Culture Magazine Saturday  05/10/2013 G Issue 414
فضاءات
السبت 29 ,ذو القعدة 1434   العدد  414
 
أبيض غامق
Post it
نورة المطلق

 

(1)

ما زالت الحياة رياضة يومية أمارسها كي أشعر بي وبما أُنطتُ به وما أُنيط بي؛ لأن الكثير من الخيارات التَرَفية أصبحت من الضرورات التي تحتم الكثير من القبول. حيث قيمة الأشياء قبل أن تكون في أصلها, ملصقة في شكلها كوظيفة ملصق تسعير السلع. فالقيمة الكامنة تماماً لديّ هي شيء لا قيمة له أمام الآخر مقابل الشكل المُسعَّر سابقاً, والعكس ليس ضرورياً بالنسبة إليه. كون القيمة الظاهرة أو المتحركة لا تدخل في هذه القرعة من باب أنها حالة خيارات غير محدوسة وأنها على الأقل شبه قِيمة في تداولها مجاناً!

وكخيار ضروري, وقيمة وثمن, علينا أن نتعلم (قبحاً شكلياً ما) من أجل قيمة ما أيضاً!! ولو لم نستطع تفعيله بصورته؛ لندرّب أنفسنا على أن ثمة قبحاً غير مرئي في هذا العالم ينفذ إلى روحك من خلال قيمك وأشيائك البسيطة ويكلفك كثيراً, أو يسرقك ثم يَدَّعي عليك, أو ينظر إليك كملصق سعر من مظهرك القماشي أو (عتبتك) الاجتماعية!

(2)

قال ربي: «ولقد كرمنا بني آدم» الإسراء 17

كرمه عزّ وجل بأن خلقه في صورة تامة حسنة وأنعم عليه بالعقل والحواس, ووهبه هذه الأرض ليعمرها روحاً ومادة... كرمه ربه إلا أن خلق ربه أهانوه كثيراً, فكل هذه الإهانات العالمية في حق بني آدم مدمية إلى مسافة الخرس التام. فمن لفظة فجة أو إلماحة إلى قتل مسرف (بلا سبب)! الحد الذي بدأتُ أشك معه أن الإنسان أصبح يقتل لبشريته! وليس كما يُدَوّر ويكوّر هناك وهنا بين كمْشَة الإيديولوجيات التي حشرت نفسها في مآزق سيئة, وأصبحت تحتكر جهات الدنيا إن شرقاً وإن غرباً! رغم جرم الغاية والوسيلة فيما تَقْتل من أجله.

كرامة الإنسان الآن وحرمة دمه مسألة قتل للقتل. وأظنها بروفة للعبة إلكترونية قذرة, ستصدر قريباً لأجهزتنا الذكية لنستمتع ونلعب!

(3)

السخرية من مواقفنا اللحظية والمزاح الذي يتدرب كثيراً من أجل أن يكون جاداً ويعتمد على نيته, أشياء تتخفى بنا وتتقمصنا حين نريد أن نناهض وجعاً عاماً أو خاصاً بطريقة تبدو ولا تبدو ناصعة.

لن أقول إنها الجبن المستحب أمام خيباتنا وآلامنا الصغيرة أو الأممية, وبالتالي الضحك أمامها عوضاً عن مواجهتها؛ إنما هي الفن الذي لم يقصد نفسه. الحيلة التي لم يكن لها صاحب. والتي وجدت نفسها تقلب الأشياء لصالح الضحك, وتبحثُ عن فتنة الضحك المبستَر في كثير من المذاقات. هذا النوع من المزاح والسخرية بَسْتر الكثير من الشعراء, والمجانين, والرسامين, والمتسولين, والعالقين في أنفسهم كفكرة نص عالقة في جملة. والكثير أيضاً من العبث المعقَّم دون أن تقصد.

(4)

لا يجب أن نعلّق الجرس بالطريقة ذاتها. ولا أن نُحْدث ضجيجاً حين ندعو إلى خير أو فضيلة. يكفي أن نَكون دعوة شفافة بنغمة هادئة, أو أن نستعير دور وريقات الـ (post it) في كل مرة. فقد اختلطت أصوات الأجراس الآن وغاياتها. جرس الإنذار, وجرس الكنيسة, وجرس (الفسحة) وجرس السرعة في المركبات, جرس الباب والبال, والقائمة....ففي كل قارعة جرس ونائحون, وطبول وأحذية طويلة, وطقوس سِركيّة متناسخة بذات النغمة والعَرض. إلا أن ثمة أجراساً لا تُعَلّق إلا على رقاب الدواب التي تركض بها كلما هرَبَتْ منها!

- الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة