Culture Magazine Thursday  17/11/2011 G Issue 352
ذاكرة
الخميس 21 ,ذو الحجة 1432   العدد  352
 
معرب القرآن الكريم صاحب (معرض الإبريز) كما عرفته
إبراهيم بن سعد الماجد

لم أندم على شيء مثلما ندمت على عدم زيارتي للدكتور عبد الكريم الأسعد - رحمه الله - أستاذ البلاغة والنقد في جامعة الملك سعود سابقاً حيث طلب مني زيارته قبل وفاته بأسابيع أثناء حديثي معه هاتفياً قائلا: (يابو عبد الله خلني أشوفك سير علي تراني والله أحبك، تراي مودع خلاص) تذكرت هذه العبارات يوم نعاه لنا الصديق الوفي الدكتور إبراهيم التركي مدير تحرير هذه الجريدة فأحزنني كثيراً هذا النبأ لسببين الأول هو فقد هذا العالم الجليل والثاني لكوني لم أحقق رغبته والتي هي أيضاً رغبتي ولكن التسويف ومشاغل الحياة حالت بيني وبين ذلك.

عرفت الفقيد قبل أكثر من خمسة عشر سنة،عرفت العالم الجليل والصديق الوفي والنفس المتواضعة والعلاقة التي يسعى دوماً لبقائها، فمع مكانته العلمية الرفيعة وسنه الذي تجاوز الثمانين إلا أنه كان يحرجني بتواضعه وحرصه وسؤاله الدائم، وهو صاحب العلاقات الواسعة من أمراء ووزراء ورجال إعلام وأعمال، وقد كان له الكثير من الفضل في أن عرفني ببعض الشخصيات العلمية الهامة والتي سعدت كثيراً بمعرفتها, ويأتي معالي الأستاذ الدكتور عبد العزيز الخويطر على قمة هذه الشخصيات التي سعدت بمعرفته وحضور مجالسه في فترة من الفترات وإن كنت تقاعست في السنوات الأخيرة ففقدت بسبب هذا التقاعس الشيء الكثير.

من شواهد وفاؤه ما قام به تجاه صديقه الراحل سعد أبو معطي - رحمه الله - حيث قام بإعداد كتيب استكتب له جل أصدقاء أبو معطي، وكان متحمساً لخروج هذا الكتاب لما يرى من حق لهذا الرجل على المجتمع حيث اتصف بالنزاهة والعفاف عما في يدي الآخرين فكان واجباً على من عرف عنه هذه الصفات أن يخلد ذكره فسعى الدكتور الأسعد - رحم الله الجميع - لذلك بإعداد هذا الكتاب الذي كان لي شرف نشره وكان لمعالي الدكتور عبد العزيز الخويطر - حفظه الله - ومتعه بالصحة والعافية اليد الطولى في تمويل طباعته.

وبعد هذا الكتاب الوفائي بدأ الدكتور عبد الكريم في العمل على إعراب القرآن الكريم, وأتذكر بداية الفكرة عندما اتصل بي وطلب مني زيارته فلما حضرت اليه قال إنني عازم على إعراب كتاب الله طلباً للأجر من الله حيث لم يؤلف في هذا الموضوع إلا القليل ولا ترقى إلى عظمة هذا الكتاب, وبدأ فعلاً وكان يتصل بي باستمرار ويخبرني بما أنجز, ولا أنسى مقولته عن عمله في الكتابة بأنه يبدأ والشمس على كتفه الأيمن وينتهي والشمس على كتفه الأيسر في إشارة إلى أنه يقض كل يومه كتابة ومراجعة، وهذه الهمة لا يقدر عليها إلا من أعطي إخلاصاً في العمل وهمة عالية في الإنجاز, ومما كان يقوله رحمه الله عن عمله في هذا السفر العظيم الذي تجاوزت صفحاته خمسة آلاف صفحة من القطع الكبير..إنني أستغرب عند مراجعتي لما كتبته أحقاً أنا من كتبه ؟! فما قمت به لإعراب كتاب الله يفوق مقدرتي العلمية، مما يؤكد على أن من فرغ نفسه لخدمة كتاب الله يمده الله بالعون ويفتح عليه من الفتوح ما لم يفتحه عليه من قبل.

عمل الدكتور عبد الكريم الأسعد على إنجاز هذه المشروع العلمي الكبير وكان ينوي أن نقوم بنشره دفعة واحدة ولكنه وبناء على نصيحة الدكتور الخويطر الذي قال له من يضمن العمر طلب مني نشر ما تم إنجازه وهو الجزء الأول والثاني وقد تم ذلك وتلاهما الأجزاء الثلاثة الأخرى، هذا العمل حضي بمباركة من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - حفظه الله - فكتب مقدمة له، وهو وأعني سمو الأمير المحب والمشجع على العلم والمكرم للعلماء.

رحم الله أبا أسعد وأعظم له الأجر وجعل كتاب الله شاهداً له وقائدا إلى جنات النعيم


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة