Culture Magazine Thursday  27/05/2010 G Issue 312
الثالثة
الخميس 13 ,جمادى الآخر 1431   العدد  312
 
إمضاء
معالي الإنسان

سيرته نجاح، وذكرياته فشل، ولا تكاد تكمل صفحة دون أن ينسب لنفسه إخفاقا، ويحرمها استحقاقا، وهو لا يدعي تواضعا؛ فهذه سمته التي عرفه بها من دنا، وتناقلها من نأى؛ فلم يُغْره منصب أن يفخر، ولم يدفعه جاه كي يظهر، وظل شامخا كنخلة تهب الظل، وتسمق في العلياء.

ينكر ذاته، ويتجاهل صفاته، لكن الناس يعلمون فيذكرون، وهو درس لمن يعلنون؛ فلا جدوى من ثناء مستأجر تدفع قيمته ثم تنسفح قمته؛ إذ حظوة ذي المال والحال رهن بحاشية تنتفع، وأعلام ترتفع، وحين تجيئ الحقيقة المرة بإقعاد أو إبعاد ينفضُ السامر ويخبو السمر.

ارتقى كرسيا عاليا فازداد دنواً من الناس وشكراً لرب الناس، واختار - ببصيرة إرادته ووعي إدارته - أن يترجل من الموقع المرئي ليفرغ لكتابٍ افتقده، ووصلٍ قصر فيه، وحياة مطمئنة لا يدرك جمالها من ألهاهم النشب والصخب.

قبل خمس سنوات (آذار 2005 م ) كتب صاحبكم عنه مستعيدا حكاية تقع في دائرة نبله ورقيه وتساميه حين أعددنا عنه ملفا فخشينا عتابا جديدا يكمل آخر قديما، ومداره نشر منصبه إلى جانب اسمه، ولكم أن تكملوا الحكاية :

لم يكن (العتاب) أول ما قاد (المودة)، فقد عمرت منذ أمد في ذهن ناشئ استوقفه (مسلم المسلم)، وتساءل: كيف يقرؤه: أبتشديد اللام أم بتخفيفها..؟ واستفهم.. لمَ لا يراه رسماً..؟ وتابعه وظلت الأسئلة..!

عرفه، ثم تعرف إليه في (مهاتفة) أولى تلقاها منه عقب احتفال قدّمه صاحبكم وكانت عينُ أستاذنا هي عين الرضا، ثم هاتفه أخرى في لغة عتاب..!

نشرت (المجلة الثقافية) مقالاً له همّشته بذكر منصبه كما قد تفعل في أحايين غير أن (أبا عصام) وهو المُؤْثر غير المستأثر رأى ذلك خروجاً صارخاً على ما اختطّه في حياته، فليست (الأنا) في أوليّاته، وقد كان وما يزالُ نائياً عن الألقاب.. (ألم يكتب في هذه المجلّة عن زهده فيها بل انتقاده لها؟..)

اضطررنا للاعتذار في العدد التالي.. ولكم أن تتخيّلوا عمّ نعتذر، فحين يتسابق (الأقلّون) على (الهمزاتِ) و(الدالاتِ) و(الشيناتِ)، وإذْ يزيدون ويعيدون في الوظائف والعُضويّات نجد في هذا الزمن المسكون بالشكل المخدوع بالعناوين منْ يُؤرقه أن تضاف إلى اسمه سِمةٌ هو بها وبأكبر منها جدير..!

وبين الرضا الحميم والعتاب اليتيم تواصلت وشائج الحب والامتنان لرمزٍ ثقافي نادر فجاء هذا الملف بتكتم، فقد خشينا أن يعرف عنه قبلاً فلا يكفيه عتاب... أما بعد أن يراه فلعله يعذرنا إذا أدرك أن هذا الملف قد جاء باقتراح كريم من أستاذنا الكبير الدكتور (أبي غادة) عبدالله الغذامي الذي أشار على صاحبكم بالفكرة فأعطاه (دفعاً)، ولعله يكمله (دفاعاً) إذا عاتب أبو عصام..

الأستاذ عبد العزيز بن عبدالله السالم (1351 هـ - الدرعية ) المستشار في الديوان الملكي، والأمين العام لمجلس الوزراء، ولمجلس الأمن الوطني، ومدير مكتب وزير المعارف،و الداخلية « سابقا «، والمتخرج في جامعة القاهرة، ورجل الدولة المحظي بالثقة، والكاتب الملتزم اقتنع أخيرا أن يصدر «ذكريات مما وعته الذاكرة « في كتاب صغير يمكن وصفه بأنه مقدمة لسيرته الثرية؛ فهذه دروس أولية أو خطوط عريضة لعلها تكتمل بمشاهدات وشواهد، وحقائق ووثائق.

أبو عصام معني بثقافة القيم كما هو باحث في مآزقها، وقد مثل ويمثل رقما مهما في مسيرة الوطن الإدارية والثقافية؛ فعهد صادقا نزيها، وقرئ مخلصا نبيها.

الحقيقة تختبئ ثم تبين.

ibrturkia@gmail.com
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة