Culture Magazine Thursday  16/06/2011 G Issue 346
قراءات
الخميس 14 ,رجب 1432   العدد  346
 
انطباعات عن روايات (4)
د. حمد زيد الزيد
-

الإرهابي 20

عبد الله ثابت

دار المدى 2006م

يبدع لنا هذا الكاتب الناشئ عملاً روائياً وأدبياً جيداً إلى حد معقول ومقبول ومؤثر إن كان من حيث الأسلوب أو اللغة أو البناء الروائي شبه المحكم.

يحاول الكاتب أن يكتب سيرة ذاتية - كما يبدو - على شكل رواية كما فعل قبله الكثير من حديثي الكتابة في هذا اللون من السرد، ويتطرق الكاتب إلى مشكلة معاصرة تقض مضاجعنا هي قضية الإرهاب وعلاقة المدرسة والبيت والمجتمع ممثلاً في المخيمات والحلقات والمجموعات المتلبسة بالدين كقشرة لدوافعها الإجرامية الكامنة والمحركة من قوى ظلامية محلية وخارجية تريد تدميرنا من الداخل.

لا شك بأن عبد الله ثابت مؤهل لأن يصبح روائياً جيداً ولامعاً في المستقبل إذا طور فنه وروض جلده واندفاعه لكتابة سيرة ذاتية وليس رواية ذات أبعاد إنسانية وفضاءات واسعة وليست كالسيرة محدودة الأبعاد والآفاق.

الآخرون

صبا الحرز

دار الساقي 2007م

اشتريت هذه الرواية بأكثر من 50 ريالاً من دبي وكنت قد استكثرت الثمن لشرائها في معرض جدة للكتاب في العام الماضي مما يدل على أن الناشرين العرب يستغلون اندفاع كتابنا الناشئين وتعجلهم نحو الشهرة وتوظيف العيوب الاجتماعية والإنسانية في الابتزاز التجاري الذي لن ينال المؤلف منه إلا الفتات المادي والسمعة السيئة.

لا يهم.. فالموجات الجديدة كالفقاعات لا تلبث أن تنتهي لأن قانون الوجود: أن البقاء للأصلح وفي القرآن الكريم: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}.

قرأت الرواية بتشوق لاكتشاف الجديد من مؤلفة جديدة ومن المنطقة الشرقية ومن الفئة الشيعية وكل هذا محبب وليس غمزاً أو لمزا - عليم الله -؟!

وفي بيروت قرأت لكاتبة أو كاتب - الله أعلم - من نفس المنطقة والفئة سمى أو سمت نفسها بـ(ليلى الحلاج) وهو اسم حركي (محجب) كما يبدو للعيان! وهي بعنوان (القرآن المقدس) وهي رواية - كما سماها الناشر - مختلفة في كل شيء ولكنها تندب بطريقة كربلائية حظ إخواننا في (الغيتو) المذهبي الذي أدخلهم التاريخ الفارسي والشعوبي فيه؟! ولم يستطيعوا الخروج منه ولا للأسف حتى الآن.

وأقول هم هنا وبكل محبة وبروح ليبرالية صافية وأدعوهم إلى الخروج من هذا الغيتو الذي لا نهاية لآلامه ومآسيه المتجددة كل عام في عاشوراء!؟

ولكن ملالي الظلال كقساوسة أو أحبار أو مطاوعة الفئات الأخرى هم سبب البلاء وأصل الداء ويرتزقون من بقاء الحال السيء لأنه مصدر عيشهم ودورهم المعنوي.

لقد خرج الإنسان بعلمه من أرضه إلى الفضاء الرحب والكون العريض (لا تنفذون إلا بسلطان) - أي يعلم - فاكتشف الكواكب والمجرات وانعتقت روحه من الأغلال وفكره من القيود فلماذا لا نخرج - وقد تعلمنا ووعينا - من غيتو المذهبية الضيق والتقوقع البغيض إلى رحابة الدين والوطن والإنسانية والعالم؟!

نعود إلى رواية (صبا) التي تملك ككاتبة كل الأدوات المشروعة لتكريسها مستقبلاً روائية ناجحة ربما بشرط: أن تخرج لفضاء الرواية الرحب وتوظف المحلي في العالمي والخاص في العام.. وتجعل موضوعها محوراً لعمل كبير خالد البقاء والأثر والتأثير.

لقد أعجبني إشراقة بيانها وجهدها الكبير على المضي في الكتابة لأكثر من ثلاثمائة صفحة مشدودة.. الخيوط رغم كل الآلام المفتعلة والآثام والانحرافات والشذوذ المختلقة لجعلها بقصد مع المؤلفة أو مسايرة للتيار ودار النشر (المخرج عاوز كذا) والإسراع للأضواء رواية (فلاش) ولكن (الفلاش) غير الإضاءة الدائمة، وقدح الزند غير اللهيب؟!

إنني أشيد بشجاعة المؤلفة كأنثى مقموعة في مجتمع محافظ وبطريكي، على أنها تطرقت لأشياء يعتبرها المجتمع والدين والقيم منكرة كالسحاق كما تطرقت إلى أشياء جميلة كالحب والعاطفة الذي جمع السني النجدي بالشيعية القطيفية! وهذا هو السباق الطبيعي لحركة المجتمع والحياة أو هو ما يجب أن يكون لا ما هو كائن، ومن هنا تأتي قدرة الأدب على التغيير للأفضل وقدرة الكاتب على جرّ القارئ من الماضي والحاضر للمستقبل.

لقد حاولت الكاتبة محاولة أولى في دنيا السرد فهذا عملها الأول ولم نسمع باسمها من قبل في دنيا الكتابة أو الصحافة فمرحبا بها على طريق الألف ميل كاتبة مبدعة ومثقفة واعية تقدمية.

ملامح

زينب حفني

دار الساقي 2006م

هذه كاتبة سعودية من جدة مما كرّس اسمها ككاتبة متنورة في ليل اجتماعي مدلهم وطويل!؟

نشرت من قبل مجموعة قصص قصيرة بعنوان (نساء عند خط الاستواء) والعنوان جميل ولكنني بعد قراءتها تخلصت منها لأنها لم تعجبني من حيث الصياغة الفنية والأدبية.

أما ملامح فهي غير! لأن جدة وبناتها المتنورات - أيضاً - غير! إنها رواية اجتماعية تكاملت فيها تقريباً شروط الرواية الجيدة التي تتطرق إلى مواضيع إنسانية مؤرقة.

لقد استطاعت الكاتبة أن تخرج لنا عملاً جيداً يستحق الإشادة والقراءة.. وأن تتطرق إلى الكثير من المسكوت عنه في مجتمعنا ولكن بطريقة أكثر واقعية ومنطقية من سيل القصص والروايات الفضائحية التي ظهرت علينا مؤخراً ولا تتمتع بالفن الروائي في معظمها.

أنا لا أستعرض أو أنقد في هذه العجالة وإنما أدلي برأي الكاتب وانطباع الأديب في كل ما استعرضته سابقاً من روايات جديدة.

إن ملامح تحكي بسرد يشبه السيرة وبصدق ظاهر عن ملامح لشخصيات إنسانية ومجتمع معقد بسيط انتقل في مرحلة الطفرة من الفقر إلى الغنى فتحطمت الكثير من قيمه.

وهي وإن تحدثت عن شريحة معينة لا تنطبق في صورتها على كل أو حتى معظم المجتمع السعودي فإنه لا ضير بأن يكون عندنا، بل وفي كل المجتمعات الإنسانية منذ الأزل وحتى الأبد مثل هذه السلبيات التي تصل إلى حد الموبقات من الناحيتين الأخلاقية والدينية.

الكنز التركي

سيف الإسلام بن سعود

دار الفارابي 2007م

قرأت هذه الرواية - التاريخية الموجعة بسرعة ومتعة إلى درجة أنني وودت لو أن صفحاتها التي زادت على 230 صفحة لم تنتهي، فهي ممتعة على الرغم من كونها مؤلمة، وهي تكرّس كاتبها كروائي أنتج ثلاث روايات وهذا في رأيي يؤهله لتتويجه بهذا اللقب بالإضافة إلى لقبيه العلمي والاجتماعي الكبيران!

يبدو الكاتب في روايته حالماً ومتألماً ومحبطاً من الواقع الفاسد والماضي البائس ويصوّر ببراعة الحالتين بالتصريح والتلميح ويضمّن السياق طرفاً من سيرته الذاتية تحت اسم وهمي لإحدى الشخصيات في روايته وهو: مهند السعدي أي (سيف السعودي) وبتفكيك أكثر (سيف الإسلام آل سعود) وهو اسم الكاتب البارع حقاً ولكن على الطريقة السعودية المحجبة؟!

لن أدخل في التفاصيل لأنني - كما ذكرت سابقاً - أعرض انطباعاتي عن هذه الروايات الممنوعة بسبب جهل الرقيب وحساسية بعض المسؤولين إلى درجة الجرب؟!

حرام أن لا تدخل مثل هذه الرواية إلى وطنها! وحرام أكثر أن يوكل الأمر لغير أهله - فلننتظر الساعة في هذه الحالة أو (الخرّاش = ساعة المنبه) لإيقاظنا أخيراً؟!

عابر سرير

أحلام مستغانمي

دار الآداب ط5 2006م

سمعت بهذه الرواية كثيراً ككاتبة متمردة على الواقع المعاش واتهمها البعض بالشطوح والتطرف وإن الشاعر العراقي في المنفى: سعدي يوسف يكتب لها؟! وهذه التهمة الشماعة ألصقت بكثيرين كسعاد الصباح مع نزار قباني.

ومن هنا لم أتحمس لقراءتها وقد رأيت بعض كتبها في المعارض وبعض المكتبات من قبل كذاكرة جسد وفوضى الحواس، ولكنني أعترف بأن العنوان أولاً واسم الكاتبة ثانياً هو الذي شدّني لشراء هذه الرواية من إحدى مكتبات المنامة - البحرين صدفة. ولما قرأت هذه الرواية القوية والمؤلمة والجيدة حقاً قررت أن أقرأ لهذه الكاتبة المدمرة كالقنبلة أو كالبلدوزر لكل ما يقف أمامها من قيم اجتماعية وسياسية بل وأخلاقية مختلة.

وبما أنني عشت في الجزائر عام 1972م أي قبل ظهور الكاتبة ربما للوجود فإنني تألمت وتعاطفت وتفهمت لمعظم ما جاء في روايتها الجيدة حقاً - لانني عرفت أثناء إقامتي في البليدة بالوسط الجزائري لمدة عام دراسي سيكولوجية وعقد وميزات هذا الشعب الحديدي الذي قهر الاستعمار الاستيطاني البغيض وبعد موت ديكتاتورية الرئيس: (أبو مدين) ومخابراته قهر نفسه وفعل فيها الأفاعيل وزاد في ساديته حتى على الأعداء؟!

لقد نضج الفن الروائي عند الكاتبة في هذه الرواية - في رأيي - وما دامت قد كتبت قبلها اثنتان أو ثلاث محاولات فيجب على أي كاتب أو كاتبة بعد ذلك النضوج أو الاعتزال. لكن أكثر ما يلفت في هذه الرواية - غير موضوعها - لغتها العربية القوية واستعاراتها واستطراداتها الكثيرة مع أنها مليئة بالحشو اللغوي والشرح والإسهاب بطريقة غير مباشرة توحي بلغة مبطنة أو استبطانية تتقمص فيها الكاتبة المواقف والأبطال والأفكار، وتخلط فيها بعض مواقفها ومبادئها وذكرياتها بالسياق.

ليتها اختصرت بعض النص الطويل (أكثر من 300 صفحة) إلى النصف.. إذن لخرجنا برواية - كبسولة تكفي لإيلامنا وإمتاعنا ودعوتنا للتفكير.. وهذا ما يتوق إليه فن السرد الروائي.

عندما خرجت من الجزائر مغاضباً في صيف عام 1972م بعد قضائي عاماً دراسياً كمدرس بثانوية التعليم الأصلي بالبليدة (المختلطة) وتقديمي لاستقالتي بعد أن نلت شهادتي شكر من الوزارة والملحق السعودي، ذهبت آسفاً وغاضباً في نفس الوقت على هذا البلد الجميل الذي يتمتع سكانه - على الأغلب بقدر لا بأس به من خشونة الطبيعة وسوء العشرة والنكد؟! وكنت على سبيل المزاح والسخرية أجيب عندما أسأل عن هذا البلد: بالقول إنه جنة تسكنها الشياطين!!

وشعرت بأن هذا البلد سينفجر من الداخل فقد كان كالبركان الخامد وهذا ما حدث لاحقاً، وبعد قراءتي لهذه الرواية الجارحة، عاد إلي الهم الجزائري المتمثل في النظام السياسي الفاسد والواقع الاجتماعي والديني السيء الذي أفرز الإرهاب، ورغم الإرث النضالي الطويل وتضحيات الجزائريين الباسلة فإن الشعوب كالأفراد تصاب بنقص المناعة والأمراض والوهن.. مما يجعلها عرضة للفتن والحروب الأهلية والموت البطيء.

لقد حزنت كثيراً على وضع هذا الشعب الذي منحته الطبيعة أرضاً جميلة وخصبة وغازاً وبترولاً وبنية تحتية لعلها خير ما تركه لهم الاستعمار الفرنسي الغاشم، وعموماً فإن الكاتبة جعلتني مع الشعور بالألم أتعاطف مع هذا الشعب القوي الجبار كالشعب الفلسطيني وأحزن على سوء مصيرهما ومأساتهما الطويلة؟!

انتهت

-

+ - بيروت

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة