Culture Magazine Thursday  07/02/2013 G Issue 395
فضاءات
الخميس 26 ,ربيع الاول 1434   العدد  395
 
البيوت
الحياة ليست أغنية عاطفية!
لمياء السويلم

 

إنها ليست أياما صعبة لتنتهي، ليست ألما يتطلب مسكنات طبية، لا وليست ذعراً يدب في قلوبنا نحتاج فيه أنفاساً عميقة، ليست تعثراً في درب طويل وجرح عابر، إنها ليست دمعة تجف وشفاه تعطش لترتوي، إنها أطول وأقصر من كل ذلك.. إنها حياتنا.

هو ليس مدرسة داخلية مدفوعة الأقساط محددة الأعوام، ليس ساعات عمل شاقة أو مملة أو ممتعة أو قاتمة تنتهي مع منتصف النهار ونحصل على إجازة منها نهاية الأسبوع وفي المواسم والأعياد ونخرج عنه للتقاعد، ليس هو فندقاً أسأنا اختياره وننوي المفاهمة مع مكتب الحجوزات الذي ورطنا فيه وأضاع علينا فسحتنا من السفر، إنه بيتنا.. بيتنا الذي ارتفع سقفه وأحكمت أبوابه وألوانه وكمية الهواء الذي يزوره قبل أن تضع أقدامنا طبعتها الصغيرة على أرضه. وهم.. ليسوا معلم عصبي المزاج عبوس الوجه نتأمل نهاية العام وفصوله الدراسية، هم ليسوا جاراً لا نستطيع تفادي صباحاته فقط، فنسلك أزقة خلفية كي لا نلتقيه، هم ليسوا أصدقاءً نعيد ترتيب أسمائهم في أجنداتنا ونعيد ترتيب أوقاتنا معهم، هم ليسوا شيخاً ضريراً يتحسس الطريق بعصاه لنمسك يده دون أن نسأل لماذا لا يرانا، ليسوا عجوزاً أفقدها الزمان سمعها لا تحس بصراخنا واستجدائاتنا، هم أهلنا.. عائلة شدت وثاقنا قبل أن تطلق أرواحنا صرختها الأولى في الدنيا، هم أباً وأم يحملون وزر وجودنا ويكفرون عن ذنبهم بصرامة التربية.

إنها ليست أغنية عاطفية ندمع على سماع لحنها الحزين، لا ليست قصيدة مترجمة خانت اللغة معانيها، إنها ليست صورة مصممة على برامج كمبيوتر نملك حق التلاعب في ألوانها، إنها ليست سباقاً على درجات عليا ولا استحقاقاً لشهادات الشرف والسلوك الحسن، ليست مهمة رسمية تشترط صرامة الحضور والقامة المفرودة التي لا تعرف الانحناء، إنها ليست مناسبة مسائية نتأنق لروادها بالكلام العذب والابتسامات المرسومة، ليست نشاطاً لا صفياً لا نكترث ماذا نختار منه وماذا نقدم فيه، نلتحق بأصدقائنا أينما اصطفوا لنصطف معهم، هي ليست برامج صيفية نبحث فيها عن أفضل الرسوم وأجود النتائج، إنها أقل من ذلك كله، لأنها أكثر من كل أجزائه.

هي أقل من أن نحرمها فرحاً باسم الخوف، أقل من أن نعصمها المتعة باسم الفضيلة، أقل من أن نكابر على أهوائها باسم الغيب، إنها أقل من كل ذلك وأكثر، أكثر من أن نرضي أحداً فيها ونؤمر أحداً عليها، إنها أعمارنا.. تنتثر من فيضها بين أكفنا ونحن مانزل نحدق في عين الشمس، علها تغيب فلا نبصر في العتمة أنفسنا، أنفسنا التي ستسأل العمر الذي ضاع ويضيع : ماذا بعد أن نعيش؟ ماذا قبل أن نموت؟!

lamia.swm@gmail.com - الرياض
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 8789 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة