ألا زلتِ تؤمنين بالحب؟
سألتُ صديقتي: ألا زلتِ تؤمنين بالحب وتبحثين عنه؟
فقالت بعناد: نعم.. لازلت أبحث عنه، فأنا إنسانة تؤمن بالحب، فهو الحياة، هو منبع السعادة، وإن كان نهر الآلام، هو الطفل الذي يعيش في أعماق كل منا، يبحث عن الحنان، يبحث عن الحب، يبحث عن صدق المشاعر، ومهما ادعى البشر النضج واللامبالاة بالعواطف، ومهما اعتبروه إحساساً بالضعف، ومهما رفضوه... إلا أنه يبقى الحلم الرائع الذي ينتشلهم من واقع الحياة وروتينها....
إن العالم يا صديقتي رجل وامرأة، ليس رجلاً وحيداً غريباً، وامرأة وحيدة غريبة، بل إنه رجل ناضج وامرأة ناضجة يتعايشان ويضحكان ويمرحان ويشتركان في كل شيء، رجل وامرأة يعرفان معنى الوفاء والإخلاص...
الحب ليس ضعفاً، بل الحب قوة تسكنني، ترتدي جسدي، تتحدث بصوتي، تتنفس أنفاسي، ولن أستطيع الهرب منه، لأنني وبكل بساطة لن أتمكن من الهرب من نفسي..... فقلت: ما أروع ما تقولينه وتفهمينه، ولكن... ليس في مدينتنا، المدينة التي لا تعترف بالحب، وتعتبره رواية تحكى على أرصفة المقاهي، وفي مخيلات الكتاب، وفي هذيان الشعراء... ليس إلا....
تركتني وذهبت معلنة انتهاء النقاش، فودعتها وتنهدت وقلت: يا لك من أنثى حقيقية معجونة بالحب، ملونة بالحنان، مغلفة بالعاطفة، أنت من يعرف العطاء اللامحدود، ويفهم الحب، ولكني أخاف عليك من نفسك وأفكارك، فالزمن ما عاد زمن الحب، أصبح زمن الماديات والمصالح، أسال الله أن لا يعرضك لصدمات الحب القاسية، فقلبك الرقيق لن يحتمل.... أعرف ذلك......
جوري والرجل اللارجل
بالأمس التقيت بها وتحدثنا ملياً، إنها جوري الفتاة الحالمة، كان حلم حياتها أن تلتقي بالرجل الإنسان، تلتقطه من بين الملايين، ليثير عواطفها، ويحرك مشاعرها، فتنجذب إليه، وتستميت في الارتباط به والحفاظ عليه.... إلا أن حظها العاثر أوقعها في رجل كاذب، أناني، مغرور...
بعد زواجها بفترة قصيرة شعرت بالمرارة معه، اصطدمت بكذبه وأنانيته وغروره، وسقط قلبها منها.... فكرت كثيراً هل تنهي هذا الزواج وتطلب الطلاق، أم تستمر وتتحمل على مضض... وقررت الاستمرار، فنظرة المجتمع للمطلقة ضيقة جداً، وفيها الكثير من الاتهام وعدم التفهم... فالاستمرار أفضل... وتدريجياً بدأت تفقد إحساسها تجاه هذا الرجل، وأصبحت لا تتوقع منه شيئاً، ولا تستجيب له... فقد تراجع إحساسها برجولته... وانقلبت إلى امرأة رافضة، عنيدة، عدوانية، متحدية.... ولديها قدرة هائلة على الاستفزاز....
وكثرت المشكلات وتعقدت، من دون سبب واضح لكل ما يحدث... والحقيقة أنها لا تحبه... وهو يعتقد بأنه مؤهل لحبها، وهذا حال الكاذب، الأناني، المغرور ….
معذورة أنت يا جوري، لقد فقدت الإحساس برجولة الرجل، وأصبح في عينيك لارجل … فالكاذب ضعيف، والأناني ليس لديه مساحة للحب والعطف، والمغرور لديه نقص شديد ….
غزل الزوجة النكدية
كن يثرثرن ويتحدثن عن غزل... إحداهن قالت إن غزل زوجة نكدية، غاضبة، لا تتكلم، لا ترد..
والأخرى قالت: كما أن غزل لا تبتسم... صامتة.... لا تفصح عن مشاعرها الغاضبة....
أما أنا فقلت لهن: قد يكون ما قلتن عن غزل صحيحاً ولكن لِمَ لم تبحثن عن السبب؟ قد يكون السبب وجود أمور حساسة توجع كرامتها.... فزوجها يخطئ في حقها ولا يدري، قد تكون أخطاؤه غير إنسانية، قد يتجاهلها عاطفياً، بخله يزداد، سلوكه مريب..... ولكنه لا يدري أنها تتألم... أو يتغافل... وهما لم يعتادا على الكلام والتفاهم... ومرت الأيام..
ولازالت غزل بأسلوبها السلبي في التعبير، وزوجها بتجاهله أو تغافله أو جهله بما يؤلم زوجته .... وتآكلت الأحاسيس الطيبة، وقل رصيد الذكريات الزوجية الحلوة، وتراكمت مشاعر الغضب حتى فاض الكيل، واشتعلت النيران.. وتعالت الأصوات... وأصبح البيت قطعة من جحيم.... وأصبح الطلاق أمراً محتماً.....
وكان من الممكن أن لا تتسع الهوة بينهما لو كان هناك أسلوب إيجابي للتفاهم.... حقاً... الزواج يحتاج إلى قلوب تفيض بالمودة والرحمة.
لازلن يثرثرن... قالت إحداهن: طُلقت غزل.. والأخرى قالت: ألم أقل لكُنَّ بأنها زوجة نكدية.... وأنا أقول: البيوت أسرار لا يعرفها إلا قاطنوها…