Culture Magazine Thursday  02/06/2011 G Issue 344
أقواس
الخميس 30 ,جمادى الآخر 1432   العدد  344
 
أبو راشد في براغ
-

لم يكن أبو راشد ذلك الفرَّاش البسيط يتوقع أن يكون بطلاً في أحد مسارح براغ، ولكن هذا ما حدث، فقد شاهد كثير من مثقفي وجمهور براغ، شاهدوا أبو راشد على مسرحهم، أبو راشد ذلك الفرَّاش العصامي الذي كان يعمل في إحدى الوزارات، والذي كان ينام بلا قوت في ليالي البرد من أجل تعليم أطفاله، كان يحمل دلته ويتوجه بها إلى المدير العام عدة مرات كل يوم، وكأن الدلة قد تحولت إلى سيف يخوض بها معركة الحياة.. أبو راشد مرَّ به مديرون كثيرون طيلة خمسة وثلاثين عاماً وكان مكان التقدير والاحترام والمحبة، فرغم عن كونه فراشاً إلا أن بداخله فارساً وبين جنبيه قلباً يجمع بين الرحمة والشجاعة والإباء..

استطاع بكفاحه أن يعلم أبناءه، وكانت حياته مرتبطة مع إيقاع آلة الطباعة التي بجواره تماماً، فقد كان هذا الإيقاع هو عداد الزمن الذي كبرت معه أمانيه وطموحاته..

وذات يوم انقلبت الأوضاع فجاء رئيس جديد، رئيس تعلم في الخارج ولكنه لم يتقن فن الإدارة الغربية ولا هو بذلك المدير التلقائي الذي يعمل بالفطرة الأخلاقية، وكان المدير الجديد يقسو جداً على «أبو راشد»، وذات مرة تمادى في قسوته وقال له: أنت حشرة.. فتحول ذلك المسالم أبو راشد إلى أسد.. وكاد يصفع الرئيس ولكنه وجد أن يده أنظف من أن يلوثها بصفعة على وجه ذلك المدير المغرور..

وذهب فوراً إلى طابع الآلة وأملى عليه استقالته وخرج من الوزارة وهو يصغي إلى ايقاع حذائه ممتزجاً بإيقاع الآلة، وعند باب الوزارة نظر إلى تلك النخلة الباسقة وتذكر أنه هو الذي غرسها، وسار يصغي إلى إيقاع أقدامه وهو مرفوع الرأس.

هذه القصة صفق لها الجمهور التشيكي وهي للكاتب والقاص السعودي عبدالله الناصر، حيث ترجمت القصة عن دار بن رشد، وقد وقعت صدفة في يد مترجمها الدكتور شريف مبحوح، وتم عرضها في مسرح كامبا قريباً من جسر «شارل» على نهر الفولغا..

مرحباً بك «أبو راشد» في براغ.

-


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة