كما تستهتر الريحُ بالرمل، نستهتر بحيواتنا أحياناً.. نضربُ مصالحات مع خواتمنا، وننتظرها بشغف، ونتوعّد أنفسنا أننا سنكون في درجات الملائكة بمجرد أن ينكسر السلَّمُ الذي نقف عليه الآن، فتتشتت من حولنا الشياطين، لنصعد إلى مرتبةٍ تليق بنا..
* * *
قويةٌ هي كرجفةٍ، وخفيفةٌ كمنديل.. لم تكن ناعمة بالقدر الذي يجعلني أنام أخيراً، كما أنها لم تكن بالقسوة التي تحتّم عليَّ الاستيقاظ متحفزاً. كانت كأنها لم تكن، لذا فأنا لا أزال في فسحة من نعاس.. وإن كنتُ أردِّدُ: تعرفني الظلماتُ والأضواءُ، وأعرف تلوّنات الأنجم عن بُعد كما أعرف نكهات الغيوم الهشّة التي لا تزال تحجب بعضاً من شموسٍ كنتُ أجرّب ظلالي تحتها..
هل تحدثتُ عن أنثى من قبل؟
- لم ولن أفعل، فالشجرة ليست آلة موسيقية، والتراب والماء ليسا بعازفيْن ماهريْن، كما أنّ الضجرَ لا يصلح أن يكون مطرباً في حضرة هذه الكائنات..
- إذاً، (خذ قسطاً من التعب):
قريباً، قريباً.. من المرايا
تسقطُ نافذةٌ، وحدها..
وينجمُ عنها غبارٌ نظيفٌ
كلون التلاشي..
تراه، ولم تكتشفه تماماً
تراه بياضاً
تراه حطاماً
وأنتَ تقرّب كفَّاً لكفٍّ
وتبدأ من إصبعيكَ اختتاماً
ولكنها النافذة..
دائماً.. نافذة.
وأنتَ تمارسُ عاداتكَ الموغلة بعيداً في المبدأ، من دون وصاية فُرضت عليكَ إلاّ بحكم العادة طبعاً، فلماذا تختلف مع كل حدثٍ طارئٍ.. ثم تعتاد عليه؟ أنتَ حدثٌ طارئٌ منذ أزمنةٍ ولم يعتد عليكَ أحدٌ بعد، فكن أحداً مرةً كي يكونَ الزمانُ عادتك..
لكَ الآنَ
قسطٌ من التعب المستديم
بلا أيّ جهدٍ حصلتَ عليه
لكَ الآنَ
جهدكَ، كيما تليق بقسطكَ
من تعبٍ لن تضيعَ لديه..
ولستَ بخاسرْ
فأنتَ، وإن هجّروكَ .. ستبقى
وأنتَ، وإن قيّدوكَ.. تهاجرْ
* * *
على كل حال، ما هي إلاّ مجردُ تلويحةٍ – غير صريحة! - خطَرَتْ بالبال.. على هامش استماعي العابر لأغنية محمد عبده (ما عاد بدري) من كلمات تركي: (لو ضاعت الفرصة، ترى الموت حسراتْ).
فهل من بديلٍ سيأخذني، بعد أن يؤخذ القسطُ مكتملاً
من عقاب الحضور.. وعفو الغيابْ؟
ثم كانَ الجوابُ: خُذلتَ، فكنتَ، وكانَ العذابْ.
هل عليَّ بأنْ أقرأ الآنَ كلَّ الكتابْ..؟
سوف أدلي بعمري في صفقةٍ، أستمدُّ لها الصبرَ من وقفةٍ
كنتُ أتقنها فوقَ تلكَ الهضابْ!
لهذا أنا الآنَ أحتاجُ ناراً، لأجعلَ من حَسَراتٍ قراراً
.. وأبتعدُ الآنَ عن كلِّ بابْ.
ffnff69@hotmail.com
- الرياض