Culture Magazine Thursday  02/02/2012 G Issue 361
عدد خاص
الخميس 10 ,ربيع الاول 1433   العدد  361
 
سفيرة الأدب العربي إلى الغرب الإنكليزي
على العائد

 

صفتان أساسيتان حملهما عمل الأديبة والأكاديمية العربية سلمى الخضراء الجيوسي، الأولى هي الاجتهاد والجلد والمثابرة، والصفة الثانية هي التزامها بنقل الإبداع العربي إلى اللغات الأخرى، والتعريف به، لقناعتها أن هذه المهمة تقع على عاتق الأكاديميين والأدباء العرب قبل الأكاديميين والمستشرقين الغربيين، ويمكن أن نشتق صفة ثالثة من الثانية، وهي أن التزام الجيوسي كان عربياً عاماً غير موسوم بأي صبغة أيديولوجية سوى الإبداع، والإبداع هو نفسه صفة تطبع الجهد الإنساني أياً كانت هوية هذا المبدع، أو قوميته.

وعلى هذا، لم تقتصر إنجازات الدكتورة الجيوسي على ما قدمته من كتب نوعية للقارئين الإنكليزي والعربي، في التأليف والترجمة، بل تعدى عملها، وخاصة المختارات من الشعر العربي، كذلك القصة والمسرحية، إلى أن يكون مرجعاًَ للمستشرقين وأساتذة الأدب العربي، من الغربيين خاصة، ودليلاً لمن أراد الاستزادة في دراسة الأدب العربي، قديمه وحديثه، بل ومرشداً جغرافياً اجتماعياً غطى منطقة الخليج العربي، وفلسطين خاصة، بالإضافة لشموله أسماء عربية تنتمي إلى كل بقاع العالم العربي. هذا المشروع الموسوعي انطلق عام 1987، مع كتاب «الشعر العربي الحديث» الذي قدمت فيه 93 شاعراً، وفيه نظرة عامة على أهم الشعراء المؤسسين للشعر العربي الحديث، فيما يشبه أنطولوجيا غير مكتملة. وعندما قدمت عام 1988 كتاب «أدب الجزيرة العربية»، وقدمت فيه لـ»95 شاعراً وقاصاً»، كانت الغاية هي التفصيل للكتاب للأول، والتوسع في دراسة الاتجاهات المحلية للشعر العربي الحديث، بالإضافة إلى التعريف بالقصة الخليجية. أما كتاب «الأدب الفلسطيني الحديث»، الذي عرض لمائة وثلاثة من الشعراء والكتاب، من الرجال والنساء بالطبع، فكان تمام المنهج في خطوته الثالثة. وفي الرابعة كان «المسرح العربي الحديث»، الذي قدم لاثنتي عشرة مسرحية كبيرة، ثم جاء دور القصة مع كتاب «القصة العربية الحديثة» لتقدم أنطولوجيا ضمت مائة وأربعة من القاصين العرب.

أما كتابها «الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث»، وهو رسالة الدكتوراه التي نُشرت في جزءين عام 1977، فلم يكن سوى الجواز الأكاديمي للدكتورة الجيوسي، الذي لم يكن لازماً أو ضرورياً لتثبت الجيوسي أنها من طينة المبدعين الذي لا يحتاجون إلى «جواز سفر أكاديمي»، فقلق الإبداع المقترن بالهمة العالية، والقدرة على التأقلم في بقاع الأرض، كان أكثر من كافٍ لتثبت الجيوسي أن الدرجة الأكاديمية مجرد مكمل تتطلبه البيروقراطية في بلاد كثيرة، بما فيها الدول المتقدمة علمياً.

والمعروف عن الدكتورة الجيوسي هو وضوح الرؤية بالنسبة لمشروعها الأساسي في تعريف الغرب عامة، والأنكلوسكسوني منه خاصة، بالأدب العربي، فلم تعجز يوماً في البحث عن جديد تقدمه، لكن عقبتين كانتا تقفان في وجه تلك المشاريع في البدايات (أوائل ثمانينيات القرن العشرين)؛ العقبة الأولى هي إيجاد الوقت اللازم لإتمام قائمة مشاريع لا تنتهي، ثم يأتي دور التمويل والتبني لتلك المشاريع من ممولين أفراداً، أو مؤسسات أكاديمية، لكن هذه المشكلة وجدت طريقها للحل مع إثبات الجدوى العلمية الفائقة لما قدمته الجيوسي من مشاريع أدبية وأكاديمية ناجحة. ولا أحسب إلا أن الدكتورة الجيوسي كانت تردد دائماً ما كان دوستويفسكي يردده على لسان بطل روايته «المراهق»: «لو تمتعت بأضعاف عمري لما استطعت إنجاز كل ما أريد إنجازه».

سكرتير تحرير مجلة «فكر»

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة