تتولد الموهبة خلال تقدم العمر لمن وهب الموهبة أصلاً خاصة في علوم العقل ذات العمق والفطنة والدهاء وسعة المدارك وحسن الخلق.
ولا يتضح ذلك كله لا يتضح إلا بقراءة سير تراجم العلماء الذين صنفوا أنهم: موهوبون وهم قلة بل هم في الأزمنة المتأخرة قد يكون لا وجود لهم للخلط.. اليوم.. بين: الذكاء والدهاء - والمركزية - والقوة - وسعة الحيلة - وبين الموهبة، ولعل (اللغة) هي ذلك العلم الذي لا يدركه عالم ما في علم من العلوم إلا ويقع في زلل ما ويقع في خطأ حيث أراد هنا أو هناك الصواب. ومن جهل شيئاً عاداه.
ولم يزل كبار العلماء يوصون بها كثرة قراءة ونظر وتدبر واستيعاب ذلك لأنها المنطلق لفهم المفردات والدلالة على المعاني وإني لواضع ما عساه يشد الأزر ويقوي الشعور بالمسؤولية وينبه إلى حال لابد من مراعاتها ولو شيئاً فشيئاً وهذا كله يستفاد مما دونه الأقدمون ما بين العراق والحجاز والشام واليمن وما وراء النهر ومرو ونيسابور وبخارى.
فمما أودنه نحو هذا ما يلي:
1- (انظر اللغة فإن صحت سلموا).
2- (تمام العقل بعد التوحيد قيام: اللغة).
3- (ما دخلت العجمة إلا بجهل ما).
4- (ما سلم اللسان بمثل الأمانة).
5- (ما تعالم أحد وتشمخ إلا وهو: مريض).
6- (لا يقرأ القرآن ولا السنة إلا بلغة صالحة).
7- (أية الفلاح سلامة اللغة وجودة الفهم).
8 - (ادعاء العلم بتكرار الكتابة سقم ظاهر).
9- (الصمت علامة العقل، واللغة علامة السؤدد).
10- (ما حافظ على اللغة ودرأ عنها إلا جليل).
11- (لم يبلغ البخاري ما بلغ إلا بنية صالحة.. ولغة القرآن).
12- (لا يكون اللغوي ولا النحوي حسودين).
13- (علامة حكم النظر عدلاً الخوف من العاقبة).
14- (إنما بلغ سيبويه ما بلغ إلا بعد قراءة السنة).
15- (لا يعرف صحيح وضعيف السنة إلا بسلامة اللغة).
16- (حينما يذهب الموهوبون يقوم غيرهم فتذهب اللغة).
17- (العدل مع النزاهة واللغة مع الفقه والتجديد).
18- (وأنت حينما تقرأ: لكرماني، والنواوي، وابن رجب، ومسلم، والعيني، وابن حجر، وحينما تقرأ: الفروق، والتمييز، وهدى الساير).
ونصب الراية، ودرأ تعارض النقل والعقل، والمعركة تحت راية القرآن، وأباطيل وأسمار فأنت تجد هذه اللافتات الجليلة من علم ولغة ونحو تجدها في ثنايا وأطراف ووسط هذه الأسفار لتتأكد جزماً كم نحن.. اليوم.. أحوج على ألا نكون على الأقل عالة على من سلف من قوم جددوا بعد علم وفهم وبعد رواية ودراية وبعد وعي وتطبيق.
ولعل من أسباب تقدم القوم وظهورهم شدة الحرص على سلامة النية لله تعالى، وبذل الوسع لتحصيل الموهبة وجلبها من خلال كثرة وقوة القراءة والتدبر، وسعة الاطلاع وشدة الدعاء مع بذل السبب للوصول إلى الصحيح.. من قدرات حية صادقة عاملة واعية لتسمو اللغة بسمو العلم ويسمو العلم بسمو اللغة، وها نحن الآن ما بين بذل: وبذل/ وحرص/ وحرص وسعي وسعي ومع ذلك نحن نرى الحاجة في طلب المزيد لاكتشاف الموهبة وتنميتها وحمايتها ورد محاولات تدمير اللغة بتدمير وسائلها، ولعل مما يساعد بداية لذلك قوة الأمر ومتابعته على ألا يتحدث متحدث إلا بلغة سليمة وافية حتى مدرسو الابتدائية إلى كتابة: الدعاية والإعلان، والخطابات والتوجيهات، والمحادثات، والحوارات، ومناط هذا كله تهويل أمر اللغة والحرص على ذلك ما وسع الحرص وقوة المتابعة وبذل التقارير ودراستها ومعرفة أوجه الخلل وأوجه التقصير كل جهة بحسب المسؤولية فيما بين يديها.
الرياض