Culture Magazine Thursday  28/01/2010 G Issue 296
فضاءات
الخميس 13 ,صفر 1431   العدد  296
 
عربات النقد ومحنة الكتاب
منذر بدر حلّوم

النقّاد لا يشترون الكتب. الكتب تهدى إليهم! فالقراءة منّة الناقد على المؤلّف. النقّاد لا يبحثون عن الكتب. الكتب تبحث عنهم وتُقرئهم نفسها, ولكن ليس بنفسها, فهي لا أرجل لها تمشي عليها ولا تخلع إزارها من تلقاء نفسها. وليست العلّة في ما لا يُقرأ أو ينقد, وال(نقد) هنا يصح بمعنيين, إنّما في كيفيّة وصول ما يُقرأ إلى مائدة (الناقد).

ما أكسل الكتّاب وما أشد نرجسيتهم!!- يقول ناقد هنا وآخر هناك- لماذا لا يسعون لإيصال كتبهم إلينا؟ فإذا ما ترددوا في عرض كتبهم علينا, فهل نلام إذا سكتنا على ما لا علم لنا به؟! وحتى إذا علمنا, بطريقة ما, بجديدهم وتناهى إلى سمعنا ما يقال عن جودته, ولم نتناوله بكلمة مكتوبة فيجب أن لا ييأسوا, ويجب أن لا ينسوا أن من واجبهم, تجاه كتبهم, أن يعيدوا الكرّة وأن يطرقوا أبوابنا حتى تسنح لنا فرصة الاهتمام بما يطرحون, وما أكثره في السوق!

من واجب الناقد - يقول الكاتب- إذا كان يريد لنفسه مواكبة ما يخرج إلى الحياة, واستشراف آفاق الكتابة, وبالتالي التأثير في توجيه الظواهر التي تتلامح هنا أو هناك, وإنضاج رؤية عنها وبلورتها وإضاءة ما يبشّر منها بجديد متميّز.. من واجبه أن يتابع الإصدارات الجديدة, ويبحث عمّا قد تخفيه أسماء أصحابها غير اللامعة وغير المكرّسة من نزوعات وتجارب أو ملامح جديدة تستحق الدراسة والتأمّل, إذا كان يروم لنفسه الريادة في شقّ دروب جديدة واعدة للكتابة وليس الاعتياش عليها. فكل كتابة نقدية لا تضخ المزيد من روح الإبداع ولا تدفع إلى المزيد منه, كتابة طفيلية قاتلة تنتهي إلى أن تصبح رمّية تعتاش على نصوص ماتت بفضل من الحبر, نحو السواد فيه.

هل لنا بكاتب لا يرى في كتابته فتحاً جديداً - يقول الناقد- صحيح أنّ من حقّ الكاتب أن يرى ذلك, ولكن ليس من حقّه أن يبدد وقتنا بفتوحاته المتوهّمة! فالجهل بما يكتب وينشر في العالم, يدفع كثيرين إلى رؤية جديد في كل ما يكتبون!

ولكنّ كثيراً من النقّاد ليسوا أكثر معرفة من كثيرٍ من الكتّاب بالجديد- يعترض الكاتب- فمن أين لهم أن يعرفوا بالجديد إذا كانوا لا يتقنون أية لغة غير لغتهم الأم, وإذا هم جاؤوا من حاضنة الأدب فمن أين لهم بمعرفة أي جديد لا يقوى الأدب وحده على رؤية ما فيه. أم أنّهم يريدون إيهامنا بكفاية ما يترجم من المعارف التي تؤسس لقول مفيد!

وهل الكتابة حافلة بالمعرفة حتى يحفل بها النقد!؟ يقول قارئ, ويقلب العبارة آخر, وتئن الكتب تحت عجلات عربات النقد وعلى أبواب عروش القصب الذي غادره الماء إلى يباس.

دمشق
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة