Culture Magazine Thursday  07/06/2012 G Issue 376
تشكيل
الخميس 17 ,رجب 1433   العدد  376
 
)محطات تشكيلية (تنوعت فيه المشارب وتمازجت الأساليب 1-2
معرض الفن التشكيلي الكويتي المعاصر يحل ضيفاً على الرياض
إعداد: محمد المنيف

 

حظيت الساحة التشكيلية في الرياض خلال الأسبوعين الماضيين بنخبة من الإبداعات التشكيلية لمنتخب تشكيلي تشكل من اثني عشر فناناً من بينهم ست فنانات ينتسبون إلى الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، قدموا ستين لوحة، بمعدل خمس لوحات لكل مشترك منهم، قدمها كل من الفنانين والفنانات أحمد جوهر، أميرة أشكناني، خالد الشطي، سالم الخرجي، سعد البلوشي، سمر البدر، عبدالرسول سلمان، عبدالله العتيبي، مختار دكسن، مي السعد، مي النوري، هبة الكندري، وتعد هذه المجموعة التي تضم أجيالا أو أعمارا مختلفة من حيث البدايات أو المستوى الفني أو الخبرات وحتى الحضور المبكر في الساحة الكويتية، وقد يكون الفنان عبدالرسول سلمان الأكبر سناً والأغنى خبرات وتجارب وشهرة على المستوى الخليجي والعربي، فهو رئيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية ورئيس اتحاد الجمعيات الخليجية وله عضوية دولية في مجال الفنون، وله مساهمات كبيرة في مجال خدمة الفن التشكيلي إعلاميا في التلفزيون والإصدارات الفنية ومبدع وافر الإنتاج.

والواقع أننا ونحن نستعرض الأعمال المشاركة في هذا المعرض مجبرين على الانصياع لرغبة الذاكرة في استعادة ما نعرفه من أسماء وأعمال لفنانين كويتيين ملأوا الدنيا جمالا ومنافسة وتميزوا بما منحوا من فرص سبقت مختلف دول الخليج، كما أشرنا في الخبر والتغطية التي نشرت في صفحة الفنون التشكيلية الجمعة الماضية، حيث تأسس المرسم الحر الأول من نوعه على مستوى الخليج عام 1960م فرغ فيه عشرة فنانين كتجربة ناجحة إلا إنها لم تستمر أو يتداول التفرغ فيها بقية التشكيليين وتأسست الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية عام 1967م، وكان معرض التشكيليين العرب من أوائل المعارض التي قدمت فيها الكويت الفرصة لجمع التشكيليين العرب، ويعد من المعارض الهامة التي يسعى الكثير للوصول إليه وكان الحضن الأول لرواد المنطقة والجسر الذي نقل إبداعهم إلى أعين بقية التشكيليين والمتابعين على المستوى العربي حصل فيه الفنان خليل حسن خليل عام 81م على جائزة السعفة الذهبية كأول سعودي يحقق الجائزة.

رسائل حب بين البلدين

المعرض في مجملة وبدون تفصيل أو تحليل أو قراءات حول الأعمال والدخول في التفاصيل، فهو رسائل حب من أبناء الكويت مثلهم هؤلاء المبدعين نقلوا مشاعرهم مشاعر البقية في الكويت الشقيق إلى أشقائهم في المملكة العربية السعودية، ويمكن القول أو كما ألمح الدكتور ناصر الحجيلان أن المعرض يبرز ما وصلت إليه الفنون التشكيلية من تقدم فإن في المعرض وفي هذا التجمع واللقاء بين التشكيليين باعتبارهم رافدا ثقافيا مع بقية الإبداعات فهو دليل على وحدة المنطقة وأهلها، فقد برزت الكثير من الجوامع المشتركة في الأعمال التي لا يمكن فيها التفريق أو تحديد الفنان وإلى أي دولة خليجية ينتمي، هذه الملامح المشتركة لم تكن وليدة طفرة أو زمن قريب نابعة من أعماق التاريخ ولها جذور وأصول في كل ما يتعلق بالإنسان من قيم وتقاليد وعلاقات اجتماعية وأسرية.

لهذا ومن خلال هذا المعرض نستشرف دعما قادما تلوح بشائره في الأفق، نستطيع تحديدها عوداً إلى ما نستشعره من اهتمام المسئولين في دول المجلس بأبنائهم المبدعين، يمكن أن يكون معرض الفنون التشكيلية لفناني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومعرض للفنون التشكيلية لشباب دول مجلس التعاون الخليجي، وملتقى الفنون البصرية لفناني دول مجلس التعاون أولى قطرات الغيث للفنون التشكيلية والفوتوغرافية، لنتوقع جديدا في قادم الأيام وأن نرى بينالي الخليج للفنون التشكيلية يجمع مختلف الفنانين العرب.

تنوع في التعبير وثبات

على الهوية

من الأمور التي تحمد للفن الخليجي عامة والكويتي بشكل خاص تمسك التشكيليين بالموروث والتعبير به في أعمالهم بكل السبل الحديثة، ويمكن لأي متابع لمسيرة هذا الفن أو المطلع على الإصدارات الخاصة بهذا الفن في الكويت يكشف هذه الحقيقة، وإذا كنا ومن خلال هذا المعرض نستطيع الاستشهاد عن هذه الصفة أو هذا التوجه بالتمسك بالهوية فلن نتجاوز ما قدم في هذا المعرض الذي برزت فيه الكثير من الملامح والإيحاءات البيئية المباشر منها كما في لوحات الفنانة مي السعد المتميزة والرائدة في مجالها بقدرتها على تحريك الكتلة وإحداث التوازن بين الكتلة والفراغ وتوزيع ألوانها المشبعة برائحة الطين ولون البحر، وبين هدوء الأحياء القديمة وهيجان أمواج البحر بمزاوجة رائعة بين الحس الكلاسيكي والإيقاع الانطباعي.

- الفنان عبد رب الرسول سلمان فقد فاجئنا في هذا المعرض بشيء من العودة إلى مرحلة من مراحل عطائه مع التلميح إلى ما وصل إليه مؤخراً من الاعتماد على التعبير اللوني المتكرر الإيقاع كما شاهدناه في معرض بصمات عربية الذي أقيم في جاليري حوار قبل سنوات، كانت أعماله في ذلك المعرض أقرب إلى النسيج اللوني المتتابع والمنسجم دون تحديد لموضوع أو شكل بعينه، بينما نشاهد في هذا المعرض أعمال أقرب أو هي في الأصل تصوير وتأكيد على قدرات تجاوزها الفنان بسنوات ولم يعد في حاجة إليها اليوم، لكن قد يتعلق الأمر بموقع المعرض وتوقعه لمستوى المشاهد أو المتلقي السعودي الذي أصبح أكثر بحثا عن الحداثة منه إلى الواقعية التسجيلية.

- الفنان عبدالله العتيبي يجمع بطرف فرشاته ألوان رمال الخليج وجبال نجد ليشكل منها إيحاءً لونياً ملتصقاً بالأرض مع ما أضفاه من رموز أحياناً لشخوص وغيرها قد تحمل فكرة ما أو لجذب المشاهد ودفعه لطرح التساؤل عما وراءها.

- في أعمال الفنانة أميرة أشكناني قدرة لونية تبدو بسيطة الأداء في أول لحظة تقع عليها العين لكنها أكثر توظيفاً عند تقصي تفاصيلها التي تحمل بين طياتها عناصر ذات ارتباط بالتراث بيئة كانت أو مشغولات قد لا تظهر بشكل مفصل بقدر ما تترك للمشاهد كيفية تفسيرها.

- من جانبها تظهر أعمال الفنانة هبة الكندري بانفعالاتها الخطية وديناميكية الحركة لتنقل المشاهد من أطراف اللوحة إلى أطرافها وتعيده مرات عدة للمركز أو لبداية الإعصار اللوني لتبدأ به ومعه مشواراً آخر في مشاركتها ذلك الإحساس الجميل الذي لا يستقر بقدر ما يشعرك بالحياة والديمومة.

- لكن الأمر يختلف عند الفنانة مي النوري التي وجدت في العتمة مصدراً للانعتاق نحو الضوء الافتراضي وليس شكلاً حاضراً فقد جعلت من اللون الأسود وما أضافته من لمسات كالومضات باللون الأحمر شكلاً من أشكال الغموض المحبب للتعبير عن حال واقع يعيشه أو عاشه أو قد يعيشه كل منا، دفعت من خلال تشكيلها للكتلة رموزاً بشرية أقرب إلى جنسها من غيره بمحاولة منها في إبراز قدرتها على التحكم بالتكوين.

- في أعمال أحمد جوهر شيء من الرومانسية التي من خلال ليونة الخطوط وشفافية اللون وانسدال العناصر كالستائر لتغلق نوافذ حب قارب إلى المغيب. نرى تلك الخطوط تتجه إلى الأعلى وأحياناً تشعرنا أنها تنهمر كالمطر، إيقاع متناغم جميل ينقلك إلى عالم آخر تود ألا يفارقك وألا تفارق اللوحة.

- إبداعات خالد الشطي تفرض عليك البقاء أمامها لتفكك طلاسمها لكنها في الحقيقة دليل على قدرات كبيرة في تشكيل اللوحة خصوصاً التي يوازن فيها بين كل الاتجاهات ويجمع شتاتها ويخفي بين ثناياها حقيقة مشاعره التي تأتي في جرأة تنفيذها في لحظات دون توقف.

- نختم بالفنانة سمر البدر التي لها باع طويل في الإبداع التشكيلي تشكل ثنائياً مع منى السعد لكنني في هذا المعرض أشاهد ما لم أعتده سابقاً فقد اتجهت إلى التبسيط والاختزال والاكتفاء بالرمز والاقتراب من الحرف ومزجه بالتكوين العام، لكنها في النهاية تبقى سمر وبدر في سماء وعالم الفن الكويتي.

هذه النماذج من بين البقية اخترناها لهذا الأسبوع لنكمل مشوارنا مع هذه الكوكبة من التشكيليين الكويتيين في الأسبوع القادم بإذن الله.

monif@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة