في حروب الدفاع عن الحنين
في فنادق الإعصار أرادوا أن يفصلوا التاريخ على (الباترونات) العامة، تدعونها للسباحة في الموت المفاجئ.
«أرض العرب للعرب» شعار لقادة الفكر القومي العربي ومواقفه المتشنجة تجاه مسألة الأقليات.
إن تراجع المجتمع العربي فكريًا برغم أنه منبع الحضارات كنشأة، وأم الحضارات كمنبع، وأرض الأديان كمبدأ قد ساوى بين البشر، ولم يميز فئة عن أخرى إلا بالتقوى؛ إلا أنه يقبع تحت وطأة التخلف العلمي والمعرفي والفقر، ويرجع هذا التقهقر إلى كيفيته كمجتمع قبلي، بنيته الأساسية البناء الطائفي وليس على البناء الوطني، وقوامه على وحدة الطائفة وليس على وحدة المواطنين، وكي يتماشى مع منهجية العصر لجأ إلى ظاهرة الصوت، والشعارات الرنانة مثل «الدين لله والوطن للجميع» والديمقراطية، وحقوق الإنسان وغيرها مع تجريف الألفاظ من معانيها.
الكُرد في سوريا ما بين الحكومة المركزية، وفرض العدمية
رائحة مغتربة هي رائحة المدن المُجهَضة وسط الأنين الجامح، إنها (أرض الكُرد) تُعلق المساء الأخير على نتاج عمليات الفصل والتجزئة والضم بحسب قانون (ماريونيت) العرائس التي مارسها الاستعمار الغربي - إنه الإرث الغير شرعي لتقسيم تركة الدولة العثمانية بعد هزيمتها بالحرب العالمية الأولى - ومع استلام حزب البعث السلطة في سورية من خلال انقلاب 8 آذار 1963م، وحتى يومنا هذا، يعيش الكُرد حياة العدمية باتباع أسلوب سلطوي في استيعاب الأقليات، وفرض الاندماج عليهم بالقوة وبالتالي رفض الاعتراف (بتكويناته الإثنية المتعددة) ؛ فقد حُرم من جميع الحقوق كافة بهدف إلغاء وجوده القومي على المدى الطويل مع طمس وتزوير أي معالم أخرى، وفرض التعريب الشمولي من أجل تغيير خصوصية المناطق الكُردية القومية.
سيمفونية القهر
(محمد طلب هلال) ملازم أول بفرع الأمن السياسي في محافظة الحسكة، نصبوه ملكًا على وجع القبيلة، يبايع الحلم المحنط سيدًا للبعث ليبحر الكُرد في طوربيد غريق. وكانت توصياته للإحصاء الاستثنائي، وأُجري حصرًا عام 1962م، وظهرت نتائجه عام 1965، ومازالت هذه النتائج متفاعلة إلى يومنا هذا، وكان لضحاياه المتضررين ممن حُرموا الجنسية السورية قد بلغ أكثر من 300 ألف كُردي، وهؤلاء لا يمتلكون أية حقوق مدنية، مثل حقوق : الملكية والتعلم والعمل والسفر والاستفادة من الخدمات العلاجية الحكومية والمصرفية مما جعلهم حروفًا للوداع بأرض الغياب.
المكتومون تلتهمهم الجراح بنهم مروِّع
المكتومون: يعدون الضلوع التي بقيت من أساطير النهاية، ممددون في انتخابات الريح، وهجرة الأيام عن المرايا، والبداية هي حصيلة الزواج بين المجردين من الجنسية وممن لهم الجنسية السورية، وذلك نتيجة عدم موافقة السلطات المختصة على تسجيل هذا النوع من الزواج، ونتائجه يزيد عن 150 ألفاً من أطفالٍ تنصب خيمة في مهب الغياب، لاجئة في جراح الوطن، لا يُعترف بوجودهم الإنساني، يركضون بالبراري بلا اسم أو هوية، وهذا يعكس بوضوح مدى الإجرام بأبسط الحقوق الإنسانية، ألا وهو حق الوجود.
مشروع الحزام العربي
تهويد القدس مَثل أعلى لمشروع مستوطنات الحزام العربي، طبقته السلطة السورية في عهد الرئيس الأسد الأب وذلك ابتداء من عام 1973؛ فتم بناء 42 قرية كبيرة كمستوطنة للعرب الذين جلبتهم السلطات من محافظات الرقة وحلب وإدلب ومنحتهم أراضي الكُرد التي كانت قد اغتصبتها قهرًا، وذلك على امتداد الحدود السورية التركية في محافظة الحسكة بطول 385 وعرض يتراوح بين 10 إلى 15 كيلو متر بهدف تغيير الطابع السكاني للمنطقة والمتجسد بتحديد ملكية الكُرد للأراضي الزراعية ؛ فإن السلطات السورية تسعى لبلوغه بوسائل متعددة منها مصادرة الأراضي، وإجبار الفلاحين الكُرد على الهجرة وبيع أراضيهم بثمن بخس بفعل الإجراءات القهرية التي تمارسها بحقهم وامتناعها عن تقديم أي دعم لهم خاصة في سنوات الجفاف، وحاليًا تمتنع السلطات السورية عن تقديم سندات الملكية لأصحاب الأراضي بعد أن سحبت منهم سنداتهم القديمة، وذلك بهدف إرباكهم، ومن ثم الضغط عليهم من أجل الرحيل. وتتوالى الجرائم ؛ فكان إصدار ما يسمى بالمرسوم 49 لعام 2008 في عهد الأسد الابن، وهو مرسوم يعرقل إلى الحد الأقصى، إن لم يقل يمنع بيع وشراء وتأجير العقارات والأراضي الزراعية في المناطق الحدودية، وقد أدى العمل بهذا المرسوم إلى شلّ الفعاليات الاقتصادية التي كانت تستند أصلاً إلى القطاع العقاري، وذلك نتيجة إهمال الدولة للقطاع الصناعي، وتراجع القطاع الزراعي بفعل السياسات الفاسدة والجفاف المستمر منذ سنين عدة، هذا إلى جانب حالات النهب والتخريب والفساد التي تتعرض لها المناطق المعنية عن عمد وتصميم لهدف الإبادة الجماعية.
يا اسمي: أين نحن الآن؟/ قل: ما الآن، ما الغدُ؟/ ما الزمانُ وما المكانُ/ وما القديمُ وما الجديدُ؟/ سنكون يوماً ما نريدُ (محمود درويش)
الإسماعيلية