Culture Magazine Thursday  07/06/2012 G Issue 376
فضاءات
الخميس 17 ,رجب 1433   العدد  376
 
عقولنا خاوية
بدر التيهاني

 

هل يا ترى نحتاج إلى علاج سحري يصفه لنا ملك الجن للحد من أخطائنا وللرقي بأفكارنا، وهل يا ترى نحتاج لانعقاد الأمم المتحدة على طاولة مستديرة للنهوض بعقولنا، وهل يا ترى لو افترضنا جدلاً أنه تم هذا الخيال فهل سيتغير شيء؟

بطبيعة الحال وليس تشاؤماً، الإجابة هي لا. فكيف نستطيع إذاً أن نتغير ونبرهن لأنفسنا وقناعاتنا الشخصية بأننا أصبحنا أفضل؟

لسنا هنا لننظر ولكن لنبرهن لأنفسنا بأننا عجزنا ودواؤنا في دواخلنا. نعم. إنه يكمن في القوة الشخصية التي بداخل كل فرد إن أراد أن يتغير فسيتغير، وإن أراد أن يبقى على ضياعه وهوانه فسيبقى وغيره يتغير. إن هذه اللغة ليست بمحض الصدفة أن أتحدث بها، ولكن ما رأيته من خلال مواقع التواصل الاجتماعي المتداولة والمعروفة والتي أصبحنا نمثل الوجه الحقيقي لتفكيرنا خلف أقنعة مزيفة تهذري بعبارات تدل على أنها أجوف من الجرة ولا يمكن أن يكون هذا الإنسان هو من استخلفه الله في الأرض من التفكر والنهوض بالأرض ومكنوناتها.

فعندما ترى أحداً يردد على مر السنين فكرة نحن لدينا البترول فلا صناعة من دون بترول كما ورد على لسان أحد الإخوان، شعرت حينها بأنه يفكر كما يفكر الطفل عندما يلعب البلاي ستيشن أو لعلي أقول بأنها فكرة نفسها الأنشودة المتداولة قديماً (الحليب يأتينا من البقر والبقر تأكل العشب والعشب ينمو مع المطر....)، أفكار سطحية فوقية تدل على هوان عقولنا.

لعل الحديث يجعلني أتكئ على بعض الأحرف والكلمات الأكثر عنفاً وحدة، وأقول إننا إذا أردنا أن نتراقص على أطلال الماضي وبأننا نحن وتاريخنا المجيد لنا الفضل ثم ماذا بعد؟ لن نتقدم أبداً وسيكون تقدم العالم أسرع مروراً بنا كالأصنام، ليس لأننا لا نملك ما يملكون ولكن لأننا لا نحتمل أن نفكر كما يفكرون وبالتالي بقاؤنا في صفوف دونية، هذا هو مراد البعض.

لِمَ لا نحقق نهضة فكرية إبداعية بدلاً من التناحر في التويتر والفيس بوك والمجالس وشاشات التلفاز؟ ولِمَ لا نحول بين التبعية والانقياد لها وبين عقولنا؟ ولِمَ لا نستعين بالعقل الذي وهبه الله لنا لنستنير به ونحقق رضى الله أولاً ومن ثم ما نمتلكه من سمات تحقق لنا مفهوم التغيير؟

ليتنا تركنا أعباء الماضي كبداية لإصلاح أخطائنا وبدأنا بنفض براهن التخلف الفكري وترك الأهواء والتزود بمعاول العلم والتيقن بأن الحقيقة هي الباقية وأن التبعية هي الزائلة.

أكبر ما يدهشني الدليل القاطع على ذكائنا ومناقشة جل همومنا وآخر طموحاتنا عندما تخرج دكتورة سعودية في برنامج صباحي بضيافة مذيعة سعودية ومذيع لبناني والضحكات تتزايد على عبارة (أبو فنيلة وسروال) وعبارة وصاية للمرأة (تدندشي). سحقاً لهكذا تفكير.

أو عندما تتزايد الاتصالات لتفسير أحلام والقبوع خلف الساعة ومرور الأيام ليتحقق هذا الحلم.

أو عندما تتزايد الاتصالات للسؤال عن هل يجوز لبس الكاب أم لا في برنامج إفتاء.

أو أو أو...... كفاك يا مجتمعي سذاجة وإن كنت أرى فيك الخير الكثير الذي لم يجد عقولاً نيرة وأيدي ماهرة وقلوباً صافية.

@btihani جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة