مع الشيخ السفير الأديب رحلة الكفاح والنجاح عبداللطيف الجوهري *
|
* تمر الأمم والشعوب بفترات تحوُّل ومُنعطفات تاريخية تُبشرُّ وتُؤذن بعهود الانطلاق وعصور التقدم والازدهار، ولكل عصر رجاله وفرسانه.
* ولقد شهدت هذه البلاد الحبيبة الغالية انطلاقة مباركة مُذ هيأ الله لها قيادة فتية حكيمة جمعتها بعد فُرقة ووحدتها بعد شتات وأقامتها على التوحيد، فاستتب لها الأمن وتَدفقت فيها ينابيع الخير والرخاء على يد المؤسس الباني صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله.
* وتمخضت تلك النهضة عن جيل نبيل من أبناء هذا الوطن الغالي، جيل قلّما يَجُود الزمان بمثله في تربيته وطموحه وعصاميته وحُبه للعلم والوطن والفضيلة، ولقد شاءت إرادة اللهتعالى أن يجني جيل الطلائع المؤسس ثمار زرعه وكده فيعيش مرحلة الوفرة والطفرة والرخاء والازدهار.
* وكم كان مفيداً جداً لأبناء هذا الوطن العظيم أن يتوفر أبناء ذلك الجيل الفريد بكتابة ذكرياتهم وشهادتهم على العصر والأحداث التي كانوا في قلبها ومن صُنَّاعها، فعل ذلك أدباء وتربويون وإعلاميون وسياسيون، وتلك الذكريات والأدبيات حَريَّةً بالاهتمام من أولي الأمر في المؤسسات التعليمية والتربوية والإعلامية في المدارس والجامعات والصحف والمجلات وتقديم تلك الأدبيات في أعمال فنية تمثيلية تربوية لتفيد منها الأجيال الجديدة ولتستخلص منها القيم البناة والحكم البليغة وعبرة الأيام، ولتواجه تحديات الأيام ومشكلاتها برصيد من تجارب الآباء المربين والعلماء العاملين والأدباء المفكرين.
* ولقد جاءت ذكريات شيخنا الأديب السَّفير الشاعر أحمد بن علي آل مبارك (رحلة الألم والمل) مَنَارةٌ هادية على هذا الطريق، وقد نشرتها مجلة (المجلة العربية) الغراء بعنايةٍ فائقةٍ واهتمامٍ لافت بما يليق بقيمتها الأدَبيّة والتاريخية، وبما يليق بمنزلة صاحبها الأدبيّة المرموقة. ولقد تابعتُ حلقاتِ (الذكريات) خلال الإقامة في مصر أو خارجها متابعةَ المحب المتيم، لما عكسته من أسلوب أديبنا البديع ولما تفيض به من الشاعرية والحكمة وأدب النبالة ونبالة الأدب، فضلاً عن قيمتها التاريخية باعتبارها شهادة على حياة النهضة ونهضة الحياة في منطقة الخليج والجزيرة والعراق ومصر بعامة وواحات الأحساء بصفة خاصة، فأنت عَبْرَ النافذة التي فتحها شيخنا الأديب من خلال نصوص الذكريات تطل على التاريخ والجغرافيا ومخاض النهضة والتقدم والازدهار في مجالات الإعلام والتعليم وإدارة البلاد في حقبة تاريخية تمتد لنحو ستين عاما وكأنك ترى صورة الحياة عبر تلك الحقبة الممتدة رأي العين، وقد ساعد شيخنا وأديبنا المبارك على ذلك ذاكرة قوية وثقافة واسعة وتربية عالية وأصل كريم وشغف بالعلم ومكارم الأخلاق.
* ولم تكن (الذكريات المنشورة في حلقات) وحدها مما وَقَفْتُ على الآثار الرجل، وإنما وقفت على آثار أخرى مما كان ينشر لأدبينا الجليل في الصحف والدوريات المختلفة التي تصدر في المملكة وخارجها فأحببت الرجل دون أن ألقاه وودت في رحلة الأيام أن أراه. وذات مساء عبقري وقد أَذِنَ الله تبارك وتعالى أنْ أَفِدَ إلى واحات الأحساء في رحلة عمل محددة أن ألتقى أحدَ أدباء وشعراء الأحساء الشبان النابهين وهو الشاعر الرقيق والخلوق الأستاذ عبدالله بن ناصر العويد المشرف الثقافي بقسم النشاط الطلابي بإدارة التعليم بمحافظة الأحساء، وخلال حديثنا تأتي سيرة شاعرنا السفير الشيخ أحمد بن علي آل مبارك وكان ذلك مساء الأحد (2771422هـ) فيدعوني ابن عويد للقاء الشيخ في ذات المساء أثناء انعقاد ندوة الأحدية الثقافية التي يرعاها الشيخ من نحو اثني عشر عاماً، فانفتحت أمامي نافذة واسعة أطللت من خلالها منذ تلك الليلة المباركة على وجوه الأدباء والعلماء والإعلاميين والباحثين والمتأدبين في واحات الأحساء، وقَدَّم ابن العويد شخصي الضعيف لشيخ الأدباء والعلماء فاحتفى بي منذ ذلك اللقاء ولم يزل أيَّ احتفاء، ودعاني للمشاركة في فعاليات ندوته الأسبوعية التي هي جامعة ثقافية كبرى ومركز إشعاع ثقافي وأدبي وإمارة بارزة على طريق النهضة الثقافية والأدبية في الأحساء بخاصة والمملكة والوطن العربي بعامة، ولقد لفتني في الرجل وفاؤه النادر لحياته في طلب العلم في مصر وأشعاره العذبة إبان إقامته فيها وحنينه الدائم.
* وبعدُ فقد جاء تكريم الشيخ في مهرجان الجنادرية لهذا العام 1423هـ تكريماً للعلم والعلماء ولجيل الأدباء البناة النبلاء وإمارة على رقي الأمة ورشادها، وهو تكريم أصاب أهله وأثلج صدور العلماء والأدباء والمتأدبين. وليس من شك أن شخصية أديبنا العالم الشاعر السفير شخصية ثرية وبديعة ليس سهلاً على باحث أو كاتب مقالة محددة أن يُلم بجوانب التفرد والثراء والعطاء العبقري المتنوع في نتاجه المتنوع والأدوار والمهام التي اضطلع بها عبر حياته الثرية الفيَّاضة بالأعمال الجلية والآثار النبيلة، وآمل أن يتوفر الباحثون والدارسون والإعلاميون لنشر نَتَاج أديبنا الرائد والإشارة إلى فضله ومكانته في عالم التربية والدبلوماسية والتأليف وأثره في النهضة الأدبية والرقي العلمي والثقافي من خلال الدور الذي اضطلعت به ندوة الأحدية المباركة.
* كاتب أديب وتربوي _ عضو اتحاد الكتاب المصري
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|