Culture Magazine Thursday  13/06/2013 G Issue 410
حوار
الخميس 4 ,شعبان 1434   العدد  410
 
طفلة الحقول اليتيمة..
سهام مرضي حول الرواية والحزن وسؤال المرأة:
ما يظهر على أنه تمكين للمرأة «وهم» صنعه الرجل.. والأدب الرقمي أسهم في تهميش السرد وأبرز أسماء فارغة

 

الثقافية: سعيد الدحية الزهراني.

سهام مرضي روائية وشاعرة من الجنوب أو من «أرض الأرض» وفق ما يطيب لروحها التي تسكن زمناً لا ينتهي.. غنية بقارئها عما سواه.. تقول عن نفسها مع الحزن: «أظنني حزنت قبل أن أجيء، وحزنت بعد المجيء، إنها حالة وجودية وجدت نفسي فيها وأنا أقاوم واقعا لا يشبهني ولا يتقبلني كما أنا، وأكثر ما يحز في نفسي هي تلك الحقول اليتيمة في الجنوب.. إنها تبكي.. وإنني أسمعها كما لو كنت ابنتها المخطوفة!»

تحمل سهام مرضي قلماً بوجع معتوق يستمد نبضه من وريد الإنسان وكرامة الأرض وحق الحياة الشريفة.. لكن المرأة المسلوبة طوعاً وكرهاً معاً تقتعد «ولا تقف» بابتسامة بلهاء منتظرة الفلاشات فقط في أحسن الحالات.

سهام مرضي وهي تصافح قراء «الثقافية» تهدي وردة الشكر لـ»مرضي عبدالعزيز» رفيق دربها وصديقها وأول من آمن بها وتحمل مزاجيتها ونزقها... وإلى أشياء أخرى حول الأدب الرقمي والتدوين القصير وحلم سهام الذي لا يغفو قلبها دون أن تراه:

ما هو سؤال الكتابة لدى سهام مرضي؟

- إنه سؤال بمثابة إعادة اكتشاف الذات والوجود، وهو سؤال ينقض نفسه باستمرار وهنا تكمن قيمته أنه لا يبحث عن الإجابات بقدر ما يبعث لنفسه حراكاً داخل الوعي ومدى قدرته على الإلمام بحقيقة التغيير والتغيّر التي هي ميزة الوجود الإنساني وميزة ما يطرأ عنه من لغة وفن وأدب .

قضايا الإنسان والوطن والحقوق تشغل حيزاً بارزاً من مساحة اشتغالك الكتابي.. ماذا عن هذا المحور؟

- هذه هي قضايا كل من يعيش في هذه الحياة بطريقة أو بأخرى إنها ثلاثية الكفاح البشري منذ وعى الإنسان على حقيقة تسيده لهذا الكوكب، لكننا ومن منظور أكثر تخصيصا أعني كأبناء لهذا الوطن مازالت هذه المفاهيم تراوح مكانها في خانة الشعارات، ولذلك فهي هم أولي لكل من تصدى للتعبير والتفكير هنا، وبالنسبة للمرأة أظنها لا زالت تقبع في التاريخ، أعني قدرتها على الحديث عن حقوقها كحاضر، وعن وجودها المنزوع لصالح الرجل سواء كان ذلك بتدبير منه أو بدون وبشكل عام الدول التي لا تعترف بالقانون ستدفع المرأة فيه الجزء الأكبر من الثمن، ونعم أنا إنسان ولدي وطن وحقوق وهذه الكلمات إيمان عميق ستحوّله الأيام يوما إلى واقع.

بعد تجربتين روائيتين ملفتتين.. ما هو الأفق الكتابي الذي تسير باتجاهه سهام مرضي؟

- أعتقد أن تحديد أفق ما هو ضد وعي بالكتابة كفعل متواتر وقلق وصداميّ إن استحضاري لخطة عمل ما ليست سوى أوهام فأنا أكتب لأنني لا أرى الأفق بعد، إنني أكتب لأنني ضالّة وخائفة وأكتب لأستمد من أبطالي طرقاً أخرى لمجابهة هذا الخوف وهذه الحياة كلها.

كيف ترى الروائية سهام مرضي مستقبل الكتابة السردية بوجه عام في ظل تنامي ثقافة التدوين الصغير/ القصير لدى الأجيال الشبكية؟

- لا أجد تجربة التدوين القصير سيئة بالكامل، لكنها لن تكون بديلا يوما للسرد أو الفنون الأدبية كاملة، أظنها مرحلة وستنتهي وإن لم تفعل فلا بد من إنهائها لأنها على المدى البعيد ضارة وقاتلة للقراءة والمعرفة الواسعة التي يحتاجها أي مجتمع لتكوين رؤية وهوية متكاملة وصلبة.

هناك دراسات تشير إلى الاتجاه نحو الأدب الرقمي.. إلى أي مدى يمكن أن نرى عملاً أدبياً رقمياً لسهام مرضي؟

- لا أظن ذلك، لدي موقف صارم من الأدب الرقمي، إنه أدب مُبتسر ومعلول ووليد اللحظة ولا يمكن أن أغفر له هذا، لقد أسهم بشكل مؤذ في تهميش السرد وأبرز لنا أسماء توصف بالمبدعة وتكتب كتبا لتغريدات فارغة وسخيفة على أنها أدب المرحلة الجديدة وهذا مُزرٍ جداً، لأننا منذ البداية شعوب لا تقرأ وإذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي هي تجربتهم الأولى مع القراءة فمن الطبيعي أن تنحدر الذائقة والقيمة العليا للأدب في تدريب وتهذيب الوجدان إلى أشكال سطحية من التجربة الإنسانية وبالتالي هامشية الذوق العام وإغراقه في الهشاشة.

أين تسكن روح سهام مرضي مكاناً وزماناً؟

- في الجنوب، أرض الأرض ومنتهى الزمان.

ماذا عن السؤال الوجودي للمرأة السعودية في إطار الثقافة المجتمعية السائدة؟

- إنه سؤال ثائر وعصابي ويخضع للكثير من التضليل والتشويه والبتر، حتى إن طرحه خاطئ في كل مرة لأن المرأة لدينا لم تصل بعد لمرحلة تؤهلها من الانعتاق من أدنى مستعبداتها ولا حتى القدرة على مجابهة أصغر مثبطات وجودها على الصعيد العائلي أولا، وكل ما يظهر على أنه تمكين للمرأة واعتراف بوجودها الكامل هو وهم وهو من صناعة الرجل بالتأكيد، وليس لها فيه سوى الفلاشات والكراسي، والابتسامات البلهاء.

كيف تقيم سهام مرضي تلقي الأوساط الثقافية والنقدية والإعلامية لتجربتها الأدبية؟

- لا بأس به، أظنني لا أطالب بالكثير من هذه الأوساط مع احترامي الكامل لها، لكن تجربتي الحقيقية أقف عليها تماما وبسعادة بقارئ واحد فقط يؤمن بي ويقرأ لي.

تحيط بالمرأة أسوار عالية وموحشة في المجتمعات المحافظة غالباً.. كيف تجاوزت الروائية سهام مرضي تلك المناطق الوعرة خصوصاً إذا علمنا أن أعمالها الأدبية تتماس مع قضايا حساسة مثل الجنس والدين؟

- كان هذا بدعم كامل من رفيق دربي وصديقي وأول من آمن بي وتحمل مزاجيتي ونزقي زوجي مرضي عبدالعزيز ممتنة له بالكثير، والكثير لا يوفيه حقه.

ما هي المساحة التي تمنحها سهام الروائية لسهام الشاعرة..ولماذا يقل حضور المرأة الشاعرة في الجنوب والباحة تحديداً حتى على مستوى الشعر حتى المحلي الشعبي منه رغم سحر الحياة الريفية وتفاصيل حكايا الوجدان هناك؟

- بالنسبة للمساحة أظنني أنزاح للسرد على حساب الشعر، وإن كنت كتبته ابتداءً، لأنه يقيدني أكثر وله اشتراطات عالية الدقة والكفاءة، لكن بالنسبة للشاعرات في الجنوب فهن كثيرات ولا أعرف بيتا في قريتي ليس به شاعرة وامرأة تتغنى بقصائدها في الحصاد والصباح والمرعى والحياة الجنوبية الماجدة، لكن عملية المسخ التي خضعت لها كل مدن الجنوب كان لها أكبر الأثر في شل الهوية الجنوبية وفي داخلها الشاعرة الجنوبية الجميلة.

يقول الدكتور جمعان عبدالكريم عن «مع سبق الإصرار والترصد»: «إن هذه الرواية تمنحنا دهشة حزينة كالحياة تمامًا».. السؤال: ما هي قصة سهام مرضي مع الحزن؟

- لا أدري، أظنني حزنت قبل أن أجيء، وحزنت بعد المجيء، إنها حالة وجودية وجدت نفسي فيها وأنا أقاوم واقعا لا يشبهني ولا يتقبلني كما أنا، وأكثر ما يحز في نفسي هي تلك الحقول اليتيمة في الجنوب إنها تبكي وإنني أسمعها كما لو كنت ابنتها المخطوفة.

أين تقف المرأة السعودية ضمن مسيرة الوطن التنموية الرسمية بالنظر إلى جملة من القرارات في هذا السياق -عضوية الشوى مثالاً-؟

- إنها لا تقف في أي مكان، مازالت في الخلف مُقعدة وسعيدة.

كيف تقرأ الكاتبة سهام مرضي صراع التيارات الفكرية المحلية وكيف تحلل أفقها المستقبلي؟

- هي صراعات وهمية أريد لها أن تكون، وأن تبقى لمصالح أعلى، الشارع العادي والإنسان الذي في دكانه يبيع الخبز لا يعرف عنها شيئا ولا يفرق بين من يبيعهم خبزه، لا أثق فيها ولا أنظر إليها إلا بنظرة شفقة، قلة من الوطنيين المخلصين وعوها جيدا وتجاوزوها لكن الأغلبية في أوساط الناس تؤمن بوجودها وتتحمس لها وتصارع في قضايا تافهة وتراثية وصاربة في العنف والتطرف، وهذا مؤسف، فقد نجحت الجهات التي أججت هذه الصراعات في جعلها عنوان المشهد اليومي وغاب الوطن وغاب الإنسان.

ما هو الحلم الذي لا يغفو قلب سهام مرضي دون أن يراه؟

- دولة القانون والحقوق والمؤسسات


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة