Culture Magazine Thursday  24/03/2011 G Issue 336
قراءات
الخميس 19 ,ربيع الثاني 1432   العدد  336
 
بيادر
أغنية الولد البدوي
عبدالله الشباط

نعاني التشرد والفقر لا بأس..

فالدهر إن كان صلبا..

فليس علاج الصلابة إلا بالصلابة

وسيف يطيل الإقامة في الغمد

لا شك يؤتى الصدا في جرابه

وموت الحياة.. حياة الجبان

وجبن الحياة.. ممات الشجاع

فأي مما تشابه

غن لي أيها الولد البدوي

فثلج تراكم في الروح منذ سنين يريد الإذابة

سليمان الفليح

لا أستطيع أن أصف هذه الأبيات بأنها عمل فني.. لأنها لا ترسم صورة، ولا توقع لحناً.. وإنما هي تراكمات الأحاسيس الواقعية تتفجر داخل الوجدان، فيقذفها في صخب ليعبر عما بداخله من الآلام. عاصفة ظلت حبيسة حتى كاد يأكلها الصدأ الذي غطى نفوس بعض البشر لشدة المعاناة المؤلمة من الواقع الذي لا يفرح ولا يسر، فيحاول أن يرتقي بأحاسيسه.. متشبثاً بالتراث تارة وبالنخوة العربية تارة أخرى حتى يحيل تلك المعاناة إلى صخب ضاج.. يقول لمن حوله:

أين نحن الآن؟..

كيف كنا وكيف أصبحنا؟..

هل نكتفي بالفخر بالأوائل من بني قومنا الذي شرفنا بالانتماء إليهم وما شرفوا بنا؟.. فأين نحن من ذئاب الليالي الذين عانوا شظف العيش وقسوة الحياة وألفوا التشرد والصعلكة، وكانت حياة كل منهم لا تساوي شيئاً مقابل كل انتصار يحقق فيه ذاته ويستعيد كرامته.

أولئك الصعاليك الأبطال.. تنكرت لهم الدنيا وما تنكروا لها.. بل عايشوها بطريقتهم التي اختاروها وفرضوها للحصول على ما يريدون دون أن يخضعوا أو يستكينوا.. بل كان كل واحد منهم يخطف اللقمة من بين أشداق السباع وتحت صليل السيوف دون خوف أو وجل.. عاشوا حياتهم حرباً لا هوادة فيها، ومع ذلك لم يهابوا ولم يخشوا الردى.

كان كل منهم يسلك الطريق وهو غير واثق من الرجوع.. لكنه مع ذلك يعود غانماً وقد أخذ ما أخذ وأعطى ما أعطى.. فرغم الفقر والفاقة وطول المعاناة.. ورغم المخاطر التي كانوا يجتازونها كانوا كرماء.. أجواد يجودون بكسبهم لأول سائل محتاج يصادفهم، فلا يأخذون منه إلا ما يسد الرمق ويكفي من العوز ليوم أو بعض يوم.

فمن هم هؤلاء الأبطال الذين أشار إليهم الشاعر سليمان الفليح؟

يقول الشاعر:

وحادي القوافي تغرب عني..

إلى أن مللت فطال اغترابه

أضناني فاني لمحت بنارك

عروة والشنفري والسليل..

انتبهت لضوء الصباح الجديد

فتحت ذراعي للفجر.. قلت: هلا به

هل عرفتم أولئك الذين صنعوا الفجر في الماضي.. أولئك الذين لم تصدأ سيوفهم ولم تهادن أرواحهم في سبيل الكرامة التي حافظوا عليها والحرية التي انتهجوها طريقاً لحياتهم دون خضوع أو استذلال وكان شعارهم: «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة».

أظن أن هذا هو الأقرب للتحقيق في هذا الزمن البنفسجي.

- الدمام

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة