Culture Magazine Thursday  02/02/2012 G Issue 361
عدد خاص
الخميس 10 ,ربيع الاول 1433   العدد  361
 
جسر بين الشرق والغرب
أ.د. قسطندي شوملي

 

«نحن نتملك أشياء عظيمة.. ولكننا مجهولون في الغرب». هذا ما تقوله سلمى الخضراء الجيوسي، «فلقد أدرك المثقفون عندنا قيمة المشاركة الفعالة في الثقافة العالمية، وأيقنوا أن هذه المشاركة لا تتم إلا إذا اطلع العالم على أدبنا وانجازاتنا الإبداعية، وروح حضارتنا وقيمها الأدبية. وهذا لا يمكن إلا عن طريق الترجمة». ولهذا فقد نذرت سلمى حياتها لترجمة الأدب العربي ونشره في الغرب، ولهذا أيضا وصفها البعض بأنها صوت من الشرق في الغرب. ومن هذا المسار الأدبي انطلقت فكرة بروتا PROTA وهي اختصار عبارة تعني بالعربية «ترجمة الأدب من العربية»، فقد أسست عام 1980 بالتعاون مع عدد من أساتذة جامعة آن أربر بميتشغين هذا المشروع بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الغرب عن الحضارة العربية، من خلال ترجمة نصوص أدبية مختارة من العربية إلى الإنجليزية، باعتبارها اللغة التي ينطق بها أكثر من ثلاثمائة وخمسين مليونا كلغة أم. وقد انصرفت إلى هذا المشروع بكل طاقاتها ومواهبها وعلاقاتها مع الأدباء والمترجمين. واستطاعت سلمى الجيوسي خلال ستة وعشرين عاما، أن تصدر أكثر من أربعين مؤلفا ثقافيا، منها إحدى عشرة موسوعة، وكثيرا من الترجمات لأعمال شعرية ونثرية، شملت دول الوطن العربي كلها.

تقول سلمى الجيوسي أنها لا تعمل منفردة تماما، فبروتا لديها هيئة مستشارين، ولجنة تحرير مكونة من مثقفين عرب وباحثين في الأدب العربي. ويضم جدول المساهمين في الترجمة أكثر من خمسين اسما، بعضهم يعمل كمترجم أول مسئول عن الترجمة الحرفية للأصل العربي، وبعضهم وهم من الكتاب المبدعين مسئول عن صياغة النص في اللغة الانجليزية كمترجم ثان. وهي تعتقد أن الكاتب المبدع فقط هو من يستطيع ترجمة مبدع آخر. وان الترجمة الأدبية تتميز بمصطلحها الخاص، وتصدر عن مناطق الإبداع المتصلة بالخيال والعاطفة والمواقف الشاعرية، التي تعتمد على التلميح والاختصار والشحن والدلالات المواربة.

حررت سلمى الخضراء أكثر من ثلاثين عملاً من أعمال بروتا، ومن بين هذه الأعمال خمس موسوعات ضخمة للأدب العربي وهي: الشعر العربي الحديث (93 شاعراً)، أدب الجزيرة العربية (95 شاعراً وقاصاً)، الأدب الفلسطيني الحديث (103 شاعراً وكاتباً)، المسرح العربي الحديث (12 مسرحية كبيرة)، القصة العربية الحديثة (104 قاصاً)، إضافة إلى الدراسات التي قدمتها من خلال «رابطة الشرق والغرب للدراسات» مثل الكتاب الأندلسي، والمدينة الإسلامية في التاريخ. وقد حصلت على وسام القدس عام 1990، وأكثر من جائزة في الولايات المتحدة الأميركية، ومن اتحاد المرأة الفلسطينية، ومؤتمر الخريجين العرب، وجائزة إدوارد سعيد للتميز المهني، وجائزة كمال جنبلاط، إضافة إلى تكريم في مصر وباكستان وبريطانيا وإسبانيا وفلسطين. فقد كرمت في حزيران عام 2007 كرائدة نقل الثقافة العربية إلى الإنجليزية في مدينة بيت لحم مهد المسيح عليه السلام وموطن جيروم عميد المترجمين في جميع أنحاء العالم. وكانت مسوغات التكريم التي وضعها لجنة من المختصين في جامعة بيت لحم كما يلي:

1- سلمى الخضراء الجيوسي شاعرة وناقدة وباحثة فلسطينية ساهمت في الأدب العربي الحديث في مجال الشعر والنقد والترجمة وتحرير الموسوعات، وتركت أثرا بينا.

2- أسست مشروع ترجمة الأدب العربي «بروتا» بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الغرب عن الحضارة العربية، من خلال ترجمة نصوص أدبية مختارة من العربية إلى الإنجليزية

3- حررت أكثر من ثلاثين عملاً من أعمال بروتا، ومن بين هذه الأعمال خمس موسوعات ضخمة للأدب العربي، كما حررت موسوعة ضخمة تشمل تسعة وأربعين حقلا من حقول الحضارة الإسلامية في الأندلس، وبذلك وسعت نشاطها من ترجمة الآداب إلى إعداد وترجمة الدراسات والأبحاث القيمة للفكر العربي، وأطلقت المشروع التوأم لبروتا، وهو «رابطة الشرق والغرب».

4- تتمتع بطاقة هائلة في معالجة المشكلات، وتكرس كل ما تملكه من طاقة في التعريف بالتراث الثقافي العربي.

إن سلمى الخضراء الجيوسي شخصية نهضوية وكاتبة إنسانويه مجدة نشطه وخلاقه وملتزمة التزاما قويا بالدور الإشعاعي للأدب العربي. وعند البحث عن أسماء ثقافية عربية نساءً ورجالا، لا نجد كفؤاً نظيرا لسلمى فيما قدمته للثقافة العربية على مفصل علاقة هذه الثقافة بالعالم. وهي تستحق بجدارة لقب عميدة الترجمة في الوطن العربي. لأنها تقدم نموذجا للمفكر والمثقف العربي الملتزم بقضايا أمته، وتقدم نموذجا للمثل الذي يقول حيثما توفرت الإرادة يمكن إيجاد طريق لتحقيق الإنجازات.

وتقول فريال غزول في مجلة نور القاهرية (11-1966) «إن سلمى أكثر من المرأة الشاعرة، أو المرأة الناقدة، أو المرأة الباحثة، أو المرأة الأستاذة، إنها المرأة الظاهرة.» فقد عملت أستاذة جامعية وتنقلت في العديد من الجامعات في العالم، ودرست الأدبين العر بي والإنجليزي، ونشرت شعرها وكتاباتها النقدية بالعربية والانجليزية، وحضرت العديد من المؤتمرات والندوات، وشاركت فيها ببحوث مميزة. لديها عقل ناقد وطاقة هائلة، استطاعت تقديم الثقافة والحضارة العربيتين إلى الغرب من خلال أفضل المنتجات الأدبية، فأنجزت ما عجزت عنه وزارات الثقافة الرسمية العربية، فقد أشرفت وحررت بمجهودها الشخصي عشرات الموسوعات والكتب والدراسات باللغة الإنجليزية، لتعريف العالم الغربي بكنوز الحضارة العربية الإسلامية القديمة والحديثة.

جامعة بيت لحم، فلسطين

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة