Culture Magazine Saturday  05/10/2013 G Issue 414
كتب
السبت 29 ,ذو القعدة 1434   العدد  414
 
الإنسان والدولة والحرب
تحليل نظري

 

المؤلِّف: كينيث والتز

المترجم: عمر سليم التل

الناشر: مشروع كلمة للترجمة: أبو ظبي؛ 2013

***

«الكتاب يبيِّن كيف أن تحقيق السَّلام ينطوي على فهم لأسباب الحرب؛ فيتناول الفرضيات والحلول التي أبدعتها الأدبيات السياسيَّة الكلاسيكيَّة في مسعاها للإجابة عن سؤال: أين تكمن أسباب الحرب ودوافعها؟ فتحقيق السَّلام ينطوي على فهم لأسباب الحرب ومثل هذا الفهم هو محور الكتاب.

يقسم المؤلِّف الكتاب إلى «مستويات تحليل» يُطلق عليها تسمية «تصورات» بوَّب ضمنها مواطن أسباب الحرب، وهي: الفرد، والدولة، ومنظومة الدول التي تَعمّها الفوضى؛ هذه العناوين تمثّلها الفصول الثاني والرابع والسادس على التوالي، حيث يعالج المؤلِّف كل تصور من خلال القوالب التقليدية في الفلسفة السياسيَّة والنظرية السياسيَّة.

أما الفصول الثالث والخامس والسابع فتُوضِّح بالأمثلة والشواهد التاريخية كلاً من التصورات الثلاثة. والفصل الثامن مقالة موجزة حول العلاقة المتبادلة بين تلك التصورات الثلاثة، وخاتمة للكتاب في الوقت نفسه.

يعالج التصور الأول مقولات حول أن طبيعة الفرد الأنانية والعدوانية مصدر المآسي البشرية، بما فيها الحرب، التي يكون اجتثاثها عبر النهوض بالفرد وتنويره.

ويذهب التصور الثاني إلى أن الإنسان يولد محايدًا فهو نتاج مجتمعه، والمجتمع لا يمكن فصله عن الكيان السياسي، فالكيان السياسي الصالح يجعل الناس صالحين، والكيان الفاسد يجعلهم فاسدين.

وعليه، فإنَّ التنظيم الداخلي للدول هو سبب الحرب أو السلم، وليس طبيعة الإِنسان. وهنا يناقش مقولة «السَّلام أنبلُ أسباب الحرب» التي بحثها ضمن ما كان يُطلَق عليه خطًا «نظرية السَّلام الديمقراطي»، حيث حذّر من مخاطر النزعة التدخلية التي يَرَى دُعاتُها أن الديمقراطيات تمثِّل الشكل الوحيد للدولة المسالمة، الأمر الذي يبرر اللجوء إلى كل الوسائل لجعل الدول الأخرى ديمقراطية. وقد شكّك المؤلِّف في صحة هذه الفرضية عبر الاستشهاد بمرجعية جان جاك روسو.

ومما تمس حاجة القارئ العربي إليه، وبخاصة في ظلِّ ما يجري اليوم، معرفة الذهنية التي يصف المؤلِّف من خلالها العلاقة الثنائية المربكة ما بين الحرية التي تفضي إلى فوضى ومن ثمَّ حرب تُهدِّد الأرواح، وبين السَّلام في ظلِّ طغيان نظام يسلب الحرية. وهنا يصيغ المؤلِّف بجلاء بعضًا من أهم جوانب المشكلة التي تعالجها التصورات الثلاثة: ففي أوقات السَّلام يتساءل الناس: ما قيمة الحياة دون عدالة أو حرية؟ الموت خير من حياة الذل والعبودية. ولكنهم في فترات القلاقل الداخليَّة والحروب الأهلية وانعدام الأمن يتساءلون: ما نفع الحرية من دون سلطة توطد الأمن وتحفظه؟ وهنا يصبح للحياة أولوية على العدالة والحرية. فإذا كانت الفوضى بديل الطغيان، وكانت تعني حرب الكل ضد الكل، فإنَّ الرغبة بإدامة الطغيان وتحمل سلبياته تصبح أمرًا مفهومًا نظرًا لأن أحدًا ليس بمقدوره أن يَتمَّتع بالحرية في غياب النظام.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة