Culture Magazine Thursday  17/11/2011 G Issue 352
فضاءات
الخميس 21 ,ذو الحجة 1432   العدد  352
 
«نسقنة الانتخابات» و «ولاية الأديب» -1-
سهام القحطاني

ثمة أمور تتدخل في تقديرنا لنتائج الأشياء، بما يعني أن خاصية الحكم تظل غير كافية لتقرير الحقيقة، وأقصد بالحقيقة هنا «ناتج الفعل» المعترف به وفق الاستناد إلى جملة من «المؤثرات المضمرة» التي تُنتج التقرير ولا تُصيغه.

وهذه المؤثرات هي التي تتدخل في تقديرنا لنتائج الأشياء، والتدخل هنا يتضمن نوع التقدير وقيمته وتأثيره، وهي ثلاثية عادة ما تدفع إلى الاختلاف في تقويم «نتائج الأشياء» سواء المستند إلى «ظن المخادعة» أو «ظن الاشتباه» أو «ظن الازدواج» أو «ظن النموذج الخاص والعام» أو «ظن الإفادة» أو «ظن سد الذرائع» أو «ظن تحقيق الاستحقاق» أو «ظن العلليّة».

وما أقصده بالظن هنا هو «المعيار الذي ينبني عليه نوع التقدير وقيمته وتأثيره».

وبالتالي فإن البيان العام لتقدير نتائج الأفعال بما فيها الأنظمة لا تلتزم بأحادية وحدّة الصواب أو الخطأ، إنما بحدّ الاكتمال أو حدّ النقصان وبكفاية المساواة أو عدم كفايتها وبتحقيق التوازن النوعي أو عدم تحقيقه وبمطابقة التكافؤ بين متعادِلين أو عدم المطابقة.

وتلكم هي ما يمكن أن نقول عنها أنها العملات المسكوكة لتقدير نتائج الأشياء، أو هكذا أعتقد.

وهي عادة ما تهدف تلك العملات المسكوكة إلى إعادة صياغة تصور العلاقات النسقية بين الأشخاص وإعادة توزيع الأدوار الوظيفية بينهم عبر آليات التوازن والإحلال والاستحداث.

وهنا سنجد أنفسنا أمام تغير جذري «لبنية العقل النسقي».

والانتخابات كآلية للديمقراطية تكشف بصورة جلية «بنية العقل النسقي» للمجتمع، لأنها تصرح بالمضمر الذي يؤثر في إنتاج تقدير نتائج الأشياء، وهنا المضمر يقوم بوظيفة «المجرى» نيابة عن العقل النسقي من خلال إنتاجه «آنية سلوكية» أو «مجموع من الأواني السلوكية» تنبني وفق أحد ظنون إنتاج ماهية التقدير ونوعه وقيمته وتأثيره.

وأي مراقب للانتخابات الأدبية ومقوم لنتائجها يجب ألا يتجاوز العتبة التنظيرية السابقة ليستطيع ضبط مؤشرات الإزاحة والإضافة لهذه التجربة الجديدة على المجتمع الثقافي.

وهناك جانب بلاشك يسهل علينا تطبيق «عملات تقدير نتائج الأشياء» وأقصد «المرأة/ الأديبة».

ولو بدأنا بتحديد نوع القيمة والترتيب هنا تدليلي بمعنى أنه يتضمن ما يسبق ويُمعيّره، وليس تتابعيا سأقول هل وصول «المرأة الأديبة» إلى مجالس إدارات الأندية الأدبية يمكن اعتباره «إنجازا»؟

فالإنجاز هنا قيمة للتقدير، يحمل عملتي كفاية المساواة أو عدم كفايتها ومطابقة التكافؤ بين متعادِلين أو عدم المطابقة.

وتحديد قيمة الإنجاز تعتمد على مكتسب قيمة المشروع الرئيسة، مشروع «الديمقراطية الثقافية» ونوع «التأثير الذي تنبني عليه قيم العملات» ومسار تداولها.

ورغم أن الانتخابات الأدبية أوشكت على الانتهاء إلا أننا لم نتعلم ما يجب أن نتعلمه من «درس الديمقراطية»، أو هكذا أعتقد.

لأننا حتى الآن لا نعرف ما هو المفروض الذي يجب أن تنتجه الانتخابات الأدبية، وقبل ذلك ما هو المفروض الذي يجب أن تعتمد عليه الانتخابات الأدبية.

وغياب ما يجب أن يُعرف وما يجب أن يُنتج هو الذي ضيّع علينا الإفادة من مكتسبات «عملات سلم تقدير النتائج».

وقد يقول البعض: إن هذا الكلام جاء متأخرا أو جاء في الوقت الضائع، ولا أظن أن القول السابق صحيح؛ لأن تقويم الأمور لا يرتبط بزمن فهو فاعل تطوير ولذلك فهو ذو قيمة مستمرة.

لاشك أن البحث عن الإفادة من مكتسبات «عُملات سلم تقدير النتائج» في مرحلة الانتخابات الأدبية من السهولة ضبطه من خلال نموذج «المرأة/ الأديبة».

لكن قبل الخوض في هذا الجانب أريد توضيح المقصود بالإفادة هي «معرفة الصفات الجديدة التي أضيفت إلى» الآنية السلوكية « الممثلة لبنية العقل النسقي» ، أو «معرفة الصفات التي طُرحت من «الآنية السلوكية لبنيوية النسق».

والمرأة خير من يعكس تلك المعرفة.

ولذلك سأركز على «المرأة/ الأديبة».. أو ما كانت تُسمى قبل الانتخابات وسقوط النظام الثقافي «بالمثقفة»، فأنا أعتبر كل من اشتركت في الجمعيات العمومية للأندية الأدبية وفازت بعضوية مجالس إدارات الأندية «أديبة» أو «مثقفة متحولة إلى أديبة»، كممثل للمسلّمة العرفية الكبرى لبنية العقل النسقي، وما سأركز عليه هل استطاعت الانتخابات أن تغير العقل النسقي لدينا فيما يتعلق بدور المرأة الثقافي على مستوى المشاركة قي رسمنة صناعة القرار الثقافي؟، أو «إضافة عُملات»أنتجت «آنية سلوكية» أوجبّت إضافة؟.

أم أن الانتخابات سقطت في آنية «النسقنة»؟ وخسرت «رهان فرض التغير على العقل النسقي لدينا» وعززت «ولاية النسق الفحولي» على المشهد الأدبي؟.

فالمرأة هي التي تمثل مصدر تحدي تغير العقل النسقي لأن «التمييز ضد المرأة» هو إحدى دعائم العقل النسقي، وبذلك يكون إلغاء ذلك التمييز هو أهم مؤشرات تغير العقل النسقي، أو عُملات الآنية السلوكية لبنية النسق، مما يدخل ضمنا في الحديث عن «قيمة إنجاز» مشروع «الديمقراطية الثقافية في السعودية، وهل الاشتباه سبق التأكيد؟ والخداع سبق الصدق؟.

وأن لا عزاء للأديبة في ظل استمرار «ولاية الرجل» على المشهد الأدبي.

جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة