Culture Magazine Thursday  20/09/2012 G Issue 380
فضاءات
الخميس 4 ,ذو القعدة 1433   العدد  380
 
الحرية المطلقة: تدمير مؤكد!!
أحمد حامد المساعد

 

في كل يوم نرى شاهداً جديداً على أن الانفلات الاجتماعي في مختلف جوانب الحياة، يعد أمراً مدمراً لما يأتي به من نتائج أقل ما فيها التأثير على حريات الآخرين، ناهيكم عما يترتب عليه من استباحة همجية لحقوق الناس التي صانها الدين كما صان الأنفس والأعراض، وما ذاك إلا لأن الأنانيين يرون أن التمرد على القيم والإتيان بالممارسات العبثية والمتمردة على أصول وقيم التعامل الإنساني فتح حضاري، وهي دعوى باطلة حتى لوعزف أربابها على وتر الحرية الشخصية المطلقة، ومع أن العالم الغربي قد سبق غيره من شعوب الأرض في الثقافة المتمثلة في الاكتشافات والصناعات وما سبقها ورافقها من نظريات، مما جعل الحياة سهلة وميسورة بمعدلات مذهلة إلا أنه وقع في مستنقع آسن في ما يتعلق ب «الحرية الشخصية المطلقة» التي تبناها وناضل في سبيلها وقام بتصديرها من حيث أراد للعالم أن يقع في ذات المستنقع كتابع يحاكي كل ماهو غربي، عبر ما عرف ب «الغزو الثقافي»، والحق أنه وجد في الشعوب المتخلفة أرضاً خصبة لاعتناق هذا المنحى السلبي والمشبوه والمناهض للفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها، فأجهد مراهقو الثقافة ذواتهم في تبني إفرازات العالم الغربي أكثر من قبولهم لقيم الدين والمروءة - العرب أنموذجا ًإلا من رحم الله - وهم يعلمون أن ما يفعلونه مما يصنف على أنه خطيئة هو حزمة من المفاهيم العرجاء برزت من رحم الحضارة الغربية التي لا ينفي وجود الشر في نسيجها إلا جاهل!!

لقد أورث الله أهل القبلة مفاهيم سامية ونبيلة كان من الممكن إلى حد كبير أن يصدروها الى الأمم الأخرى لو أنهم التزموا بها وحافظوا عليها إذ يكفيها فخراً أنها من لدن حكيم عليم وهو القائل {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرَِ}، وما أعظمه من شرف لم يبذلوا من أجله ما يجعلهم في مستوى تلكم المكانة الربانية، على الرغم من كون الوافد الغربي يحمل في طياته عوامل ذوبانه واضمحلاله لأنه من وضع البشر الذي يصيبون ويخطئون، ولو تأملنا ما يفعله المعتوهون والمتحللون حد أن أي واحد منهم يمكن أن يحمل بندقيته ويصرع العشرات من الأبرياء بزخات الرصاص ثم يجد من يدافع عنه على اعتبار أن ما فعله يندرج تحت «الحرية الشخصية المزعومة» وذلك ما لم يقره الإسلام، وإنما فرض الحدود الشرعية بحق المخالفين من زاوية حفاظه على أنفس الناس وممتلكاتهم وأعراضهم، وفي ذلك برهان واضح وجلي لو أن المفتونين بكل ماهو غربي آمنوا به، ولم يتعاموا عنه !!

ولنأخذ إنتاج الفيلم المسيء لسيد الأولين والآخرين، صلى الله عليه وسلم، كنموذج لفساد نظرية «الحرية المطلقة» حيث نجد أن إنتاجه تسبب في إيذاء مشاعر مليار ونصف المليار مسلم، وهو جزء من حرب تآمرية قذرة يمارسها الغرب ضد الإسلام والمسلمين تتدثربذلك المفهوم الأعوج، وهو سبب كافٍ لأن يرتد عنه المفتونون به ويعودوا إلى ما جاء به الدين الحنيف من الحريات المنضبطة التي تحترم حقوق وأحاسيس ومشاعر الناس كافة، إذ هو الدين الذي ينص على تكريم بني آدم كافة لأنهم يستمدون هذا الحق من كونهم خلق الله الذي أحسن كل شيء خلقه، ومن باب أولى فإن النبيين وفي مقدمتهم أبو القاسم هم الأكثر جدارة بالتكريم لأنهم رسل الله.. وليت مراهقي الثقافة المنادين بالتحلل أن يثوبوا إلى رشدهم ويتبينوا ما في تراثهم من عوامل تبني العلاقات الحسنة بين البشر بدلا من تحجل الغراب الذي اعتنقوه بدون أدنى تفكير.. وعلى الله قصد السبيل.

الباحة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة