Culture Magazine Thursday  06/09/2012 G Issue 378
ترجمات
الخميس 19 ,شوال 1433   العدد  378
 
مختارات مثيرة من كتاب نادر (1-2)
«الرقابة في المجتمعات الإسلامية»
إعداد وترجمة: د. حمد العيسى

 

هذه بعض المختارات المثيرة المقتبسة من كتاب نادر في موضوعه وهو «الرقابة في المجتمعات الإسلامية» Censorship in Islamic societies الصادر بالإنكليزية عن دار الساقي في بيروت عام 2002 للمؤلف البريطاني تريفور موستين. تريفور موستين صحفي ومؤلف بريطاني ومستشار إعلامي متخصص في شؤون العالم العربي وإيران والهند . كتب ولا يزال يكتب للعديد من المطبوعات الدولية المرموقة ومن ثم أصبح مدير النشر لمنطقة الشرق الأوسط لدار ماكميلان البريطانية العريقة والضخمة. وعمل محاضرا في «معهد رويترز للصحافة» التابع لقسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة أوكسفورد. وأصدر عدة كتب هامة عن الشرق الأوسط. يعمل حاليا محررا في مجلة «ميد»MEED المرموقة والمتخصصة في إقتصاديات الشرق الأوسط.

(1) سلمان رشدي يرد بقوة

على الخميني:

الروائي الهندي/البريطاني سلمان رشدي فند الإتهام بالردة ضده في فتوى الإمام آية الله الخميني بسبب نشره رواية «آيات شيطانية» وأثبت بالدليل القاطع أنه «ليس مرتدا» كما شرح للغارديان اللندنية قائلا بوضوح وصراحة: «المرتد هو من يتراجع عن معتقده، ولكنني طوال حياتي ومنذ أن بلغت سن الرشد حرصت على أن لا يكون عندي أي اعتقاد أو إيمان بأية إيديولوجية مطلقا!!! وعندما لا يكون الشخص معتنقا عقيدة معنية فلا يصح أن يقال إنه ارتد عنها لأنه لم يكن مؤمنا بها في الأصل»!!!

(2) الروائية تسليمة نسرين تعترف بالحقيقة الكاملة:

بعد منع رواية الطبيبة تسليمة نسرين «العار» بسبب فتوى ، حصلت نسرين على شهرة عالمية وسافرت إلى فرنسا لتلقي كلمة في اجتماع اليوم العالمي للصحافة. وعندما عادت إلى بنغلاديش قامت بعمل مقابلة مع جريدة ستايتسمان حيث نسب إليها قول: «وجوب عمل تغييرات في القرآن» ما تسبب في حدوث مطالبات بقتلها في بنغلاديش. وفي يونيو 1993، أصدرت الحكومة البنغلاديشية حكما بالقبض عليها لإهانة المقدسات والمشاعر الدينية ولذلك هربت نسرين واختفت في مكان مجهول في بنغلاديش لمدة شهرين وخرجت مظاهرة ضخمة من عشرات الآلاف للمطالبة بقتلها وهم يحملون صورة امرأة وحول رقبتها حبل مشنقة وحملوا لوحات مكتوب عليها «مرتدة تدعمها قوى إمبريالية لتحقير الإسلام».

وفي أغسطس 1993، مثلت بنفسها أمام المحكمة ولكنها نجحت في الخروج بكفالة ليتم محاكمتها لاحقا. وبعد أسبوع سافرت إلى ستوكهولم عاصمة السويد حيث حلت ضيفة على مركز «بن» PEN هناك وهو فرع لمركز «بن» الدولي وهو مؤسسة غير حكومية وغير ربحية وجمعية دولية للكُتاب تأسست في لندن عام 1921 لتنمية الصداقة والتعاون الدولي بين الكتاب في العالم وتأكيد دور الأدب لفهم الحضارات والدفاع عن حرية التعبير للكتاب المضطهدين. وصرحت نسرين هناك في ستوكهولم قائلة بوضوح وصراحة مذهلة وبدون مواربة: «نعم، القرآن لا يصلح كأساس للقانون لأنه ضد التقدم وضد حقوق المرأة» وجادلت في مقابلات كثيرة بأن «الدين هو الجذر والأصولية هي الشجرة». وصرحت بأنه «يجب أن يسمح للمرأة المسلمة بأربع أزواج مثل الرجل».

وكانت الكارثة الكبرى للطبيبة الروائية نسرين في لقاء تلفزيوني في ستوكهولم حيث دخنت سيجارة وهي تمسك بالقرآن الكريم بين بيديها وانتقدت بشدة وعنف زميلها الروائي البريطاني الهندي سلمان رشدي لأنه - بحسبها - ضعيف ولين ويناور مع الأصوليين ليبحث عن مساومة للخروج من تهمة الردة والحكم بالقتل. ولهذا استغرب المذيع السويدي المسيحي من عنفها وجرأتها وخرج عن نص الحوار وسألها بتلقائية وعفوية غير مقصودة سؤالا لم يضعه معد الحوار: «هل أنت مسلمة؟». فأجابت فورا بتلقائية وصراحة صاعقة ومذهلة لجميع من شاهد البرنامج: «كلا، أنا ملحدة وجميع الأديان تعتبر نماذج خارج الزمان والمكان بالنسبة لي»

(3) الأستاذ جهاد الخازن يُعرِّف حدود الرقابة في جريدة الحياة:

جهاد الخازن رئيس تحرير جريدة الحياة (وقت تأليف الكتاب) التي تدار من بيروت ولندن مشهور بالإنفتاح والصراحة حيث قال لي: «نحن لا نستطيع تحمل خسارة الإعلانات القادمة من السعودية» وأضاف «لذلك يجب أن نكون حذرين بأن لا نزعج السعوديين مطلقا. ولكن نحن أكثر حرية وجرأة مع السودان لأن لديه القليل من المال». وبحسب الخازن فهناك مفارقة عجيبة عن الرقابة في السعودية وهي أنك تقرأ المجلات الأجنبية القادمة من خارج السعودية وصور النساء فيها مطموسة باللون الأسود، ولكن في نفس الوقت تستطيع مشاهدة فيلم «غريزة أساسية» Basic Instinct بدون حذف أية مقاطع منه في فندق 5 نجوم بجدة.

(4) مواطن إيراني يراجع إدارة حكومية آخر الشهر

يقول المؤلف موستين: بحسب بعض المصادر، هناك ما يقارب 70 مطبوعة دورية إيرانية في المنفى تمثل نطاقا واسعا من الأراء من مساندة عودة الملكية لحكم إيران إلى قيام دولة إشتراكية أفلاطونية. الجريدة الأسبوعية «أصغر أغا» التي يطبعها في لندن الكاتب الساخر ورسام الكاريكاتور الإيراني هادي خورساندي أغضبت المسؤولين في إيران لدرجة خطيرة بحيث قامت المباحث البريطانية سكوتلانديارد بحمايته خوفا من الإغتيال. وكان هادي خورساندي المولود في مدينة فاريهان قد هرب من إيران إلى المنفى في 3 أبريل 1979 أي بعد يومين من إعلان قيام الجمهورية الإسلامية في إيران.

رسم خورساندي سكتش كاريكاتوري يتكون من عدة صور لمواطن إيراني يراجع إدارة حكومية ويتناقش مع جندي يعمل في تلك الإدارة الحكومية في طهران كالتالي:

الجندي: هل يمكن أن توقع هنا لو سمحت ؟ وتوقيع هنا أيضا. وتوقيع آخر هناك لو سمحت. هل أستطيع أن أحصل على بصمات أصابعك هناك لو سمحت. ونريد صورتين من بطاقة هويتك لو سمحت.

المواطن: حسنا حسنا سيدي، ها هي التواقيع. وتفضل البصمات وصورتين من هويتي بكل سرور.

الجندي: صورتين شمسيتين «بدون نظارات» لو سمحت.

المواطن: ها هي تفضل سيدي.

الجندي: شكرا، دعني أرى... أها: شهادة «حسن سيرة وسلوك» لو تكرمت.

المواطن: تفضل ها هي.

الجندي: جيد، فضلا... رسالة توصية من «ضابط الحرس الثوري» المقيم في منطقتكم لو تكرمت.

المواطن: طبعا طبعا... سيدي تفضل ها هي مختومة وموقعة حديثا وأصلية ليست صورة!!!

الجندي: أرجو أن تكون قد أحضرت صور بطاقات الهوية ل «جميع» أفراد عائلتك؟!

المواطن: نعم سيدي أحضرتها. تفضل.

الجندي: صورة رخصة قيادة السيارة؟

المواطن: أنا فقير سيدي ولا أمتلك سيارة . عندي دراجة نارية فقط.

الجندي: حسنا... لو سمحت رقم المكينة ورقم الهيكل وصورة رخصة قيادة الدراجة النارية وصورة تأمين الدراجة وصورة استمارة الملكية وفاتورة دفع ضريبة الطريق.

المواطن: دقيقة واحدة سيدي سأنظر في الحقيبة. أوووه، رائع ها هم جميعا، لقد أحضرت كل ما طلبت يا سيدي.

الجندي: ممتاز. الآن، ضع يدك اليمنى على هذا القرآن ثم قل لي بصراحة وصدق وأنت تنظر في عينيَّ مباشرة: هل تؤمن بصدق في قلبك ب «ولاية الفقيه»؟

المواطن: طبعا طبعا أقسم بذلك سيدي وكيف لا؟!

الجندي: ممتاز. الآن، قل لي بصراحة وصدق: هل تعرف أحدا «لا» يؤمن ب «ولاية الفقيه»؟!

المواطن: كلا كلا أعوذ بالله سيدي. أنا لا أعرف «زنادقة»!!

الجندي: جيد.. هذا فقط للتأكد. حسنا، أخبرني من ساند الإمام الخميني في عام 1963 ؟

المواطن: طيب... لحظة سيدي، أووه تذكرت سيدي إنه «طيب حاج رضائي».

الجندي: جيد، أخبرني أيضا: هل تحفظ اسم قائد الطلبة الثوريين اللذين اقتحموا السفارة الأمريكية واحتجزوا الرهائن؟

المواطن: طبعا سيدي ، إنه المجاهد البطل «ما شاء الله الجزار».

الجندي: حسنا أجبني بسرعة: ماذا يجب على الشخص أن يفعل إذا لحس الكلب الوعاء؟

المواطن: أووه طبعا سيدي معروف للجميع يجب عليه غسل الوعاء سبع مرات بالتراب ثم غسله بالماء سبع مرات أخرى حتى يطهر تماما ويستطيع استعماله مجددا.

الجندي: ممتاز لكن أجبني فورا وبسرعة أيضا: ماذا يفعل الشخص الذي يمشي في الصحراء عندما يحس بنداء الطبيعة لقضاء الحاجة ولا يوجد حوله ماء مطلقا؟

المواطن: سهلة سيدي!! يجب عليه قضاء حاجته بكل هدوء وطمأنينة ثم مسح مؤخرته جيدا ثلاث مرات بالصخور أو الطين الناشف حتى يتأكد من عدم وجود أي ذرة نجاسة مطلقا تحت «كل» شعرة في مؤخرته.

الجندي: رائع يا عزيزي، يبدو أنك مستعد جيدا. الآن، هيا ردد أمامي 3 مرات بيقين صادق وأنت تضع يدك اليمنى على القرآن: «كنت فاسقا قبل الثورة».

المواطن: طبعا... طبعا سيدي... هذا حقيقي لنا جميعا!!! بكل سرور سيدي (يرددها بحماس «أكثر» من 3 مرات): «كنت فاسقا قبل الثورة» ، «كنت فاسقا قبل الثورة» ، «كنت فاسقا قبل الثورة». «كنت فاسقا قبل الثورة»!! ويواصل ترديدها بحماس ورهبة وهو يرتجف...

الجندي: يكفي يكفي يكفي أخي. توقف... تمام... رائع!!! أرجوك توقف يكفي يا أخي لقد أصابني صداع من هتافك (يمد الجندي يديه بمهارة تحت الطاولة ويخرج بيده اليمنى كيس صغير من «السكر» وبيده اليسرى كيس صغير من «الشاي» ثم يسلمهما للمواطن قائلا:) تفضل ها هي حصتك الشهرية من «السكر والشاي»!! أرجو أن تنصرف فورا لأن الطابور طويل... الذي بعده لو سمحتم...

المواطن: (يستلم الكيسين وتبدو عليه خيبة الأمل وكأنه لم يحصل على شيء توقعه ولذلك يواصل الحديث مع الجندي): سيدي بودي تسجيل اعتراف رسمي: أنا لم أكن فقط فاسقا قبل الثورة بل كنت أكبر زنديق في طهران ولدي شهود عدول يؤكدون زندقتي قبل الثورة»!! (يواصل المواطن الهتاف بحماس هستيري وهو يرتجف... ) «كنت زنديقا قبل الثورة» «كنت زنديقا قبل الثورة» «كنت زنديقا قبل الثورة»!! (ويواصل ترديدها بحماس هستيري مع لمسه حزن على وجهه ونظرة رجاء للجندي)

الجندي: أوووه توقف... يكفي... فهمتك!!! جميعكم تفعلون هكذا عندما تنفد السجائر قبل نهاية الشهر، آآ آسف آسف آسف يا صديقي لكن جميع علب السجائر نفدت كالعادة في منتصف الشهر لأن الطلب زاد عليها من الحرس الثوري نصره الله!!! (يغمز الجندي بعينه اليمنى للمواطن) ولكن لأنك أجبت على جميع الأسئلة بسرعة وبدون أخطاء، راجعنا غدا يا أخي وسأرى كيف يمكنني مساعدتك شخصيا ولوجه الله للحصول على «بعض» السجائر!!! ولا تنس يا عزيزي إحضار جميع الوثائق المطلوبة مجددا ويجب أن تستعد جيدا لأن الأسئلة ستتغير كما تعرف!! هيا أرجوك انصرف فورا لأن الطابور طويل... الذي بعده لو سمحتم...

المواطن: (بالكاد يتوقف عن الهتاف): فقط مرة أخيرة سيدي «نعم، كلنا كنا فسقة وزنادقة قبل الثورة»!! شكرا شكرا سيدي... عاش الإمام وعاشت الثورة!!!! خودا حافظ وفقكم الله سيدي...

*

انتهى الجزء الأول من المختارات ويليه قريبا الجزء الثاني

Hamad.aleisa@gmail.com المغرب

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة