Culture Magazine Thursday  14/03/2013 G Issue 400
حوار
الخميس 2 ,جمادى الاولى 1434   العدد  400
 
عز الدين جلاوجي: لا معنى لأدب لا يحقق المتعة
توقعت ثورات الربيع العربي لكني ما زلت أتوجس منها خيفة

 

الثقافية -القاهرة - أحمد عزمي

«عز الدين جلاوجي» كاتب وأكاديمي جزائري يمارس الكتابة عبر أكثر من جنس أدبي، فمن الرواية إلى القصة إلى المسرح إلى أدب الطفل، يمكن أن ترى هذا الكاتب، ومع ذلك يؤكد أن زمن الكاتب الموسوعي انتهى، وهو لا يستطيع أن يقف على سبب لاختياره هذه الأشكال الإبداعية كوعاء حامل لأفكاره وهواجسه.

أصدر «جلاوجي» عدة روايات منها «حوبة، الرماد الذي غسل الماء، سرادق الحلم والفجيعة» وفي القصة القصيرة نشر مجموعات قصصية منها «خيوط الذاكرة، لمن تهتف الحناجر» وفي المسرح «النخلة وسلطان المدينة، البحث عن الشمس».

* تكتب القصة القصيرة والرواية والمسرحية والنقد المسرحي وأدب الأطفال إضافة إلى أنك أكاديمي.. فهل تعتبر نفسك موسوعيا؟

- زمن الموسوعية ولى إلى غير رجعة، ونحن نعيش زمن التخصص الدقيق، غير أن ذلك يرتبط أساسا بالجوانب العلمية، ومنها النقد، حيث لا يتميز الناقد إلا في تخصص بعينه، كالشعر، أو الرواية، أو المسرح، أو الأدب القديم، أو عصر بعينه دون غيره، ولا يمكن أن نسقط ذلك على الإبداع، كونه يقوم أساسا على الحرية والرفض والتمرد، والمبدع جواد جموح، ونسر محلق، له أن يختار ما تمليه عليه نفسه الحرة، وموهبته وحدها هي من تحدد ذلك، كثيرا ما نجد المبدع يرفع مشعلا واحدا للإبداع، وقد يرفع مشعلين أو أكثر، ونحن لا نستطيع تفسير ذلك، كون فلسفة الإبداع ما زالت تقف عاجزة أمام هذا السر، لا أحد يعرف بالضبط لماذا هو مبدع، كما لا أحد يعرف لماذا هو يكتب هذا الجنس أو ذاك.

* هل تؤمن بالدور التطهيري للأدب على غرار ما فعل المسرح اليوناني؟

- يجب على الأدب أن ينتصر للحق والخير والجمال، وأن يشيع قيم الإنسانية الكبرى قيم الفضيلة والمحبة والتسامح، ولا يمكن أن يتحقق ذلك للأديب إلا إذا اتصف بالصدق مع ذاته، ومع إبداعه ومع قرائه.

أنت مشغول بوضعية الإنسان العربي وكيفية الارتقاء به في مدارج التقدم علام تراهن للوصول إلى هذا الهدف؟

- كل رهان خارج المثقف ذاته هو رهان خاسر، لابد للطبقة المستنيرة أن تحمل المشعل وتأخذ دورها في مقدمة المسيرة، أعرف أن الطريق صعب، ومكلف لكن هذا قدر المثقف أن يكون فاعلاً.

* متى يعود المسرح إلى صدارة المشهد الإبداعي؟

ـ لن يؤدي المسرح دوره كاملا إلا بتوفر حزمة من الشروط، أساسها رقي أبنائه، وإيمانهم بأهميته، ودوره في بناء حاضرنا ومستقبلنا، وفي تغيير الواقع نحو الأحسن، فالمسرح مدرسة للرقي الفكري والجمالي والفني والذوقي أيضا، إضافة إلى وجوب إيمان الجهات الوصية بدور المسرح في التغيير فيتخذ مدرسة للحياة، يسهم جنبا إلى جنب مع غيره من الفنون والمؤسسات في بناء إنسان خير ومتطلع إلى بناء حياة أجمل وأرقى.

* أسهمت تأليفا ونقدا في أدب الأطفال.. ما وضعية هذا الأدب اليوم؟

وضعية أدب الطفل عندنا كارثية، لأن الميدان فتح لكل من هب ودب، لكل من يرغب أن يخربش، ولا يهم دور النشر إلا الكسب المادي السريع.

بعيدا عن الإبداع.. كيف تقيم ثورات الربيع العربي؟

من سنوات توقعت أن تحدث الانتفاضة في كل من مصر وسوريا وتونس واليمن وليبيا،لأنها شعوب هذه البلدان الأكثر تضررا من الأنظمة الشمولية القهرية، الأنظمة البوليسية التي عسكرت كل شيء، وقد لمست هذا في زيارتي لبعضها، غير أني مازلت حتى الآن أتوجس منها خيفة أو على الأقل من معظمها، فهي ثورات لم تنبع من الداخل، حتى ولو كان في الشعوب استعداد لها، وكل ثورة فقدت ذاتيتها لا يعول عليها، لأنها ستقع رهينة إملاءات خارجية عنها، وستسقط مرة أخرى في مخالب ديكتاتورية أخرى، قد تكون أشد وأنكى، وهذا الآخر لا يشترط فيه أن يكون الآخر الخارجي، بل حتى الأنا الداخلي، إن أهم ما يميز الثورة هو التغيير الجذري الشامل ولا معنى لثورة تغير الواجهة ليحكمها الصف الثاني أو الثالث، فهي بذلك أشبه بانقلاب داخلي.

هل تعول على الربيع العربي في القضاء على ثنائية الثقافة المشرقية المغاربية؟

- لا أتخوف من هذه الثنائية مطلقا، لأنها ليست حادة وليست شرسة بالمطلق، والتبادل قائم دائما بين المغرب والمشرق، ووشائج القربي قوية ومتينة، ونحن نفتح القلوب والبيوت لأحبتنا كما يفتحون لنا ذلك أيضا، لكني أتخوف من ثنائية أخرى، هي ثنائية الطائفية البغيضة، وقد جنينا الحصاد علقما مرا، والأمر ليس وليد العقود الأخيرة، بل نتيجة تراكمات عبر قرون من الزمن، ولا علاج لهذه الثائية إلا بفاعلية الطبقة المثقفة.

هل المتعة شرط أساسي في نجاح أي عمل أدبي؟

- لا معنى لأدب لا يحقق المتعة، فالأدب في أساسه فن، والفن ينشد الجمال، وذلك يتحقق بوسائل مختلفة داخل النص، لا معنى لشعر يفتقد اللغة الشعرية، ويفتقد الصورة الشعرية، ولا معنى لرواية هزيلة اللغة، ضعيفة البناء والنسج لا تتعمق النفس البشرية، إن الأديب ليس مصلحا اجتماعيا، وليس معلما ماهرا، بقدر ما هو فنان يسعى لأن يمتع المتلقي بما استطاع، هذا المتلقي الذي يتحول إلى منتج للنص وعنصر فعال يشارك في عملية صياغته، هذه المتعة هي ما أراهن عليه في أعمالي الروائية والمسرحية والقصصية.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة