Culture Magazine Thursday  15/11/2012 G Issue 385
عدد خاص
الخميس 01 ,محرم 1434   العدد  385
 
في عيون مواطن
د. سعيد بن مسفر المالكي *

 

لاشك أن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل هو أحد الذين حفروا اسمهم في ذاكرة الفكر السعودي والعربي عموماً، وهو أمر لم يأتِ بمحض الصدفة أو بصناعة إعلامية، بل بما يحمله سموه من فكر متقد أضاء جوانب مختلفة، سواءً على صعيد إنتاج الإبداع الفكري الذي سطره في مؤلفات عدة ودواوين متنوعة، أو على مستوى المشاريع الفكرية التي نرى أثرها واقعاً ملموساً في ساحتنا الفكرية محلياً وعربياً وعالمياً.

إن إبداعات سمو الأمير خالد الفيصل شاهدة على العمق الفكري لسموه ونظرته البعيدة والثاقبة للأشياء، فهذه النظرة تحيل الفكرة إلى منتج فكري وإبداعي يعود بالنفع على المكان والإنسان، وقد رأينا الكثير من الأفكار التي تبناها سموه وترجمها إلى حقيقة نستظل - اليوم - بنتائجها الإبداعية. فالمتتبع لمسيرة سمو الأمير خالد الفيصل في الجوانب الفكرية والثقافية يجد رصيداً زاخراً من المنجزات التي يشهد على واقعها القاصي قبل الداني.

فَمنْ من العالم من لم يقف إعجاباً لتكريم الفائزين في المجالات العلمية والأدبية والفكرية التي تمنحها جائزة الملك فيصل العالمية التي أسهم سمو الأمير خالد الفيصل في إنشائها عندما أعلن ذلك للعالم كله عام 1977م ؟ وهي في الحقيقة جائزة تُعد فخراً لكل سعودي وعربي، وشرف الحصول عليها يسعى إليه كل علماء العالم المميزين وتهوى أفئدتهم إليها.

ومَنْ منا لم يسمع بمؤسسة الفكر العربي التي سطَّرت مساحات شاسعة من الإنجاز الفكري والمعرفي؛ لخدمة الإنسان العربي الطامح للحاق بركب النهضة العالمية وإدراك عجلة تقدمها؟

ومَنْ منا - أيضا- لم يرَ تألق الساحة الفكرية والحركة الشعرية في ميادين سوق عكاظ وبين جنباته؟

إن إبداعات سمو الأمير خالد الفيصل في ساحة الفكر والثقافة متعددة لا تسعها السطور لوصفها، ولا الكلمات للتعبير عنها، لكن الأماكن تشهد عليها والعقول المنصفة تؤكد على حصولها وتحققها، فمن عسير إلى مكة المكرمة تنبئك جبالها وسهولها وأوديتها قبل عقول أبنائها وأفئدة ساكنيها بتميز الفكر الذي يحمله سمو الأمير خالد الفيصل، فقد أحال ما بين دفتي هاتين المنطقتين إلى ملامح عالمية الطابع وواجهات حضارية المطلع، يفخر بها إنسان هاتين المنطقتين ويفاخر بها أجيالها القادمة، فقد ركز سمو الأمير خالد الفيصل جهوده الفكرية والثقافية لبناء الإنسان والارتقاء ببيئته، ارتقاءً يجعل الإنسان ينال ما يستحقه من اعتناء واهتمام ورقي بفكره وتنمية قدراته وتطوير إمكاناته.

لقد أتيحت لي فرصة الالتقاء بسمو الأمير خالد الفيصل في العديد من اجتماعات العمل واللقاءات الفكرية التي يسعى سموه من خلالها إلى تطوير البيئة المكانية لمنطقة مكة المكرمة، ودعم بناء الإنسان فيها فكرياً وثقافياً، وقد لاحظت الكثير من السمات الفكرية والثقافية لسمو الأمير خالد الفيصل والتي لا تظهر عادة إلا من خلال التعامل المباشر مع الشخص، وهي سمات تؤكد تطابق القول مع العمل، وانعكاس الحقيقة على أرض الواقع، فلم تكن المشاريع التي أنتجها وأشرف عليها سمو الأمير خالد متباينة عما يحمله من عمق فكري وتميز ثقافي، فهو واسع المعرفة، غزير المعلومة، مدرك للفكر وحركته، ملم باللغات وترجماتها، مطلع على الآداب وعلومها، بارع بالتاريخ وأحداثه، يؤطر ذلك بشفافية الطرح، وتقبل الرأي الآخر، يأسر المتكلم إذا تحدث بشدة انصاته، ويلفت الأنظار إذا نطق ببراعة قوله، يتبسم في وجه محدثه، ويشعره بالاهتمام عند محاورته، وغير ذلك من السمات الفكرية والخصائص الخلقية التي يضيق عن سردها المقام.

* المشرف على كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي - نائب رئيس نادي جدة الأدبي

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة