Culture Magazine Thursday  11/04/2013 G Issue 402
فضاءات
الخميس 01 ,جمادى الآخر 1434   العدد  402
 
في البدء كانت الـ...حكايا!!!
بثينة الإبراهيم

 

لستُ شهرزاد ولم أمتلك يوماً سحرها الحكائي، لكني كنتُ مفتونةً بعالمٍ من شخوصٍ وظلال، يأخذني بعيداً على «بساط الريح»، وقد تـُلبسني «طاقية الإخفاء»، فأغدو كائناً لا مرئياً خفّته «لا تُحتـَمل».

> تعاظم نهمي للقصص حين أُدخلتُ إلى المكتبة في العاشرةِ من عمري، ولم أنوِ خروجاً بعدها، بين الأميرة التي تحولّت إلى ضفدعة، والأمير الشقي الذي صار حمامةً تتبعه زوجته إلى آخر العالم، بين «جعيدان» الراقص، والمعزات، ثلاثُها وسبعُها، والذئب المحترق مع الأُوَل والمملوءة بطنه أحجاراً مع الأُخَر!! بين الفتاةِ التي تكشف حبةُ الفول عن دمها الملكيّ والبجعات السبع «أخواتي»، رسمتُ ضفيرةً طويلةً مثل «روبنزل» لعلّي أتخلص من لعنةٍ ما!!

> لم أكنْ بيضاءَ الثلجِ وليس لي أقزاماً سبعة، لكني في تلك القصص، دخلتُ «غابات السرد»، وتركتُ فتاتاً كي أتقن طريق العودة، والتهتمه العصافير _عن سبقِ إصرارٍ وترصّد_ وكانتِ الحكايات مثل منزل العجوز المصنوع من الحلوى، مغريةً في كل مرةٍ وأنا «هانزل وجريتل» معاً، أريد التهام السقفِ أو النافذة، وما أدري إن كنت سأدفع الساحرة في الفرن، فأخرج سالمةً!!!

> رويتُ مرةً قصةَ اسمِ «أقدم مدينةٍ مأهولةٍ بالسكان» في روايةٍ ساذجةٍ التقطتها من مجلةٍ كنت أحرص على قراءتها كل أربعاء وأخرى أفتتح بها صباحي المدرسيّ يومَ السبت _ وما زلتُ على ولائي للأولى ولا أعلم ما حلّ بالثانية بعد أن شطّ بيننا النوى واستحال المزار _ وفـُتنتُ بالتاريخ، ولم يكنْ لما ظلّت مدرسة المادّة تردده على مسامعنا «بأن التاريخ محض حكاية» ثلاثَ سنواتٍ متتالية علاقةٌ بذلك !! في كلّ هذا الزخم الباهر من الحروف والألوان والصور، تضيع مني الكلمات فلا أحسن الرواية، تتلعثمُ الأفكار وتزدحم، تتدافع بينها وما يصل إلى بر الأمان، قد يصيبه عرجٌ أو في أحسن الأحوال يخرج «أشعث أغبر كئيب المنظر»!

> تستطيع أمي «وربّما كلّ الأمهات» جرّي إلى غاباتٍ مماثلة من الحكايا والشخصيات، فتقصّ لي الخرافات التي كانت تتسلّى بها حين كانت طفلةً، أحبسُ أنفاسي حين يشم الغول رائحة إنسانٍ في كهفه البغيض وكأنه سيراني أو سيشعر بي!!

> لن أكونَ جدّةً يحبها الأطفال، فلست أستطيع حياكة الجوارب وليس لدي عذوبة السرد، مثل أمي وشهرزاد، أو حتى إيفالونا الفتاة التي تروي حكاياتٍ عن نساءٍ يبعن الكلمات أو «عشن ليروينها» لإسعاد الآخرين.

> «خلال عتمتي أتكشّف ببطءٍ نصف النور الأجوف بعصاي المترددة.. أنا الذي تصورتُ الجنةَ دائماً على هيئة مكتبة..! «.. بورخيس

القاهرة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة