Culture Magazine Thursday  17/11/2011 G Issue 352
فضاءات
الخميس 21 ,ذو الحجة 1432   العدد  352
 
تحولات امرأة نهرية
نصوص تقودنا إليها الفراشات «1»
ليلى الأحيدب

أسئلة في (تقليدية القصة القصيرة جدا)

هل الكتابة دائرة أم مستطيل بزوايا أربع؟

وهل انتمت الكتابة لباب مستحيل الحل؟ لغزٌ لا يمكن وضع إجابة واحدة له!

هل يمكننا اختيار إجابة واحدة مما سبق؟!إجابة واحدة لا غير؟!

إن كنت تراها مستطيلا بزوايا أربع فهي مجموعة من القواعد والأطر، تبدأ بنقطة وتمتد بخط طويل محدد، وهي الشكل الذي ينتمي إليه الناظمون في الشعر، المصنفون في الكتب، السراد الذين يكتبون القصص على شمعات ثلاث، من بداية وعقدة وحل، الكتابة هنا تستلزم قارئا مستطيلا أيضاً، قارئاً يستوقفك ليقول إن هناك خللا في بحر المتدارك، وخفوتاً في العقدة وخطأ علميّاً في التصنيف.. وله الحق في ذلك.

النص المستطيل ليس له أجنحة تحلق بالكتابة نحو عوالم جديدة، وسيظل مرتهنا للمسطرة الأدبية القديمة.

وإن كنت تراها تنتمي لباب مستحيل الحل أو لغزٍ لا يمكن وضع إجابة واحدة له، فهي أحاجي تكشف حجبها للبعض، وتمثل العماء بالنسبة لبعض آخر، لها قوانين تشبه العقائد الشاذة التي تنشئ معابدها في الخفاء ولا تطلع منتسبيها على أسفارها، بل تطلب منهم إيمانا مطلقا، لن تجد لها حلا ولا إجابة، وهذا النوع من الكتابات قراؤها هُم كتابها أنفسهم، ينشرونها ليختبروا صبر القارئ فينا.

أما إن كنت تراها دائرة.. فهي فلك بمجرات ضخمة، نجوم وكواكب ونيازك خاملة، يتصل فيها الشعر بالنثر، والنص المفتوح بالنص المأطر، القصة الومضة بالقصة اللقطة، النثر بالشعر، الشطري بالتفعلية..لاشيء ينتهي ليبدأ شيء آخر..لاشيء يتخلق من رحم شيء آخر، ليست التفعيلة ابنة كبرى للشطرية، وليست قصيدة النثر الابنة الشاذة للوزن والقافية.. ليس ثمة قطيعة! أو تشظي أو عقوق..كلها دوائر يفضي بعضها إلى بعض..

فبعض هذه الدوائر مجرات لامعة..

وبعضها نجوم صغيرة مشعة..

وأخرى نيازك خاملة..

وغيرها كواكب لها دورتها الاعتيادية في درب الكتابة لا التبانة طبعا!

إذا كنا نظن أن قصيدة النثر مثلا هي تطور للقصيدة العربية.. فهذا خطأ فادح ؛ فقصيدة النثر شكل جديد من أشكال التعبير عن شعرية ما في نثر الكلمات والصور والتراكيب، لا يمكن قياسها من قارئ يرى الكتابة مستطيلة الشكل! ولايمكن الركون أيضا لحكم متحمس للتجديد، يرى في التجديد كسراً للقوالب فحسب، فهذا لا يقرأ النص إلا بمسطرة أيضا. الكتابة نزوح نحو براريَ جديدة في المضامين والأشكال، وما لم يلمس القارئ ذلك.. فهذا يعني أن الكتابة تعاني من قطيعة ما.. كما أن القصة القصيرة جدا أيضا ليست تطورا نوعيا في السرد، إنما هي شكل من أشكال التعبير، بعضهم يكتبها كمستطيل! بمعنى يكتب نصه ملتزما بشروط القصة القصيرة جدا، لكنه يكتبها بروح قديمة.. روح مستطيلة لا تجديد فيها، وهذا هو مأزق قصيدة النثر من جهة والقصة القصيرة جدا من جهة أخرى، وما لم يكن الكاتب ناضجا بما يكفي لإنجاز نصٍّ خلاقٍ.. فلن تكون كتابته إلا مراوحة للشكل ليس إلا.

ما الفرق بين قصتين إحداهما قصيرة تطرح فكرتها بأسلوب تقليدي.. وتراكيب خالية من الجدة، وأخرى قصيرة جدا تطرح ذات الفكرة بذات التقليدية! ولكن بعدد أقل من الكلمات؟! هل هو الشكل فحسب؟!إ فإن كان كذلك فبئس للنصوص التي تخلق أجنحتها من فلين هش!.

الكتابة لذة لا يحسنها إلا من تحرر من ربقة الشكل وهو يكتب، ومن قيد المستطيل وهو ينتج نصه. الكتابة لذة لا تعبر بدرجاتها السبع إلا من وجد في روحها مكانا لنصه، وهذه الرؤية لن تتأتى لكاتب يرى التجديد في كتابة قصة قصيرة جدا معتمدا على عدد الكلمات لا غير!

* الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة