Culture Magazine Thursday  13/06/2013 G Issue 410
أوراق
الخميس 4 ,شعبان 1434   العدد  410
 
اليوم (25) هل رواتبنا حلال؟
عبدالله بن سعد العمري

 

اليوم «خمسةٌ وعشرون» هو اليوم الذي تكافئ فيه الدولة شعبها، مكافأة تبدو زهيدة بعض الشيء مع النظر لحجم الانتاج الذي يوفره الموظف السعودي كل شهر، هذا الموظف المليء بالإبداع والطاقة والتصدير، هذا المخزون الكامن الذي يخجل الموظف الياباني أو الأمريكي من الجلوس معه على طاولة واحدة!

هذا الموظف الذي لم يسمعنا يوما قط جملة «تعال بعد الظهر» و «تعال بكرة» و «مر علي يوم السبت» و «موضوعك مو عندي» و «وش عندك» «والسستم عطلان» و «والله مدري» و «شف أحمد وشف وخالد وشف وحمدان وشف سعيدان» و «ساعة وارجع لي» والفخم فيهم «في اجتماع».

بل كان يسمعنا دوما جملة «موضوعك جاهز تفضل» و «هذا حق لك يا سيدي والأولى أن تصنع الذي نقترح عليك» و «لا نريد أن نرهقك، هذا الرابط الإلكتروني من خلاله تستطيع أن تنجز أمورك بسهولة» و «لا نحتاج لأوراق الأصل في حال ضياعها، فهي مرفقة إلكترونيا على ملف المعاملة» وأخيرا «عذرا على التأخير لمدة نصف ساعة»

كل هذه الإنجازات التي حققناها في سبيل خدمة المراجع السعودي «الأشقى على وجه الأرض» لم تمنع من التهكم بحالنا عبر تقديم هذه المقالة، وإذ نحن الآن في العام 2013، ولم نستطع بعد أن نرتقي بشؤون دواويننا ومعاملاتنا على الوجه الذي يبدي رغبتنا في اللحاق بدول رائعة تتمنى أن تملك خمس إمكانات هذه الدولة؛ لهو بالتأكيد حالٌ يُرثى له.

وللأسف نبدو كل عام جديد بصورة المجاهد في التنمية، والفقير في التجربة، والمتشبع في البيورقراطية، والجاهل بالتقنية! لنعطي الأوامر العصبية لعقولنا كل عام بأنه لا يمكن وأن نتطور.

ومن يلومنا في ذلك، وقد أصبحت نظرتنا للموظف المثالي والمنجز والصادق على أنه طيب ومسكين وخائف، ونظرتنا للموظف المتمرد والانتهازي وغير الكفؤ على أنه «ذيب» و»واصل» و»قرصه في السمن»

ما يدفع بكثير من المراجعين للذهاب للموظف الصادق والتواصي به وإرهاقه بقضاياهم، في ظل راحة الموظف المتمرد وغير الكفؤ، ما يؤثر ذلك بدوره على عطاء ونفسية الموظف المثالي!

إن هذه الأفكار المزعجة سببها الأول هو المسؤول عن هؤلاء الموظفين،الذي أغلق بابه على نفسه، واكتفى بضغط جرس التنبيه إذا أراد شيئا ما من السكرتير، وحتى لا أكون مملا في الحديث دون استشهاد، فقد ساءني ليس لشخصي ولكن للقضية بأسرها -فأنا أتحدث عن المراجعين والمسؤولين بشكل عام-، ساءني وجود دوائر لا تبدو في حالة صحية جيدة، جراء كثرة التعقيدات المتصاحبة مع مخالفة موظفيها للأنظمة، فقد أضاعت-مثلا- إدارة ما معاملة لي بين أروقتها، لتطالبني بعد ذلك بالمعاملة نفسها! وحينما مكثت أسبوعا ونصف أطلب منهم حلا سريعا، كان السكرتير يعيقني عن الوصول لعميد هذه الدائرة، لأطلب من الله المدد بعد ذلك فتحل المشكلة بأعجوبة!

فما الذي بدا لكم أيها المسؤولون من خطر لتغلقوا على أنفسكم الأبواب؟ لماذا لا تطلبون من الجهات الأمنية رعاية أبوابكم المزينة بعبوس سكرتيراتها أمام المراجعين الضعفاء!

من تتوقعون أنه يمكن أن يؤذيكم لتخافوا على أنفسكم؟ وأبواب ولاة الأمر- حفظهم الله- والذين وضعوكم في هذه المسؤوليات مفتوحةً للناس، وعرض أبوابهم من الأمتار بما يكفي لدخول شاحنة!

أم أنكم لم تصدقوا تلك اللحظة التي نُطق فيها اسمكم لهذه المناصب، فبقيتم منكفئين تعيشون صدمة الفرحة!

لقد مل المراجعون باختصار ذُبولَ زهرة المسؤولية، التي تجعل هذا المسؤول يترك موظفيه دون تنبيهٍ بواجباتهم! حتى إذا ما وقعوا في الخطأ وتظلم المراجع وعلا صوته؛ أسكته هذا المسؤول بكلمة «آسفين» و»يااا أحمد شف الرجال وش عنده» و «كان جيتني من أول» وسرا الليل وحنا ما سرينا..

كاتب وأكاديمي سعودي الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة