تكوين طارق عبدالحكيم محمد الدبيسي
|
في عام 1339هـ وفي إحدى ضواحي
الطائف وذرى (الهدا) ولد طارق عبدالحكيم..
.. ليرضع من المكان أُنس الجارحة ومن الطقس
انتعاشات الروح.. ومن المصيف غوايات الفن العفيف..!
فكان سعادة (العميد).. مأسوراً بالنغم..
يستقيم على جادة اللحن.. بصرامة
(العسكري) والتزامه.. وينطوي في دخيلته على
جغرافيا التقاسيم.. وفتنة الوتر..!
حررها مبكراً في أغنية لم يحفل تلفزيوننا
قبل عشرين عاماً بغيرها.. (يا ريم وادي ثقيف)..
** (طارق عبدالحكيم) لم يكن هاوياً.. يجرب
صوته في حفل مدرسي.. أو (كشتة) نهاية الأسبوع ..! ولم يقم فنه بحواشي البنكنوت.. لتطبخ له زفة إعلامية يدشن
فيها وعورة موهبته وضحالتها بتزييف صحافي..
.. واستنساخ باهت يغطي عرى نقصانه باكسورات الوجه والملامح ..؟!
** بل كان يحترف الفن بمقومات تنهض
بأداء احترافي.. وحس أنضحته الدربة ..؟
** في عام 1381هـ أصدر كتابه الأول
(قواعد الموسيقى ونظرياتها) عن مطابع
(الشمرلي.. بالقاهرة).. يوم أن كان حصيلنا المعرفي
لا يتجاوز (ثلاثين كتاباً)..
ويوم ان كانت (الموسيقى) عند البعض
خدشاً للمروءة.. ومسبة للرجولة.. ونقصان الكمال ..!؟.. يومها كان وعي الفنان (طارق) ينهض بما يؤمن به..!
لم يشغل الموسيقار.. ان يكون قبلة
يؤمها الشداة..؟ فحسبه الفن كحالة وقضية حياة..
يمتح من نبعها دفقاً عذباً يحقق به
متعته بعيداً عن رصيد ذاتي محفوف بالدعاية والثناء ..!
** (طارق عبدالحكيم) ينجز الآن.. (ثمانين عاماً) ونيف..
استغرق فنه الأصيل أجمل ما فيها ..!
الموسيقى كثقافة ولغة كونية.. وكممارسة إبداعية
وإدراك جمالي ووعي حضاري.. وكسلوك روحي
يتجاوز المآزق الصغيرة.. والصروف المؤقتة..
إلى ما يبقى ويدوم.. في ضميره ..!
هكذا وعاها واستبانها.. وتبناها الموسيقار ..!
** وهي المكون التراثي الأكثر تبدياً وتماساً
مع كل الذوائق والقابليات في ثقافات الشعوب..!
لم يدرك أهميتها غيره ..؟ يوم كانت لا تلوي على شيء من
هذه المفاهيم في وجدان العموم والصفوة على حد سواء ..؟
ولذلك.. كان فعله الشجاع في رصد
نظيراتها.. واستقراء ملامحها في أقاليم الجزيرة
العربية في كتابه (الأنغام الخفية في الصحراء السعودية)
الصادر عن دار الهلال 1391هـ
إنجازاً ثقافياً.. لم يلتفت له.. في غمرة الوقدات
الآنية لمطربي الصفقات.. التي لا تلبث
تختفي أو تنطفئ.. غير مأسوف عليها..؟
** وظل المتابع لمسيرة الأغنية.. وفقاً
لتمرحل تطورها ومفاصل تحولاتها مدركاً
لذلك الجهد الباذخ.. الذي أسهم الموسيقار
في وضع لبناته الأولى ورسم جادته
الموضوعية.. بحثاً نظرياً.. وأداء إجرائياً.. للارتقاء به من
شذرات متفرقة الاتجاهات.. تتوزعها الإقليمية
والمناطقية.. إلى جهد موثق وبيان نظري..
أخذ على نفسه رصده والتأريخ له.. واستجلاء سماته !
** الفن لدى الموسيقار.. ليس كلمات
ولحن.. وصوت تحيط به الراقصات..
وطبول.. تجرحها أكف (الطبول)..؟
ولكنه ثقافة ووعي والتزام ..!
ولأنه كذلك..
فهاهو الموسيقار .. يتوارى في زحمة الأصوات..
في موقع عزلة.. يدوزن القمر.. في كل رحلة نغم..
تحقق له الألفة التي شربت سلاف المقامات.. والمطالع
.. ومفاتن تغرية (القرار).. ويقين (الجواب)..!
كما فعلها مبكراً.. يوم ان حرر الأغنية من كلاسيكية
الراحلين (السندي وباعشن)...؟! (نغم) يتعالى على فوضى الصوى.. وظلامية
الأفق.. في زمن لا يمسخه بلخير ورفاقه..
في عتمات مكشوفة في الأسِرة والشوارع..!
** في قسمات صوته.. ونبرات مقاطع
أدائه.. وتحريك أنامله للوتر..
مطالع لقوة حضور الذائقة.. التي تحرك
قابلية التلقي.. وتشذب جارحة السماع..
وبالموهبة والقراءة.. وسداد التأصيل
الثقافي الموسيقي.. كوّن (الموسيقار)
شخصية فنية تتآلف مكوناتها.. لتخلق الحالة الفنية
بصوته الهادئ.. وحنان نبراته.. وعذوبة اندلاقها
وإمكانيات التنويع في طاقات الصوت ومسافاته ..!
وكأنه يرسم الصوت.. بلون حالة
شعورية.. يتحقق بها مستوى
الروعة المتناهي.. ووحيب الإحساس
المتوازي.. مع دلالة الكلمات وآماد تجليها ..!
Md1413@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|