نص وجهها الجميل د. خالد محمد باطرفي
|
كأنما استيقظت من حلم حالم هذا الصباح. في حلمي كل ما في حكاوي الأطفال البريئة، وقصص الكبار الأقل براءة. أميرة من زمن الرومانسية والبراءة والطفولة. امرأة من قصيد، وقصيدة في امرأة. أقحوانة تشتعل حباً وحكمة، نوراً وناراً. فرس عربية حلوة جامحة تتقد بالمتقاطعات: تمرداً ومسالمة، شدة وحناناً، قوة ونعومة. يرنو إليها شاعر كندي يتمثل امرئ القيس وعمر بن أبي ربيعة، ويحسب انه إنما خلق ليكتب في هذه الفرس القصيدة قصيدة.
تتوقف عقارب الساعة، ونبضات الزمن، ويتلكأ التاريخ حتى يقف مشدوهاً أمام المشهد الجليل. أميرة النهر والخصب، وسيدة الضياء والضلال، فارسة القلب، وقلب الفارس تقرر في لحظة تجل ان تكشف عن وجهها الموصوف بالسحر والجمال، وعقلها الموسوم بالحكمة والذكاء، وداخلها الممدوح بالطيبة والنقاء. وأمة من المشدوهين تقف مضطربة بأنفاس يقطعها الخفق واللهث والتعب تنتظر لحظة الكشف العظيم.
يزرع الناس الأسئلة ويحصدونها: ترى كيف هي؟ كيف تكون؟ أشمس أم قمر؟ أعالم أسطوري أم واقع حالم جميل؟ أهي الأسطورة التي تناقلتها كتب الأولين، أم عروس البحر التي توارث حلم البحث عنها عشاق البحر والأساطير ودرر الجمال؟
يتبرع البعض بالإجابة وادعاء المعرفة. بشر! يصدق بعض، ويشكك
بعض. ألسنا بشر؟ وتتداول الألسن الشائعات. فمن قائل أنها ملاك بشر. ومن قائل أنها بشر غير كل البشر.
مطرب هاو أنشدها أغنية. شاعر غاو صورها في قصيدة. مصوّر رسم لها وجه قمر. وألوف رسموا في مخيلتهم ألف شكل وصورة.
حركة هزت الأرض ونفخت الريح في روح ذاك المكان. تساءل الخلق، تلاطمت الأجساد، وعصفت القلوب، ودارت الرؤوس دون ان تدور.
ثم.. وبعد لأي ولهفة، توثب ووله، ترقب ولهب: ترتفع الهامات وتتطاول القامات وترتفع إلى عناء السماء آهات حرى وآهات.
ويضج كالليل والويل قلب الفارس الكندي وينفث الحمم بركانه، ويرتفع شأنه لأنه الأقرب، وتقمعه الهيبة لأنه قريب.
يكاد يضج بالآهات أشعاراً ويكبته حياء كلما نام عنه أيقظه صبح جديد. وفي لحظة حافلة، عارمة، سافرة مسرفة: تنكشف الحجب، ويتكشف غمام السماء وحجب الأرض وحجابها: و.. وتظهر الحقيقة.
أكثر الحقائق مرة، وأقلها جميل. وفي القليل قليل، وفي القليل قليل، وأقل القليل رائع، مذهل، فاتن، حافل.. جليل. ولكن لا شيء من الحقائق والأساطير، من الواقع والخيال قدّر له ان يبلغ ما بلغته هذه الحقيقة العظيمة البسيطة، الحية السافرة، الوديعة المبهرة.. وجهها (السيد) الغامر, الفادح, الجميل .
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|