Culture Magazine Thursday  05/05/2011 G Issue 340
فضاءات
الخميس 2 ,جمادى الثانية 1432   العدد  340
 
ذكرياتي معهم
عبدالله بن محمد بن خميس
د. حمد الزيد
-

رأيت الأديب ابن خميس لأول مرة في منزل أحد الأصدقاء بالطائف عام 1400هـ - 1981م، وكنت أتوق إلى التعرف عليه ورؤيته؛ فقد كان اسمه يملأ الصحافة وموجات الأثير والكتب، بوصفه واحداً من أعلام الأدب والشعر بنوعيه الفصيح والنبطي، ليس في المنطقة الوسطى وحسب بل في كل البلاد، وأظنه ليس بمجهول في البلاد العربية الأخرى، ولاسيما في مصر؛ فهو عضو مراسل لمجمع اللغة العربية هناك منذ سنوات. بدا لي الرجل هادئاً.. يتكلم بحساب.. لطيفاً.. أسمر قد تعدى الستين. وبعد المقابلة الأولى لم أره طيلة عشر سنوات تقريباً؛ إذ كان يسكن في الرياض ويصيّف بالطائف حيث درس في معهد دار التوحيد الذي درست فيه فيما بعد، وله في الطائف ذكريات وصهر؛ لذا اشترى فيها داراً وداوم على المجيء لها كل صيف.

وبعد استقراري في الطائف بعد التقاعد صرت التقيه في النادي الأدبي أو في أنشطة برنامج التنشيط السياحي، وقد زارني مرات عدة في داري بقروى، كما زرته في بيته بالردف بالطائف، ومعي بعض الأصدقاء، كالأديبَيْن: عبد الرحمن المعمر وحماد السالمي.

وفي كل مرة التقي فيها به أو أطلع على بعض كتبه أو أسمعه في الإذاعة أشعر بأنني أمام أحد الموسوعيين الذين أصبحوا قلة في هذا الزمن الذي ساد فيه الاتجاه للتخصص حتى بين الأدباء والمثقفين الكبار، وأظن أن هذا النوع من الموسوعيين هم في طريقهم للانقراض ويا للأسف؟!

وعلى الرغم من الفارق الكبير بيننا في السن والاتجاه إلا أنني أحببت هذا الأديب الواسع الاطلاع، الغزير الإنتاج، لكنني لم أوافقه على تحمسه للشعر الشعبي (العامي)، وقد عبّرت عن ذلك له مرة، فالأستاذ عبدالله متحمس لمثل هذا النوع من الشعر، وقد دافع عنه في مجمع اللغة العربية بالقاهرة ساعات عدة في نقاش صاخب، ويعتبره أحد روافد اللغة العربية، وخصوصاً ما ظهر منه في الجزيرة العربية.. وفي المجتمعات التي تغلب عليها البداوة. وأعتقد جازماً أن لتكوين ابن خميس الثقافي وسنّه ونشأته في نجد، كل ذلك له دخل في تعصبه وتحمسه لهذا اللون من الشعر الذي يساعد على هدم اللغة الفصحى، ويشيع الفكر العامي والاتجاه العشائري المتخلف في المجتمع! في وقت تكافح فيه الثقافة والتعليم والكتب في تشتيت العامية والقضاء عليها في الثقافة العربية، إضافة إلى أن الفصحى هي لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنة، ولم ينزل القرآن مثلاً باللهجات المحلية للقبائل؛ لأن اللهجات حالة مؤقتة في مسيرة الشعوب نحو الارتقاء الحضاري، وكلما تقدمت اللغة تقدم الفكر وانعكس ذلك على السلوك البشري، وساعد التمدن والتقدم الثقافي.

والأستاذ ابن خميس يتمتع كنظيره العلامة حمد الجاسر بذاكرة قوية وذكاء فطري، ولكن الجاسر أقوى منه شكيمة وأصلب رأساً! وأعنف في المعارك الأدبية، والقناعات الفكرية، ومن الغريب أن ابن خميس لم يصطدم بالجاسر أبداً - حسب علمي -، وظل يراعي الجاسر ويتحاشاه ويكبره؟!

ولعل جهوده في إشاعة الأدب الشعبي بدأت بنشره ديوان «راشد الخلاوي»، ولا يقل عنها ما قام به من أجل كتابة «تاريخ اليمامة» في أجزاء عدة والجغرافيا التاريخية في «المجاز بين اليمامة والحجاز» والأدب في «الشوارد»، وغيرها كثير؛ فقد زادت مؤلفاته على العشرات.

وهو شاعر وناظم بالفصحى، ويجيد شعر المناسبات، كما أنه من الأدباء والمثقفين التقليديين، ومن رجال الصحافة في المنطقة الوسطى، وساعد في تأسيس مجلة الجزيرة التي أصبحت جريدة يومية فيما بعد.

كتبتُ عنه في كتابي «كاتب وكتاب»، وأهديت له بعض كتبي، منها «شعراء آل زيد وشعرهم» الذي يضم تراجم ونصوصاً بالفصحى والعامية لعشرة من شعراء عائلتنا، فلم يكتب عنه أو عن كتبي الأخرى حرفاً واحداً، ولم يقرّضها كما تمنيت وتوقعت؟! إلى جانب أنه لم يحدث أن أهداني واحداً من كتبه! وكنت أنتظر منه ذلك كبادرة متوقعة، تحدث بين الكتّاب والأدباء؟!

-

- جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة