Culture Magazine Thursday  09/05/2013 G Issue 405
ترجمات
الخميس 29 ,جمادى الآخر 1434   العدد  405
 
الصحفي الخبير بالإرهاب ستيف كول يحلِّل فيلم (اغتيال ابن لادن)
فيلم (زيرو دارك ثيرتي) مقلق ومضلِّل لأنه يتغاضى عن التعذيب الرسمي للمعتقلين
د. حمد العيسى

 

ولكن الفيلم يحتوي على تفاصيل تشير إلى معتقل حقيقي في قبضة «سي آي إيه» هو علي عبد العزيز علي، وهو الاسم الحركي لعمار البلوشي. علي الحقيقي عمره 35 عاماً وهو ابن أخ أخت خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر حسب اعترافه شخصياً.

لقد ألقي القبض عليه في باكستان عام 2003 ووضع في سجون سرية تابعة لـ «سي آي إيه» حتى تم نقله إلى غوانتانامو في عام 2006، حيث يواجه الآن تهما كبرى عقوبتها الإعدام أمام محكمة عسكرية.

لقد اتهم بإرسال، بحسب تعليمات عمه خاله، مبلغ 200.000 دولار إلى الخاطفين وتوفير دعم لوجستي إضافي لهم.

عمار المركب في «زيرو دارك ثيرتي» يوصف بأنه ابن أخ أخت خالد شيخ محمد ومقرَّب منه، والذي وجدت بصماته على أموال عملية 11 سبتمبر.

ويصور الفيلم عمار كرجل منكوب وبائس وسوف ينفق ما بقي من حياته كلها وراء القضبان دون اللجوء إلى المحامين أو العدالة.

في مشهد للاستجواب في بداية الفيلم تزيح مايا قناعها الأسود قبل الدخول لمواجهة السجين عمار بعد أن أكد لها زميلها المحقق دان أن عمار لن يصبح حرا مطلقا لينتقم منها.

ثم تدعونا المخرجة بيغلو لكي نقدر ونعجب بقهر وتحقير عمار في وصلة تعذيب ينفذها مايا ودان.

حقيقة علي ربما كانت أكثر إثارة للاهتمام.

لقد كان فاعلاً ومشاركاً ومتحدياً أثناء المحاكمة العسكرية في غوانتانامو وسعى محاموه للحصول على إذن من القضاة العسكريين لتقديم أدلة في دفاعه تثبت أنه تعرض للتعذيب أثناء وجوده في سجون «سي آي إيه»، وأيضاً طلبوا إذناً للبحث عن هويات ضباط المخابرات الذين استجوبوه وعذبوه.

لقد تم رفض الطلب على أساس أن ما حدث لعلي أثناء وجوده في سجون «سي آي إيه» يصنف بأنه «سري» وقد يضر بالأمن القومي.

تصوير «زيرو دارك ثيرتي» غير المباشر لتعذيب وتحقير علي قد يكون الرواية الحقيقية الوحيدة لحال السجين التي ستعرف قبل الحكم عليه بالإعدام.

ولكن على الرغم من هذا، «زيرو دارك ثيرتي» لا يفعل شيئاً ليعترف بهذا الواقع.

لقد صُمم «زيرو دارك ثيرتي» لإثارة وشد أعصاب المشاهدين وجعلهم يجلسون على حواف مقاعدهم ويقفون على أطراف أصابع أرجلهم، ومن خلال ردود الفعل الأولى، يبدو أن الفيلم نجح كثيراً في هذا الصدد.

عيوبه من حيث كونه عمل صحافي مهمة لأنها قد تؤثر أيضاً على النقاش العام الذي لم يحسم حول التعذيب، والذي كانت مساهمة الفيلم فيه مشوهة.

في اليوم الثاني بعد بداية ولايته الأولى، أصدر الرئيس أوباما أمراً تنفيذياً حظر بموجبه التعذيب، لكنه رفض أن يأمر بتحقيقات علنية لكشف أو محاسبة نظام «سي آي إيه» للاعتقال والاستجواب خلال سنوات بوش.

وفي الحملة الانتخابية التي اختتمت مؤخراً، أعلن المرشح الجمهوري مت رومني أنه سيعيد استخدام «تقنيات الاستجواب المطورة».

التعذيب الرسمي ليس مبغوضاً في معظم أنحاء الولايات المتحدة، بل هو خيار ذي مصداقية.

وفي استطلاعات الرأي العام، هناك غالبية بسيطة من الأميركيين تعارض تعذيب السجناء أثناء الكفاح ضد الإرهاب، ولكن الدعم الشعبي للتعذيب قد ارتفع بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، وهو التغيُّر الذي أرجعته الباحثة في قضايا الجاسوسية والأمن الوطني آمي زيغارت من جامعة ستانفورد إلى تأثير ما أسمته: «الجاسوسية في وسائل الترفيه».

حتى لو نجح التعذيب، فإنه لا يمكن تبريره مطلقاً لأنه غير أخلاقي.

ولكن التعذيب الذي تقره الدولة، وتنظم أشكاله يتكرر حتى في الديمقراطيات المتقدمة لأن هناك دائماً بعض الزعماء المستعدين لربط هيبتهم بالحجة القائلة إنه في ظروف الطوارئ الوطنية، فإن التعذيب قد يكون ضرورياً لأنه سيستخرج المعلومات الحرجة في الوقت المناسب للمحافظة على السلامة العامة بينما الأساليب الأكثر إنسانية ستفشل.

ولكن لا يوجد دليل تجريبي لدعم هذه الحجة.

فمن بين أمور أخرى، لن نجد عالم اجتماع كفوءاً ومسؤولاً سيوافق على عمل اختبارات لمقارنة نتائج الاستجواب بالتعذيب مع تلك الأساليب الأقل قسرية.

ولذلك يجادل المدافعون عن التعذيب في الولايات المتحدة عبر تقديم قياس منطقي معيب: «سي آي إيه» عذبت المشتبه بهم؛ وهؤلاء المشتبه بهم قدموا معلومات ساعدت على حماية الجمهور؛ وبالتالي، كان التعذيب مبرراً وضرورياً.

في بيانه الأخير لموظفي «سي آي إيه» عن «زيرو دارك ثيرتي»، أعطى القائم بأعمال مدير الوكالة موريل دعماً ضمنياً لهذه الحجة عندما قال إن النقاش الدائر بشأن معاملة «سي آي إية» للمشتبه بهم من تنظيم القاعدة بعد عام 2002 «لن يتم حله بصورة نهائية».


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة