Culture Magazine Thursday  29/11/2012 G Issue 387
شعر
الخميس 15 ,محرم 1434   العدد  387
 
التجول في متاهات الذكريات
حسن محمد حسن الزهراني

 

صباح المسرّات

يا نفحة الورد

والزهر. والفلّ. والأقحوانْ..

صباح العناقيد ترسم في (سلّة) العشق

ثغر الحنانْ..

وتطوي بأفراحها كل يومٍ

هموم الزمانْ...

وتحفر في صخرة الذكريات الجميلة

وجه المكانْ..

وتُنبتُ في قاحل الحزن نهر المتاهات

تطلق للروح فيه العنانْ..

* * *

نسير صباحاً إلى الحقل

يَمخُرُ صمت الفؤاد المعنّى سؤالْ..

ويسكن في العين بعد وداع المنام

اللذيذ سؤال..

* * *

ويوقظ جيش المنى في هزيع الربيع

المرجّى سؤال...

نسير صباحاً مع جَحفلٍ من تهاليل

آبائنا الكادحينْ...

وقد أذبلوا زهرة العمر في

ساحة الجهد من أجلنا صابرين...

* * *

نسير صباحاً مع جحفلٍ من تسابيح أغنامنا

حين نفتح أبواب لهفتها نحو عشب السفوحْ...

مع جحفلٍ من تباريح أقدامنا

بثّ في الطرقات الكئيبة روحاً.

وفي الكون روحْ...

نسير صباحاً. ويجفل من وقع أقدامنا

حين نعدو:

(جراد) الصحاري وبعض (الفراشات)

تهتزّ بعض غصون (الضّرمْ)1...

نسير صباحاً. وأبصارنا شاخصاتٍ

تُلاَحِق في كل صوبٍ شموخ القِممْ...

* * *

نسير صباحاً. وينبت في القلب حلمٌ بعيد بعيد

ويعبر كلَّ الشرايين يبحث

عن مرفأٍ بعد طول السفرْ...

وينفذ منه شعاعٌ إلى الروح

يهطل في ساحة اليأس وجه المطرْ...

وينمو على ضِفّة الحلم في أول العمر

جوووووع الشجرْ...

ويَزهِرُ في لحظةٍ من أنين الليالي

نحيب الوترْ...

وينقش في صفحة الشدو أحلى

وأبهى الصّوَر...

* * *

نسير صباحاً. إلى الحقل

نرسم مستقبل العمر بين السنابلْ...

ويمتد حتى يعانق إطلالة الشمس

نكتب بالضوء بعض الرسائلْ...

نسير صباحاً.

يُدَوزِنُ أفراحنا حين تختلّ

أوزان أوتارها من هجير المآسي:

غناءُ البلابلْ...

نسير صباحاً. وننحت في صفحة الفجر

للأمل المرتجى صورةَ ترتوي

من ينابيع) بابل...)

نسير صباحاً.

إلى الحقل نقطع من رحلة العمر: أولى المراحلْ...

* * *

نسير صباحاً. نسابق سِرب الندى

حين يمشي الهوينى على شُرُفَاتِ الورقْ...

ويكتب في راحتيه حروف الفلقْ...

ويمسح من وجنتيه دموع الشفقْ...

* * *

وينسلّ منه إلى الأرض:

يرسم من ناصع الماء بعض الدوائرْ...

وينبت من نفحة الطين والماء شاعرْ...

وتُشرِق في ذهنه الغض أحلى المشاعر...

ويحمل في قلبه قلم الحب

يركض في غمرة الشوق خلف المحابر...

وينهكه الركض. لكنه يمتطى

بعد طول السُّرى صهوات المنابر...

وينشد للكون ملحمة العشق.

تنصت للشدو كل الضمائر...

ويكتب مقطوعةً من شجون الهوى

فوق خدّ النّسيم المعنّى

إلى طيف محبوبةٍ لاح خلف الستائر...

ويحمل في دورق القلب

بعض رحيق الأماني وعطر البشائر...

يُقدّمه ساعة الفجر للمرأة الحلم:

كي تفتح الباب للشمس

توقظ أنفاسُها ألفَ طائر...

ويرفع أشرعة الصبر في لُجّة اليأس

كلّ صباح إلى جُزُر الخوف

تذوي أمام عصا عزمه الفذّ كل المخاطر...

وتنساب في روحه دمعة الندم العذب

حين يلوح لعينيه جيشُ الظلام المُحاط

بسور المقابر...

* * *

وترتجف الأرض: يأتي الضُّحى

حاملاً بين أهدابه:

شَيعَةً وغصوناً من الشّثّ والسّيسبانْ )...(2)

ويأتي الضحى:

يشربُ الكونُ كأساً من الصمت

يعبر نحو الظهيرة : جسر الأمانْ...

ويهوى على وجنات (الصبايا) بريقٌ

زها من نجوم العرق...

وتجتاز آهاتهنّ ظلال ( المظلاّت))

تبحر في لُجّة الطّيف خلف الأفقْ...

وتغرق أدمعهن الحبيسة خلف الجفون : سهول الحَدَقْ...

ويعبق في روض أوراحنا

بعد دوّامة التّعب المتوالي أريجُ الكفاحْ...

وتغسل ألحان بعض الأهازيج إحساس نشوتنا:

من نعيب الجراحْ...

ويبهر أبصارنا الضوء يشرق

(من شجر) اللوز والخوخ) منبثقاً

من بياض الزهورْ...

وأسراب (نحلٍ) تغنّي على عزف أنفاسها

وهي تنفث في صمت أرواحنا عطرها

فَتُهِيجُ السرور...

ويُسكت أعيننا من صراخ التجول

في السفح والسهل والمنحى ( جُلّنارْ )... (3))

وتجذبها حين تغرق في دفقة الاخضرار:

شفافية الاحمرارْ...

وعاصفة تمتطي جندل العنف

كي تدفع الضوء قسراً إلى الانكسارْ...

* * *

وتأتي الظهيرة نحمل كل الذي

قد حصدناه من (قمحنا)

فوق أكتافنا في ثباتْ...

ويشجي القلوب المليئة بالتّعب العذب

صوت (الزّعازع والقُبّراتْ)

ونبني لنا من حصيلة ما قد جمعناه

من (عُصَدِ) القمح حول (الجَرِين)

(حبيلاً حبيلاً)...

ونجلس في ظلّه بعد طول العناء الذي كان: مستعذبين المقيلا..

* * *

ونستأنف الركض في ساعة العصر:

تجذبنا نغمات السواقي وعزف المحاريث للأوديةْ...

وتطرُق أبواب فرحتنا خضرة الزرع

تصنع من رمل (فُرقتنا)

بين أوراقه أنديهْ...

ونسكن فقّاعة الحلم تحملنا نحو سقف الأماني

وتُلبسُنا طيفها أرديةْ...

وتختال من فوقنا. تحجب الضوء عنّا:

جبال السحابْ...

وتسطع في الكون أغصان برقٍ

لتكتب ب النور فصل الخطابْ...

ويصرخ في سمع أجوائنا الرعد

يوقد في شوق أرواحنا جمرة السعد والارتياب...

وينهمر الغيث تعزف أوتاره

نغم الصمت من حولنا بعد طول الغياب...

ويجري بأشواقنا في شرايين (خلجاننا)

يرتدي معطفاً من نسيج التراب...

وينشد لحن الحياة الذي ينفث الروح

في وَجَنَات الشِعاب...

وتنساب حزمة ضوءٍ من الشمس

عَجلَى تُمَزّقُ ثوب الرَّباب...

وترقص فوق الرّوابي

كما يرقص الزّورَقُ الحرّ فوق العباب...

ويسبح صدر الرياح الرقيقة فوق الحشائش

يجتاز أمواج هاماتها في العشيّات

موجا يلاحق موجا...

وتُنصت أرواحنا حين تشدو طيور

المساء التي تتبع

الشمس فوجاً يلاحق فوجا...

ونسكن: حين تداعب أسماعَنا

وشوَشاتُ الغصون...

ونجمع أشلاء (آلاتِنا) خلف أبواب بعض الحصون...

ونحمل أعباء يومٍ طويل طويل

نعود إلى (دُورنا) حين يحمرّ وجهُ السماءْ...

وينساب في الطرقات العتيقة نهر المساءْ...

وتختال أضواء (فانوسِنا) حين يأتي

نقيق (الضفادع) أو (صافر الليل))

عبر خيوط الهواء...

وتنبت في شرق قريتنا) سدرةٌ)

تحمل البدر في كفّها تستحثّ الضياء...

ويأسِرُنا الهاجس العذب

ينقذنا موج أحلامنا من جحيم العناء...

ويُسكٍنُنا جُزُر السعد تمرح فوق

اخضرار المواجع أبهى ظباء الهناء...

ويجمعنا حول ( مَلّتنا ) خوفنا من يد البرد

تصفع أجسادنا في غضبْ...

فنُلقي على مهجة النار في كل حينٍ

كما تشتهي مُهجة النار: بعض الحطبْ...

ويسري لظى الجمر في جوف (دَلّتِنا). نحتسي بعضهُ

في فناجين قهوتنا في أدبْ...

ويروي لنا (والدي) قصصا ترفع الرّوح

من نَسَغ الأرض : فوق الشهب...

ويوقظ منتصف الليل أذهاننا

من سبات التجّول

في واحة الحلم حين يطيب السّمرْ...

ويسقط كالسلسبيل المعتّق

في ساحة الروح: ضوء القمرْ...

يذكّرنا أننا سوف نفتح في ساعة الفجر:

باب السفرْ...

يذكرنا أننا سوف نرخي عنان

المجاديف

تعبر وجه البنفسج بحثاً عن الأمل المنتظرْ..

بحثاً عن الأمل المنتظرْ..

بحثاً عن الأمل المنتظرْ....

أسماء بعض النباتات العطرية في منطقة الباحة (1- 2) زهر الرمّان (3)

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة