Culture Magazine Thursday  27/01/2011 G Issue 331
فضاءات
الخميس 22 ,صفر 1432   العدد  331
 
عن قاموس الأدب والأدباء
(أهلاً ومهلاً).. مرةً أخرى!
فيصل أكرم

قبل عامين وثلاثة أسابيع (تحديداً في الخامس من يناير 2009) كتبتُ مقالة، هنا في (الجزيرة - الثقافية)، عنوانها (قاموس الأدب والأدباء.. هل لي أن أقول: أهلاً ومهلاً؟!)، وكانت إثر حضوري إحدى الندوات التي أقامتها (اللجنة العلمية) المشكَّلة من دارة الملك عبدالعزيز لإنجاز قاموس عن الأدب والأدباء في السعودية. وكانت اللجنة تعقد ندواتها بشكل متوالٍ ومتتابع في كل الأندية الأدبية المنتشرة في جميع مناطق المملكة، وكنا نطالع في الصحف كل أسبوع - تقريباً - خبراً عن ندوة تُقام في أحد الأندية أو المؤسسات أو الصالونات الأدبية؛ للتعريف بذلك القاموس ومناقشة أعضاء اللجنة العلمية حوله..

قلتُ في تلك المقالة جملة من الملاحظات والمقترحات، وربما الاعتراضات والتنبيهات حول مسائل عدة في الطرق المقررة لإنجاز هذا القاموس، منها ما يتعلق بتبويب (أجناس) الأدب، وبمنهجية تحرير (المداخل) المكوّنة لهذا القاموس..

الآن، وبعد مضي ما يزيد على عامين، قرأتُ في إحدى الصحف تصريحاً للمشرف العلمي على (قاموس الأدب والأدباء) الدكتور محمد الربيع يقول فيه: «إنَّ 90 في المئة من مواد القاموس تم إنجازها، ولم يبقَ إلا القليل من فترة العمل ليكتمل ويطبع»..

وأكّد مضيفاً: «لم يبقَ سوى شهر واحد وتكتمل مادة القاموس العلمية، وتقدم دارة الملك عبد العزيز هذه الخدمة التاريخية للأدب السعودي»..

ولأنها - بكل ما تعنيه الكلمة - (خدمة تاريخية للأدب السعودي) أحببتُ أن أؤكد إصراري على ضرورة المراجعة والتدقيق، وعدم التسرّع؛ فقد بلغني من أحد الأصدقاء أن مقالتي تلك قد تمت دراستها، أو دراسة بعض ما جاء فيها، ضمن إحدى جلسات اللجنة أو أحد اجتماعاتها، غير أنّ أحداً من المعنيين أو القائمين على القاموس لم يتصل بي للمناقشة حول ما طرحته حتى تتضح كل الأبعاد الكامنة في تلك الملاحظات، فطالما أن هدفنا جميعاً هو إظهار الصورة الحقيقية للمنجز الأدبي في السعودية، والتوثيق الحيادي لكل المساهمين في تكوينه وتشكيله، فليس أقلّ من الحرص والأخذ بعين الاعتبار لكلّ رأي معني عذراً مقبولاً في حال ظهور أي تقصير أو خلل في مواد القاموس حين صدوره المرتقب..

لقد قلتُ في تلك المقالة كلّ ما رأيته بمثابة (مآخذ) على المنهجية المتبعة لإنشاء هذا (القاموس)، وكانت لغتي تتسم بحدّة ناجمة عن الغيرة على هذا العمل الذي نتطلع إليه بعين الحرص على أن يأتي كبيراً ونافعاً، حتى أنني بالغتُ فطالبتُ باستبعادي من التوثيق في بعض فقرات (المدخل) الخاص بي - إن وُجد - ضمن (القاموس)، ما لم تتم معالجة تلك المآخذ.. ولا أجد الآن أي داعٍ لتكرار ما قلته أو استقطاع فقرات منه؛ فالمقالة لا بدّ أنها في أرشيف اللجنة. ولأن التصريح الأخير للمشرف العلمي يقول: «حظي القاموس باقتراحات عدد من الأدباء والأديبات في المملكة الذين تعاضدوا مع المشروع منذ أن كان فكرة حتى بدأ العمل فيه، واستبشروا عملاً تتطلبه حاجة ملحة؛ ما جعل إنجاز القاموس موفقاً بسرعة وشمولية كاملة، وسيرى النور قريباً؛ ليكون توثيقاً لأسماء خدمت الساحة الأدبية والثقافية، ولأعمال تراكمت حتى كوّنت المسيرة الأدبية في المملكة العربية السعودية».. فإنني أحببتُ التذكير بضرورة التروّي والمراجعة والتحكيم المحايد قبل اعتماد الطباعة والنشر؛ فأن يأتي القاموسُ متأخراً قليلاً ولكنه متقنٌ جداً خيرٌ من أن يأتي بالسرعة المحددة فتتخلله عيوبٌ كثيرة..

وسأكتفي هنا فقط بأن أكرر على أسماع الأساتذة القائمين على إنشاء وإنجاز هذا (القاموس) ما سبق وكررته في تلك المقالة: «إنكم تصنعون مادة للتاريخ، وليست للأخذ والرد، أو لاختبار قدرات الدارسين؛ فانتبهوا - يا رعاكم الله - أن تحفظوا لتاريخ الأدب والأدباء في عصرنا ما يحجّمه بآراء أحادية».

فالآراء الأحادية محكومة بالمواقف الشخصية، ولا يمكن في حالاتٍ كهذه أن نصنع للتاريخ وثيقة تعتمد عليها الأجيال القادمة.. وليس ثمة من سبيلٍ لإنجاز مثل هذه المهمة، على الوجه الأكمل، إلاّ بأن نجعل (القاموس) خالياً من كلّ (تقييم) لن يكون منصفاً أبداً؛ إذ كيف سيكون منصفاً إذا لم يتمكن من إنصاف القاموس نفسه في إطار (التوثيق)، وخرج نحو الأطر (النقدية) التي تتجاذبها الانطباعات الشخصية (الذاتية) التي لا يمكن أن يتفق على نتائجها (التقريرية) اثنان..؟!

على كل حال، فالهدوء الذي التزم به أعضاء لجنة القاموس منذ أشهر عدة، بعد حراك وصخب وتجوال دام قرابة عامين، يشي بأن عملاً قيّماً نقيّاً مدققاً ومنصفاً ستكشفه لنا الأيام القليلة القادمة، وسيستحق من كلِّ الأدباء كلَّ تقدير إن شاء الله..

ffnff69@hotmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة