Culture Magazine Thursday  13/06/2013 G Issue 410
تشكيل
الخميس 4 ,شعبان 1434   العدد  410
 
محطات تشكيلية
اقتناها حاكم الشارقة د. القاسمي وأنشأ لها متحفا
معرض (رحلة عبر مصر) تسجيل لواقع البيئة والمجتمع في عصور مضت

 

إعداد - محمد المنيف:

من يشاهد اللوحات الاستشراقية التي تنقل جمال الشرق والتي رسمت بأيدي فنانين محترفين اهتموا بدقة التفاصيل، لا يمكن أن يغمض عينه دون استيعاب لكل جزء منها مستعيدا شيئا من تخيل ذلك الواقع وربطه بالحاضر وإيجاد نوع من المقارنة.

هذه الأعمال تمثل الكثير من مواقع لحضارات سادت في وطننا العربي ابتداء من الشام مرورا بمصر وصولا إلى أطراف المغرب العربي فأصبحت آثارها مجال للبحث والدراسات كما أن هذه اللوحات وبما كانت تمثله من صور في وقت لم تخترع فيه الكاميرا تعتبر توثيقا لذلك الواقع، عمارة أو عادات أو علاقات اجتماعية أو رصدا للرحلات وسبل تواصل الثقافات في زمن لم يكن فيه التنقل سهلا.

تلك اللوحات التي تعددت وتعدد مبدعوها أصبحت شبه نادرة، واقتناؤها كنز لا يعادله إلا ما رصد في كتب المؤرخين فاللوحة أكثر تأثيرا وقربا للواقع من الوصف وقد أجاد أولئك الفنانين في إنتاجهم لتلك اللوحات، هذا الواقع الإبداعي حظي باهتمام من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي اقتنى الكثير منها وخصص لها جناح في متحف الشارقة للفن الحديث، وأقيم لها معرض تحت عنوان (رحلة عبر مصر) لنخبة من هؤلاء الفنانين المستشرقين جاءوا على النحو التالي ديفيد روبرتس، إنريكو تارنجي, فريدريك جودال, أوغسطس أوزبورن، لامبلوج إدوارد, أنجيلو جودال, روبرت جورج، تالبوت كيلي, هاري فين, الكابتن شارلز هيد، ف. جودال.

وحظي المعرض بإقبال منقطع النظير لأسباب عدة من أبرزها جمال تلك لأعمال وقدرة الفنانين على رصد الواقع وإبراز الجمال مع توثيق للحالة الاجتماعية ونحوها، رسموا لوحاتهم بتقنيات بدائية اعتمدوا فيها على الحجرية وتقنية الألوان المائية.

ضم المعرض كما أشير في تصاريح المسئولين عن المتحف مجموعة جديدة لم تعرض من قبل لمجموعة من الفنانين المستشرقين، ترصد زيارتهم لمصر في القرن 19م، وأرخوا لمرحلة من تاريخها من خلال أعمالهم الفنية، من بينهم مستشرقون من إنجلترا وأسكوتلندا.

يقول للأستاذ هشام المظلوم مدير إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام في مؤتمر أعلن وقت إقامة المعرض في أن الأهمية تكمن في رسم صورة حية للحياة في تلك الفترة، من النواحي التاريخية والجغرافية والاجتماعية وطراز مصر المعماري المميز، لاسيما أن في تلك الفترة لم تكن توجد آلات تصوير، ما أكسب هذه الأعمال أهمية توثيقية».ودور الفنان الأوروبي في نقل صورة عن حقبة زمنية معينة مرت بها مصر.

يعد المعرض استمرارية لمتوالية عطاء حاكم الشارقة، الذي يعرض بشكل متتالٍ مقتنيات فنية نادرة، لأشهر المستشرقين الذين قاموا برحلات استكشافية لعدد من الدول، منها رحلات إلى بلاد الشام وفارس ومصر، إذ تم رصد الحياة اليومية بتلك المناطق في حقبات قديمة وتوثيق، من خلال أعمال طباعة حجرية، ملونة تفاصيل الحياة في تلك المدن، منها دور العبادة من كنائس ومساجد ومعابد، إضافة إلى الأسواق والعمارة.

جمال الواقع وقدرات في الرسم

تنفرد هذه الأعمال الفنية وفي تلك الفترة من تاريخ الفنون بالقدرات العالية في التقاط المشهد وتسجيله، بأعلى دقة في التصوير الذي يضاهي الصورة الفوتوغرافية خصوصا إذا علمنا أن الفنان يرصد الحدث أو الواقع في عقله الباطني بكل عناصره رغم تغير وتحرك العناصر خلال الرسم، ليستعيد تشكيله على الحجر الذي يسبق طباعته على الورق، عكس الكاميرا التي تلقطه بكل التفاصيل، كما أن الواقع في تلك الفترات من التاريخ أقل تعقيدا وأكثر جمالا من واقعنا اليوم المزدحم بالخرسانة والإسفلت والأبراج التي تحجب الرؤيا، وما تبع ذلك من غازات تنبعث من المصانع ومن السيارات لم تعد تسمح للعين المجردة أن ترى الواقع بجماله الفطري الذي كان يظهر في زمن صفاء السماء وطيب الأجواء.

كنز بصري وثقافي وتاريخي

لا شك أن اقتناء مثل هذه الأعمال وحفظها للأجيال الحالية والقادمة في زمن التغيرات والتبدلات اجتماعيا وعمرانيا وبيئيا ما يجعل منها كنزا ومرجعا للدراسات ومعرفة تلك الحال إن كان على المستوى التاريخي من خلال مظاهر الحياة، أو الفني الذي يمثله إبداعات الفنانين في تلك الفترة الزمنية.

monif.art@msn.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة