Culture Magazine Thursday  02/06/2011 G Issue 344
قراءات
الخميس 30 ,جمادى الآخر 1432   العدد  344
 
انطباعات عن روايات (2)
د. حمد زيد الزيد
-

شيكاجو

علاء الأسواني

دار الشروق 2007م

أعطانيها أحد الكتبية في جدة قبل شهر وقال لي: اقرأها وأعدها! فشكرته لأنها ممنوعة وكل ممنوع مرغوب - كما يقال - وعجبت بعد قراءتها كيف يتم منع مثل هذه الرواية الرائعة ولكن (قلم المطبوعات العصملي) أبخص.. ولله في خلقه شؤون؟!

ولكنني بعد قراءتها بشهرين تقريباً وجدتها في إحدى مكتبات جدة المشهورة؟ لن أستعرض الرواية أو أنقدها في هذه العجالة وإنما أشير إليها إشارات عابرة - والحر تكفيه الإشارة -! فبعد عمل المؤلف - الأول الذي شهره (عمارة يعقوبيان) لم أكن أعتقد أن كاتباً غير متخصص ولا متفرغ للكتابة الأدبية أو الروائية مثله سيستطيع إصدار رواية ثانية ولكن أجود من الأولى، وهذا يدل على موهبة الكاتب وقدرته وصبره على كتابة رواية طويلة ومؤثرة مثل هذه تربو صفحاتها على الأربعمائة وخمسين صفحة.

لقد وجدت متعة وألماً في قراءة هذه الرواية وودت لو يقرؤها كل من فتن بالحياة الغربية - الأورو - أمريكية - وأعتبرها مثالاً يحتذى في الاستقرار الاجتماعي والسعادة الأسرية والحرية والعدالة والمساواة.

ومع أنني عشت في أمريكا سنة وفي بريطانيا سنة وزرت معظم البلاد الأوروبية فإنني لم أكن معجباً بالحياة الاجتماعية والأسرية لديهم، وهذا لا يمنع بالطبع من الإعجاب بالتقدم التقني والمدنية والتمدن الذي وصلوا إليه وحكم المؤسسات والقانون.

نعود إلى الرواية الرائعة حقاً فنقول إن فيها فنا روائياً ناضجاً ودراما ونهايات معقولة لأبطاله.. ومعالجة لمواضيع فكرية تشغل بال المثقف وغيره كازدواجية الشخصية عند رأفت ثابت وفقد (شيما) المحجبة لعذريتها ومن ثم شرفها ودينها بعد تركها وطنها، والنقد اللاذع حقاً الذي يوجهه المؤلف بطريقة تجريحية لرئيس بلده مما يخرجه من النقد البناء إلى الشتم والسخرية.

إختلاس

هاني نقشبندي

دار الساقي 2007م

عرفنا الراوي صحفياً لامعاً ورئيساً لتحرير مجلة (سيدتي) ويبدو لي أنه أتقن فن الرواية منذ البداية إلا إذا كانت هذه محاولته الأولى والأخيرة.

لا تجد ثغرة في أسلوبه أو سرده ولا حتى الصياغة والحبكة ولا في الدرجة العالية من الشجاعة الأدبية والاندفاع الذي يتجاوز كل شيء.. فكأنه حصان جموح غير مسيس؟!

لقــد اســـتطاع النقشيندي بكفاءته البيانية وقدرتـــه الإبداعية وشجاعته في الطرح.. وحديثه الصارخ والنــــاقد للمسكوت عنــه في مجتمعه المحـــافظ المنغلق على عاداته وتقاليده المخلوطة تبريراً بعبق الدين أن يخرج رواية رائعة أرجو أن لا تكون كما يقال (بيضة الديك) مع أنها كبعض الشاي الأصلي: فنجان واحد.. يغنيك عن عشرة! وتحيتي الحارة للمؤلف وللرواية.

المطاوعة

مبارك الدعيلج

رياض الريس للكتب والنشر

رواية صغيرة الحجم ولكن موضوعها كبير، فهي تتطرق بلقطات خاطفات (أكشن) للمسكوت عنه في مجتمعنا كجذور الإرهاب منذ التعليم المبكر إلى مخيمات الدعويين وحلقات التحفيظ ثم إلى هيئة المطاوعة المتهمة بالقمع الاجتماعي وممارسات كثيرة خاطئة.

يغلب على الرواية إن صح لنا تسميتها بذلك - التقرير والسرد الإنشائي وتكثر فيها الألفاظ والكلمات الدارجة (العامية النجدية بالذات) مما اضطر المؤلف إلى حشو وحشر هوامش في الصفحات للترجمة من العامية للفصحى؟!

أجدها تدق ناقوساً في ليل طويل بدأت تباشير فجره تنبلج فدوام الحال من المحال! - كما يقال - ولكل أجل كتاب، ولكنها تفتقر إلى الفن الروائي الناضج والحبكة السردية المتمكنة وهي تصلح أن تكون قصة طويلة وليس رواية هي على ما أعلم الأولى لكاتب مغمور أراد أن يرفع صوته وأن يصفع مجتمعه المتململ، ويبدو أن إخلاص الكاتب لرأيه ولمحيطه جعله يجهر برأيه بشجاعة وإن كان على شكل منشور روائي؟!

عرق بلدي

محمد المزيني.

الانتشار العربي 2006م

هذه الرواية بلغت درجة عالية في الوصول إلى النجاح كرواية أولى للمؤلف، وككاتب مخضرم فإنني أسعد بظهور كاتب كاتبة ينشر كتاباً ناضجاً في القصة أو الرواية أو الشعر، ويكون للمرة الأولى في النشر متمكناً من فنه الذي يكتب فيه بحيث يبقى العبق والانطباع مدة أطول لدى القارئ وحتى الناقد، فالكاتب كالغذاء أو الدواء بعضها لذيذ ونافع وبعضها يضر ولا ينفع كالغذاء الذي يؤدي إلى التخمة أو الملوث أو الدواء الذي في غير محله أو انتهت صلاحيته.

من هنا نرى بأن المزيني في هذه الرواية الجيدة أتقن فن السرد الروائي - القصصي بدرجة معقولة ومشوقة أحياناً وكشف المستور عن ممارسات بذيئة تحدث تحت السطح الاجتماعي والأستار الأنثوية.. وهذا هو الواقع الإنساني فالبشر بشر وليسوا ملائكة أو شياطين منذ البدء وحتى النهاية والذين يرونهم غير ذلك أو كاملين الأوصاف هم من الواهمين الساذجين.

يبدو لي أن هذه الرواية بداية ناجحة لروائي أو قصصي يمكن أن يضع اسمه على خريطة هذا النوع من الأدب في بلادنا.

-


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة