Culture Magazine Thursday  20/09/2012 G Issue 380
فضاءات
الخميس 4 ,ذو القعدة 1433   العدد  380
 
المرأة والصحوة!
إنصاف حيدر

 

جاء الإسلام برسالته الطاهرة معززاً لدور المرأة ومكانتها الاجتماعية، ولستُ هنا لسرد ما وجدته المرأة من مكانة اجتماعية وسياسية وتجارية عبر العصور الإسلامية، بداية من أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، إلى عصر قريب.

كانت المرأة طيلة الفترات التي سبقت الصحوة تجد مكانة جيدة في مجتمعها، إلى أن أتى عصر ما يسمى بالصحوة الإسلامية، والذي دمّر معه بعضّ المآثر الإسلامية والكثير من القيم الجميلة، وكان ضمن من شملهم تدميره هي المرأة المسلمة عامة، والسعودية خاصة، بعد أن كانت تعيش حياتها الطبيعية مشاركة للرجل في كل تفاصيل الحياة.

وبعد الصحوة وجدتْ المرأة نفسها خارج هذه الخارطة، بل وجدت نفسها الهدف الأساسي المراد تدميره، فأبدلوا طريقة وأد البنات في الجاهلية بطرق أقسى وأشد مرارة، بل بالغ بعض رموز الصحوة بما لم ينص عليه القرآن الكريم والسنة المطهرة الثابتة نصاً ودلالة، فألزموها بلبس القفازات والجوارب السوداء، وأفتى عدد منهم بتحريم النقاب إلا إذا كان لا يظهر إلا عيناً واحدة فقط!!

لقد أراد بعضهم ألا يكون لها وجود، ومن ثم حرّموا خروجها من البيت للمشاركة بالعمل ونحو ذلك، وجعلوا الرجل وليها في كل صغيرة وكبيرة بشكل مبالغ فيه، وجعلوه المتحكم في حياتها كاملة حتى لو كان ذلك الرجل مجرد طفل أنجبته ولازالت تربيه ليواصل دراسته!

استمر خطاب تلك المرحلة التي بدأت تقريباً من أحداث جهيمان، والتي تُسمى زوراً بالصحوة.. استمر خطابها القاتل عقوداً طويلة على هذا الحال إلى أن دمَّر المرأة، دون أن يشعر أنه دمر وطنا بأكمله وليس المرأة فقط، فكيف لرجل أن يكون منتجاً وواعياً دون أن يكون خلفه امرأة واعية متعلمة منتجة، تصنع الأجيال عن طريقها لترقى الأمم مجسدة في واقعها القول الإنساني الجميل الذي نُسب من جماله لعدة عظماء منهم سقراط ونابليون بونابرت وغيرهما: «وراء كل رجل عظيم امرأة»؟ وفي الوقت الراهن ومع ثبوت فشل «تلك المرحلة» وخطابها في بناء مجتمع متحضر متمدن، بدأت المرأة تعترض وتحتج على أحكام هذا الوأد العنيف، وثارت لصالح نفسها منتصرةً بقيم الإسلام والأصالة، وها نحن نشاهد ونتابع الكثير من النساء المشرّفات للوطن ينتصرن للمرأة في بلادنا بوعيهن وعلمهن ولله الحمد.

نعم نعم، لقد انتصرن وسيستمر انتصارهن إن شاء الله، فقد كشفن القناع ليسقطن بها أقنعة من يتخفون خلف رؤاهم الخاصة للمتاجرة بالدين ولمحاربة التنوير والفكر والرقي لأمتنا ووطننا.

وهذا الصراع لن يكون محصوراً بين المرأة والصحوة بل سيكون بين النهوض بالأمة عن طريق وعي المرأة ونصرتها، وبين الاستمرار بالخذلان عن طريق دعم الصحوة وخطابها، وأعتقد أن الأغلبية من الشباب الواعي سيكون بكل تأكيد بجانب المرأة من أجل أن ننهض جميعاً ونتقدم بوعينا وفكرنا ووطننا ذكوراً وإناثاً، كما هو الحال في المجتمعات المتحضرة اليوم.

جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة