Culture Magazine Thursday  15/03/2012 G Issue 367
فضاءات
الخميس 22 ,ربيع الآخر 1433   العدد  367
 
نقد الصحافة: مقدمتان
سعد بن محارب المحارب

 

أهدف في هذه الكتابة إلى إبراز مقدمتين، أقدّر أن من الضروري الانتباه إليهما في محاولات نقد أداء الصحافة السعودية من جانب غير المتخصصين. وقبل الانتقال إليهما يهمني أن أؤكد على أن غياب هاتين المقدمتين هو انطباع شخصي؛ أي أنه ليس حاصل دارسة علمية.

الملاحظة الأولى حصر التقييم في مقالات الرأي؛ فمقالات الرأي عند بعض المتابعين هي المؤشر على مساحة الحرية، ومحل الاهتمام للدلالة على الإقصاء والتقريب، وموضع البينة على التبني والتجاهل. والواقع أن المقالات تعبّر عن كتّابها وليس عن فريق عمل الصحيفة، وهذا أمر لا يرفع عن الصحيفة كامل المسئولية، إذ إن القرار التحريري داخلها هو الذي يستكتب هذا، ويستبعد ذاك، وهو أيضا الذي يجيز نشر هذا المقال، ويمنع ذلك؛ بل وهو الذي يتيح المساحة اليوم، ويحجبها غدا. أي أن سياسة التحرير تضع الإطار بما يحمّل الصحيفة المسئولية، لكنها لا تتولى تحديد الأفكار وأشكال التعبير. بكلمة، الأصل أن المقال مشروع كاتبه الذي تقبل الصحيفة نشره أو ترده. والحديث هنا عن القاعدة التي لا تخلو من استثناء عند التطبيق.

إذن تتعلق ملاحظتي الأولى -بتعبير أكثر دقة- باستبعاد بقية أشكال التحرير فضلاً عن تجاهل بقية مراحل الإنتاج بما يشمل الإخراج والتصميم والطباعة وغيرها، عند إجراء التقييم وممارسة النقد. هذا الاستبعاد وذلك التجاهل يؤديان إلى إضعاف القراءة النقدية للعمل الصحافي، إذ هي والحالة هذه، قراءة تقوم على ظن بأن تقييم الجانب الواحد يغني عن تقييم غيره، لتغدو بذلك قراءة جزئية تتوهم في نفسها الشمول؛ وعليه فإن المقدمة الأولى في نقد الصحافة أن يأتي النقد دقيقاً في تحديد المنقود.

المسألة الثانية التي أسعى هنا إلى لفت النظر إليها هي البيئة التي تؤثر بعمق في أداء الصحافة. فمن ناحية البيئة الداخلية للصحافة تعاني من صعوبات التأهيل، وقلة المتفرغين، وتواضع الأمان الوظيفي، وغياب الدور المعياري الضابط للجماعتين المهنية والأكاديمية. ومن ناحية أخرى تعاني الصحافة في البيئة الخارجية من ضعف الاستقلال، وقلة الوعي الاجتماعي بدورها، وتواضع الأدوات التي تكفل حرية وصولها للمعلومات. إذن فالمقدمة الثانية أن غياب الاعتبار لجملة العوائق التي تعترض طريق الصحافة عند تقييم أدائها يفضي إلى تقييم لا يتمتع بالموضوعية اللازمة.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة