Culture Magazine Thursday  07/06/2012 G Issue 376
فضاءات
الخميس 17 ,رجب 1433   العدد  376
 
ذكرياتي معهم
الدكتور يوسف عز الدين (السامرائي)
د. حمد الزيد

 

سمعتُ باسم الأديب والأستاذ الجامعي هذا قبل أن ألتقي به من بعض ما ينشره في الصحف السعودية، ولاسيما صحيفة الجزيرة، ومن بعض الأصدقاء، والتقيت به في جدة لأول مرة عندما ألقي محاضرة أدبية بدعوة من النادي الأدبي الثقافي عام 1404هـ، وكنت وقتها عضو مجلس إدارة النادي.. وقد علَّقت على المحاضرة، وأثنيت على المحاضر.

ورأيته مرة أخرى عند آل معمر بالطائف، وكان يلبس الزي العربي و»البشت»، ويشبه في هيئته - وليس في شكله - الشاعر العراقي معروف الرصافي! ثم بعد عودتي إلى الطائف عام 1409هـ / 1989م توثقت بيننا العلاقة، وكنا نتزاور باستمرار، وقد تبادلنا الهدايا مرات عدة، وهدايا الأدباء هي دائماً الكتب!! فكان يهديني كتبه المتوافرة لديه وأهديه إصداراتي!

والدكتور يوسف عراقي أحب المملكة والعمل فيها، ووثق علاقته بها منذ فترة طويلة؛ فكان زميل وصديق الدكتور عبدالعزيز الخويطر في لندن، الذي أصبح فيما بعد وزيراً للمعارف، كما وثق علاقته مع بعض الوزراء، مثل عبدالوهاب عبدالواسع ود. محمد عبده يماني - رحمهما الله - وعبد العزيز السالم، فضمن إلى جانب علمه الواسع مجالاً للعمل في المملكة حتى بعد توتر العلاقات بين العراق ودول الخليج منذ العداوات التي أشعلها طاغية بغداد ضد هذه الدول واحتلال الكويت.

وليوسف الذي ينحدر من مدينة سامراء بيت في بريطانيا يذهب إليه في الصيف، واستقر فيه بعد تقاعده من العمل بالمملكة وهو في الثمانين من العمر. وكان يعيش في الطائف مع زوجته المسنّة «أم أسل»، وقد درس في مصر البكالوريوس والماجستير ودرّس في معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة، ومعظم كتبه مطبوعة في مصر، أما الدكتوراه فحصل عليها من بريطانيا في الأدب الحديث، في الخمسينيات الميلادية، وكان عمره وهو بالطائف بين 70 و80 عاماً كما يبدو، وقد جاءها بعد أن عمل فترة طويلة في جامعة الملك سعود بالرياض.

وهو كاتب وباحث في الأدب وناقد معروف، إلى جانب أنه شاعر، وقد كتب قصة ورواية أيضاً؛ فهو متعدد المواهب.. واسع الثقافة.. مجامل في علاقاته الاجتماعية، يدخل بيوت الناس على اختلاف طبقاتهم دائماً، ويدعوهم إلى بيته أحياناً, وليس فيه غرور، ولكن لمست به بعض غلظة العراقيين المعروفة! كما أنه عضو في مجامع عربية كثيرة كالمجمع العلمي العراقي والسوري ومجمع اللغة العربية بالقاهرة مراسلاً.

وأذكر أنني مرة أعطيته خطاباً خاصاً أثني عليه! فنشره في صفحته الأسبوعية التي كان يحررها في جريدة الجزيرة السعودية دون أن يشير إلى اسمي؟! واكتفى بالقول إنه من أحد الأصدقاء؟!

ومرة أخرى شكا لي بأن الأدباء لا يكتبون عنه وعن كتبه مع أنهم يفعلون ذلك أحياناً.. فقلت له: لماذا لا تكون أنت السبّاق للكتابة عن إنتاجهم ونقده!؟ ولم يكن يفعل ذلك إلا في النادر، وأظنه لا يكلف نفسه بقراءة معظم الكتب المهداة إليه!؟ بدليل أنه لم يناقشني ولو مرة واحدة فيما ورد في كتبي التي أهديتها إليه! وكان يكتفي بالثناء الشفهي والمجاملة فقط! وهذا ما لا أريده كغيري من الكتّاب؛ لأن كل أديب جيد يسعى إلى استماع النقد لإنتاجه، وليس مجرد تقريضه في مجلس محدود أو وجهاً لوجه.

ومرة ثالثة أعطيته ديواني «قصائد مطوية» بوصفه مسودة لإلقاء نظرة عليه، ولإبداء ملاحظاته في محتوياته وكتابة مقدمته، فمكث عنده نحو ستة أشهر دون أن يقرأ منه شيئاً يُذكر أو يعلق عليه، وكان هدفي أن أستأنس برأيه لا أن أستجدي ثناءه.. فقد أصبح اسمي معروفاً، وكتبي المنشورة كانت في ذلك الوقت ستة كتب.. تُباع في المكتبات. ولما عزمت على التسجيل للدكتوراه في علم الاجتماع طلب مني أن يكون مشرفاً على الرسالة في المملكة فوافقت مقدراً له هذا الموقف، وبعد انتهائي من كتابة الرسالة عرضتها عليه فأجرى عليها ملاحظات وتصحيفات قليلة استفدت منها؛ فأثنيت على جهده في المقدمة عندما طبعت الرسالة. وقد قام رجل الأعمال عبد المقصود الخوجة بتكريمه في الاثنينية! وقد نُشر قبل سنوات عنه كتاب شعري كله ثناء عليه قام أحد أصدقائنا من أدباء الطائف بجمعه على سبيل المجاملة!؟ وقد عرضت على الخوجة طبع إنتاجه بمقدمة مني بناء على رغبته فرفض؟!

وظلت علاقتنا الشخصية عندما كنا في الطائف وثيقة، ونتزاور ونجتمع دائماً، وكنا مجموعة من المثقفين كعبدالرحمن المعمر وحماد السالمي وغيرهما من الأدباء. وكنت حريصاً على تكريمه ومراعاته بحكم سنه وقيمته الأدبية، ومراعاة الظروف الخاصة له وظروف العراق العامة، وبعد أن أقمت في جدة بقليل ذهب لبريطانيا، وأقام هناك وانقطعت أخباره.

بيروت

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة