Culture Magazine Thursday  07/02/2013 G Issue 395
فضاءات
الخميس 26 ,ربيع الاول 1434   العدد  395
 
وتم العناق
بشهادة الوزير خوجة.. طالع تتطلع للتألق في باكورتها (مرافئ المنتهى)
حسن علي البطران

 

الخاطرة فن إبداعي يسرح فيه الكاتب إلى الخروج عن النمطية والقيود دون الانصياع إلى قاعدة أو نظام، كالوزن والقافية في الشعر والشخوص والعقدة والحكائية في الجنس القصصي وآليات التكنيك والحبك الروائي في جنس الرواية؛ فهي ـ أي الخاطرة ـ كتابة ليس لها إطار محدد ولا قالب معين، وآليتها لا تخضع لقيود وقوانين بل فيها مساحة غير محدودة وحرية في الأسلوب والإطار الكتابي، وفضاء واسع يتفنن فيه المبدع كما يشاء، فهي كتابات مفتوحة حد السراب، السراب الذي يشكل في منظوره ماءً حقيقياً إن وصلتُ إليه، لا السراب الذي يعكس رؤية الماء وهماً وخيالاً.. وكتاب (مرافئ المنتهى) باكورة الأعمال الإبداعية للكاتبة (نوال سعيد طالع)، الذي ينقلنا إلى جنة غناء فيها فاكهة متنوعة ومتعددة المذاق.. الكاتبة جنحت في كتابها إلى الأخذ بما هو وجداني ورومانسي بمسحة خيالية ونبرة عاطفية طاغية، فيها لغة رشيقة رائعة لا تشكل تخمة قرائية مملة، بل شفافيتها تعكس وترسم خفتها على الذائقة وهي تتماشى وثقل الحجارة وزناً وإبداعاً، وكالريشة أناقة وجمالاً وخفة..

تنوعت الكاتبة في طرحها في المرافئ وإن غلبت لغة المشاعر وأحيتها الروح الرومانسية، فكأن (نوال) تحاول الهرب من الرومانسية لكنها تقع فيها، وإن سرحت في الخيال بإبداعها الذي اعتمدت عليه في سرد وتشطير خواطرها..

(مرافئ المنتهى) كتاب لغته شاعرية، وخياله واسع، وصوره عميقة، وفلسفته إبداعية.. تفننت (نوال) فيه بلغتها الشفافة التي تحاكي الوجدان والمشاعر في أغلب صفحاته، وأخذت صوراً متباينة لمن تخاطب؛ فلغة التخاطب عندها تحمل جاذبية وإغراء، إغراء فيه عفة وحداثة، واعتنت كثيراً في اختيار مفرداتها التي كونت جمالية في عناوين مقطوعاتها، وشكلت في عددها ومضامينها بانوراما، استطاعت أن تولف فيها بين الخيال والواقع والحس العاطفي والوجداني، فيظهر المزج فناً إبداعياً رائعاً. نصوص (المرافئ) توحي بوجود هوس عاطفي وحنين داخلي صيغ بلغة شاعرية ووجدانية، وإن كانت (طالع) قلقة بصمتها، لكن هذا الصمت تلاشى وانتهى مع ظهور هذا (المنتهى)، وبعضها يوحي إلى الحيرة وإن غالبت الصمت وأباحت بشفيف مشاعرها.

تختار (نوال) مفرداتها بعناية؛ لتصل بها إلى لغة رشيقة؛ وهذا ما يجعلها ذات صدى لدى القارئ والمتلقي، وقد تجذبك بقوة ساحرة دون أن تشعر بها.. إن هذا النوع من الإبداع الكتابي يفتح أبواباً كثيرة للكاتب؛ فمن خلاله يتبنى الكاتب جنساً أدبياً آخر؛ فهو من وجهة نظر شخصية بداية وورشة عمل إبداعية، قد تخرج أجناساً أدبية أخرى، وهذا لا يؤول أنها ليست إبداعاً، بل هي بداية لكل إبداع، ومن خلالها قد يميل وينحو الكاتب إلى أن يكون شاعراً أو قاصاً أو روائياً أو كاتب مسرح، مع احتفاظه بهذا الفن الأساس، ويمكنني أن أسمي مثل هذا النوع من الكتابة بالنصوص المفتوحة وإن تجاوزت في ذلك..

(مرافئ المنتهى) جاء في عدد صفحات 104 صفحات من القطع الأكبر من المتوسط بطباعة وورق فاخر، وبإخراج أنيق، علق على أغصانه (102) خاطرة ونص مفتوح، وإن كانت حروفه صغيرة فجماليته تغفر لهذه الهفوات البسيطة..

عموماً، إنني هنا أشاطر معالي الوزير عبدالعزيز خوجة في تقديمه لها، وقد كان معاليه في تقديمه ناقداً، أضاف للمرافئ إبداعاً إلى إبداع، ها هو يقول: «.. وأرى أن هذه البداية للأخت نوال تؤذن بمستقبل مشرق للكاتبة بإذن الله..».

شكراً لك (نوال)؛ لقد أمتعتِ ذائقتي بهذا المنتهى وهذه المرافئ.

Albatran151@gmail.com - الأحساء

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة