا شك رونقها كونها تجمع بين الطابعين الشرقي والغربي، والمتابع سيجد في موقع يوتيوب الشهير فيلماً نفذه جرافيتيون سعوديون اختزلوا عبره اهتمامهم بهذا الفن بمشاهد سريعة وإضاءات عن بداياته، ولمحات عن النشاطات التي اهتمت به كمسابقات في المنطقتين الشرقية والغربية في السعودية وحوى على بعض من الرسومات لعبدالله الحربي، عبدالله حامد، عبدالرحمن مدني كما أن إحدى الرسومات تم تصويرها أثناء التنفيذ متبعينها بمشهد تمثيلي عما يواجهونه من رفض ومنع، الفيلم فكرة وإنتاج عبدالله الحربي، تصوير معتصم إلياس، أحمد آل عطيف، سحاب عبده، وتمثيل أحمد الزهراني، مؤيد فلمبان ومحمد الغامدي.
الجدير ذكره أن من الكتب التي ناقشت فن الجرافيتي في سوق الكتب السعودية كتاب (الكتابة على الجدران) الصادر لدى وكالة الوزارة للشؤون الثقافية في وزارة الثقافة والإعلام لسامي جريدي، وكتاب (جرافيتي آرت) لعبدالله راجح الحربي.