تتسم اللغة والنحو والبلاغة بأنها من العلوم التي لا بد منها للحياة، دين.. ودنيا، ناهيك أن هذه العلوم تكتسب موهبة وقدرات فذة، ذلك أنها تحتاج أول ما تحتاج إليه إلى شدة التنبه العقلي.. وصفاء الذهن.. وجودة الاستنطاق للفظ ومرادفاته، وإذا انضم هذا كله إلى حسن الخلق.. والتأني ومعاودة النظر والتدبر والبعد عن ادعاء التجديد.. وتقمص النقد وتتبع الهفوات بوقاحة واجتزاز لفظ ولفظ مسيء، فلعل هذا يكون فتحاً جديداً يعيد لنا لمسات ونكات ومواهب: سيبويه، والكسائي وحماد بن سلمة ومسلم بن الحجاج والنووي.. وابن هشام وسواهم ممن اختصهم الله تعالى بالفطنة والقدرة وحسن المقصد والشعور بالمسؤولية.
وأذكر أنني كنت في ضيافة أحد الأمراء الأفاضل، وكان قد رتب للزيارة العلمية الأستاذ العزيز زياد بن عبدالملك آل الشيخ ابن شقيق مفتي عام المملكة، وحصل بعد الندوة لقاء خاص بيني وبين أحد المسؤولين وذلك حول: اللغة وما يكتب عنها اليوم وكذا علم الإدارة العليا، وتبين لنا بعد ذلك ما يلي:
1- تكرار الكتابة.
2- المداومة على الكتابة بطرح إنشائي.
3- تقمص النقد.. والإتيان بجديد.
4- محاولة إبراز الذات.
5- تسفيه الآخر عند (النقد).
6- خلل نفسي فسيولوجي واضح.
7- عدم تأصيل.. وتقعيد الطرح.
ونتيجة لهذا انتشرت العجمة قليلاً قليلاً، وكنت أحب الحب كل أن يكون هناك نخبة عالية العلم والدراية.. والربط.. والاستدراك وقوة الملاحظة في المجامع اللغوية, والمجلات المحكمة، والصحف، والدوريات العلمية الإعلامية ألا ينشر إلا الجديد غير المكرر أو مجرد المنقول أو لمحبة النقد لذات النقد خاصة النقد الاستعلائي.
وهذا.. دون ريب.. يعطي مع الزمن فسحة جيدة راسخة مع الزمن يتم عن طريقها لا شعورياً إجبار هكذا إجبار الكتاب والباحثين والدارسين والمحققين ألا يتناولوا إلا كل جديد غير مستطرق من قبل، وتبقى.. ولا جرم هذه الحالة النفسية العلمية ذات رسوخ باق في شعور واللاشعور لدى كل كاتب وباحث.. وعالم.. وناقد.. الخ.
ومع مرور الزمن تبقى الصبغة العلمية اللغوية ذات مسار حي متين تعلق في عقل وروح الإنسان المناط به مسؤولية: الكتابة ولو ذهبنا إلى جيل الصحابة رضي الله تعالى عنهم لوجدنا بعضهم لا يقرأ ولا يكتب لكنهم أصلوا وأسسوا.. مع هذا العلم.. والسياسة والإدارة والفتوحات والفتيا.. والقضاء..
بل جرى أن أحداً لو زل في لفظ ما.. أو لحن عابوه على ذلك وهذا ما جعل ذلك الجيل إلى سنة: (100) يرد إليه القول عند: الخلل.. أو الخطأ أو الاجتهاد المائل ليتم تصحيح على ضوء آثارهم في: الروايات الموقوفة.. والمرفوعة.
فقد كانت مواهبهم الجليلة ونبوغهم وحسن ذوقهم.. وتذوقهم واستيعابهم للنص المنزل والحديث مع حسن أدب وشدة تربية فاضلة حية دائمة كل ذلك كان سبباً.. الحق يقال. في خلود اللغة بل قد علا الشعر.. والحكمة.. والمثل علواً سامقاً لأنهم اقتبسوا من الكتاب والسنة ما جعلهم قدوة يقتدى بها على تتالي الأزمان.
ولخوف كبار العلماء في أحايين متفاوتة من الدهر قام هؤلاء بوضع أسس وضوابط اللغة.. والنحو والبلاغة في مطولات الأسفار حتى تم ذلك، وتلمس أيدك الله تعالى بتقواه.. أيها القارئ العزيز.
تلمس قوة الصياغة وجودة المفردات وحسن الخلق الجم عند الطرح لمسائل اللغة على وجه عبقري ممتاز لا خير فيه للإنشاء.. أو التعالي أو الحشو أو التسلق.. أو كثرة التكرار أو محاولة إبراز (الأنا) كل ذلك.. وأيم لحق هم ناسفوه.
وأنت تعالج بفهم وقاد وشدة حضور بديهة.. وعمق.. ونزاهة وصفاء ذهن تعالج قراءةً وتدبراً.. وتأملاً. ما كتبه البخاري في (تراجم الصحيح) أو ما كتبه الترمذي في: (العلل) الكبرى.. أو: الصغرى أو ما دونه: خليفة بن خياط أو ابن قتيبة أو المبرد.. وابن جني.. وابن الأثير الجزري والدارقطني وإخالك لا تنسى: القرافي وابن فرحون وابن كثير والسخاوي.. والسيوطي سوف تنحو باللائمة.. وترثي للقائمة.. وتحزن للحاضرة أن علم اللغة يحتاج إلى عين باصرة.. ناصرة.. هاصرة.. عادلة قاصمة.
وأعود للقول فلابد من تحري هذه المسألة من المعنيين بضبط اللغة: والنمو والبلاغة وعلم الحديث بخاصة حتى، لعله ينهض ناهض.. ويقول قائل.. ويلفت لافت أنه من ضرورة العلم على ذويه ألا يكون إلا العلم بفهم وسلامة ورواية ودراية وأدب وورع.
ولا شك، ولا أحد يشك أن نخبة إذا قامت كما ذكرت آنفاً لمراجعة كل ما سوف يكتب.. ويدون وينشر من خلال المجامع العلمية واللغوية ودور النشر والمجلات المحكمة والصحف والرسائل المتداولة سوف يجد جزماً بإذن الله تعالى من تدهور اللغة واختلاط تداخل اللهجات وحفظ العلم بحفظ علم الحديث خاصة لا حفظه مجرداً هكذا، بل بحفظه وفهمه ووعيه وتنزيله على الواقع.. وتنزيل الواقع عليه.
فلعل ذلك يجد صدى ولو من باب الإشارة.
***
بريد الخميس:
* بكر بن سليمان زوباج هوساوي - جدة.
كلها يا أخ.. بكر.. فليس المجمع اللغوي، وهذا كمثال فقط أن جميع أعضائه هم أعلم من غيرهم، ما أحد قال بهذا أبداً، فهناك من هو أعلم وأجل لكنه قد: يعتذر أو أن عليه ملاحظة ما أو قد لا يفطن لا يفطن إليه.
* أما حديث (أنا سيد ولد آدم) فهذا حديث صحيح وله تتمة.
* إبراهيم بن نوفل الزبيدي - القنفذة - أبو أحمد.
قبيلة (بكيل) يمنية قحطانية.
قبيلة (سبيع) نجدية.. حجازية عدنانية، هناك فرق يا أخ إبراهيم بين العرينات والعرنيين، فالعرنيون يختلفون عنهم.
* سليم. م. ل. مكة.
نعم سيبويه.. والكسائي (مجتهدان) أما ابن قتيبة فإمام في الأدب والنقد والرواية والجاحظ أقل منه في هذا، وفي كل خير.
- الرياض