في «فيديو» البليهي « الذي نشر وانتشر - بفضل وسائل التواصل - وموقف الطلّاب بمغادرتهم دون أن ينطقوا بشيء، صفّق الناس - رغم اختلاف مشاربهم وثقافتهم وعلمهم - لهؤلاء الطلاب؛ بأن فعلهم استقلالي وتحرر من ثقافة القطيع والتبعية!
إن المتنحي عن برامج التواصل سيرى الموقف بتأمليّة أكثر، ليس لفضل فيه سوى بعده وتحرره من بيئة البرامج التواصلية اللغطة؛ تلك البيئة التي يكثر فيها الزيف، والتقليد، واجترار الانطباعات من فم إلى فم، حتى لم يعد هناك هويّة.
قطعاً، هي ليست أزمة البليهي وحده، بل أزمة الذات الأكاديمية المتورمة، والألقاب المنتفخة المكسوّة أوسع منها بكثير.
ما البليهي إلا أكاديميّ يرى نفسه فوق غيره كما كثير من الأكاديميين.. ما البليهي إلا أكاديمي فَرِحٌ بما عنده من العلم كما كثير من الأكاديميين.. ما البليهي إلا ناطق أمام كاميرا جوال ونشر تويتر يوم أن نطق كثير غيره لكن ليس أمام الأداتين التشهيريتين السابقتين.
وما الطلاب إلا قطيع يصفق فقط.. قطيع قلّد الخارج الأول.. قطيع لم يتجرأ ويتكلم بكلمة ومن لا يجرؤ ولا يتكلم فهو يتنازل عن كرسيّه - شاء أم أبى - لمن أمامه وسيكون تابعا في النهاية إن رفض فلاناً فسيتبع علاناً.
لستُ مع البليهي ولا مع الطلاب، بل مع النظرة المتأمّلة الضائعة بين البليهي وطلابه.
خاتمة..
الغوغائية سيدة مواقفنا ومقنعة فكرنا ومسيّرة حياتنا.