Culture Magazine Thursday  27/12/2012 G Issue 391
فضاءات
الخميس 14 ,صفر 1434   العدد  391
 
البرادعي: عشية سقوط العلمانية!
عبدالله السعوي

 

المدير السابق لوكالة الطَّاقة الذريَّة محمد البرادعي بدا مسكونًا بكتلة من مشاعر قلق متناهٍ بعد تسنّم الإخوان للسلطة ولم يكن بمقدوره السيطرة على فلتات لسانه والتَّحكم بمسار تصريحاته المتلفزة فراح على إثر ذلك يكشِّر عن أنياب أبت إلا أن تفصح عن ذاتها، متحديةً ذلك البراجماتي الذي لا يكف عن التضخَّم تمددًا بين جوانحه! ضاربًا بذلك أبرز مبادئ الديمقراطية التي لا يكف عن التشدق بنظامها الذي بات شعارًا مجوفًا ولا غرو، فحينما تتَرهَّل المنظومة الأخلاقيَّة ويضمر دورها التوجيهي فلا ريب أنهَّا ستفسح في المجال لمشاعر العدوانية والأبعاد الاقصائية لتأخذ بالتشكل.

كان البرادعي وفي كافة مشغولاته القولية يُنظر لمبدأ الحرِّية وتوسيع دوائر التواصل وإعلاء مستوى فاعليتها بين متباين المكوِّنات لكن هذا التنظير سقط سقوطًا مدويًا في مستهل أول تجربة سياسيَّة، حيث راح البرادعي بعدما بدا كظاهرة هرائية، بدا كما لا كما يحب أن يُنظر إليه، أي بدا بعدما ظهر الطبع واختفى التطبع وساد الارتباك، وبفعل من تراكماتٍ مشاعرية مسبقة يكيل التهم لخصومة وينعتهم بأبشع الأوصاف القذرة على نحو فضح ما يستكن في خلده من استبداد دكتاتوري منقطع النظير وإقصائية مسعورة مهما تفانى في التكتم عليها وفق الطريقة البرادعية إلا أنها تأبى إلا أن تبدو سافرة بل ومتبجحة بهذا الشكل أو ذاك.

كان الخليق به العمل على التقليل من حدة الانقسام وتجفيف منابع الاحتدام الدائر، أو على أقل تقدير ألا يسترسل في جشائه، بل يلوذ بالصمت مستصحبًا القاعدة الشافعية «لا ينسب إلى ساكت قول» ولكن يبدو أن حجم ما ينتابه من قلق ضاغط هو ما حدا به إلى تجاوز كافة أخلاقيات وأدبيَّات التَّعامل الراقي والتفوه بتصريحات كتلك التصريحات المسربة على الشبكة العنكبوتية حيث عبرها ظهرت حقيقته المنتنة وبنفَس تسلطي، حيث نفّس عن مشاعر محتقنة ضد الشعب المصري متهمًا إياه بأنه مجتمع ملتاث عقليًا بل وطال بإساءته حتَّى الصَّلاة التي هي أكمل نشاط تعبدي، بل وأقدس شعيرة في الإسلام! وحاصل القول: لا شكَّ أن ثمة قدرًا من التحفظ على المنهج الإخواني إلا أنه ليس من المسوغ في أيِّ حال من الأحوال التعاطي مع مكوّن سياسي عريض يملك مهارة تنظيميَّة وقدرة على تحريك الواقع الاجتماعي الساكن بتلك الآلية ووصفه بأنه عبارة عن ميليشيات وما دام أن الاحتكام إلى الشارع هو العمود الفقري للديمقراطية فلماذا لا يحترم هذا الشارع الذي هو أحد مقاييس التوازنات بين كافة القوى والفعاليات السياسيَّة المتشكلة على أرض الواقع؟!

Abdalla_2015@hotmail.com - بريدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة